&علي بردى
&

&ارتفع في الآونة الأخيرة منسوب القلق الدولي على لبنان. يكاد يعود مجدداً ساحة استنزاف وتصفية حسابات بين قوتين كبريين في المنطقة: ايران واسرائيل. أخشى ما يخشاه مسؤولو الأمم المتحدة أن يكون التبادل العنيف للرسائل أخيراً هو أول اللعبة الجديدة.
ليس خفياً على الإطلاق أن اسرائيل تلعب بالنار. يعمل رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو على تخريب احتمالات توصل ايران الى اتفاق على برنامجها النووي مع الولايات المتحدة وما تمثله ضمن مجموعة ٥ + ١ للدول الكبرى. يقوض الجهود الاستثنائية التي يبذلها الرئيس الأميركي باراك أوباما. يسعى الى وضع حدود لنفوذ ايران الذي يتكرس عسكرياً في دول عدة عبر الشرق الأوسط. غير أن حضورها العسكري في سوريا - تلك الغارقة في حرب طاحنة - يمثل تحولاً جيوسياسياً استراتيجياً بالنسبة الى اسرائيل.


هاكم بعض ما في الأمر. تمكنت اسرائيل طويلاً من رسم خطوط حمر للنظام السوري، برئيسه الحالي بشار الأسد ورئيسه الراحل حافظ الأسد. نفذت عمليات هجومية واغتيالات واستهدفت منشآت عسكرية وشحنات أسلحة داخل الأراضي السورية. وما كان ينالها سوى الزمجرة والوعيد والتهديد بالرد في الوقت والمكان المناسبين. لا شك في أن دمشق عملت سراً وبحذر شديد على الحاق أذى لم يكن قط وجودياً باسرائيل.
كانت لسوريا الأسد كلمة عليا على جماعات وأحزاب منضوية في محور المقاومة والممانعة. كان الجميع يسترشدون بايران. اختلف الأمر الآن. ينشغل الأسد بايجاد أطراف يتحاور معهم في محاولة لوقف الدوامة التي غرقت فيها سوريا، وفقاً لرؤيته طبعاً. الكلمة الصريحة الآن ايرانية.


حاولت اسرائيل أن ترسم بالنيران والدماء حدود امتداد النفوذ الايراني. انتهكت بصورة فاضحة اتفاق فك الاشتباك الموقع عام ١٩٧٤ كي تستهدف موكب الجنرال الايراني محمد علي الله دادي ومقاتلي "حزب الله" الستة، وبينهم جهاد عماد مغنية. تشبه هذه العملية بمغزاها وضع حدود لما كانت تركيا تريده من أسطول "مافي مرمرة" الى غزة عام ٢٠١٠.
رد "حزب الله" باسمه، ونيابة عن ايران طبعاً، بعملية مزارع شبعا. لعل أخطر ما في هذه العملية أنها تمثل تقنياً، في رأي الأمم المتحدة، انتهاكاً خطيراً للقرار ١٧٠١، رداً على انتهاك اسرائيل تقنياً أيضاً اتفاق الهدنة مع سوريا. هذا مؤذ حصراً للبنان الذي صار عليه أن يتحمل نارياً على الأقل أعباء الجبهتين على الحدود مع سوريا ومع اسرائيل. وفي كلتا الحالين لأسباب خاصة بايران.
في الوقت الراهن، يتناوب المسؤولون الإيرانيون والإسرائيليون على الإدلاء بتصريحات عن أنهم لا يريدون الانزلاق حالياً الى نزاع مسلح واسع النطاق. حتى أن الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله أعلن أنه "لا يريد الحرب" بيد أنه لا يخشاها. لم يعد يعترف بقواعد الاشتباك التي كانت سارية طويلاً.
تتحمل المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ أعباء جديدة لتبادل رسائل التهدئة.
&