&سركيس نعوم
&
كشفت الأخبار الواردة من واشنطن عبر أصدقاء باحثين عودة الاتصال الرسمي بين إدارة الرئيس باراك و"جماعة الإخوان المسلمين". ففي الأسبوع الثالث من كانون الثاني الفائت استقبل رسميون في وزارة الخارجية الأميركية وفداً ضمّ منشقّين مصريين بعضهم منتمٍ إلى "الجماعة" قَدِم إلى الولايات المتحدة من أجل الإعداد لاجتماع أو مؤتمر هدفه توليد معارضة جدية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وقد نظّم الزيارة واستضافها "المركز الدراسي للإسلام والديموقراطية" المعروفة علاقته المزمنة مع "الاخوان"، والمعروف دوره المنتظم في تكوين جماعة ضغط تعمل لتوفير الدعم لهم في الأوساط الأميركية المتنوعة. وقد ضمّ الوفد الدكتور ثروت نافع الناطق الرسمي باسم مجلس النواب في المنفى، والدكتورة مهى عزّام والقاضي وليد شرابي من المجلس الثوري المصري، والدكتور جمال حشمت القيادي في حزب الحرية والعدالة التابع لـ"الاخوان"، والدكتور عبد الموجود دردي. وقد انطلق المجلس في شهر آب 2014 من أوروبا، وهو يحظى بدعم "الاخوان المسلمين" ومشاركتهم في أعماله. والهدف المعلن إسقاط الانقلاب العسكري الذي أنهى حكم الرئيس محمد مرسي بعد 30 يونيو 2013.
طبعاً أفادت الأخبار أن "المؤتمر" الذي عقده هؤلاء في الـ27 من الشهر الفائت في النادي الوطني للصحافة في واشنطن لم يشهد حضوراً كثيفاً ولم يلقَ اهتماماً من وسائل الإعلام. وفي المرات القليلة التي أشارت إليه وجّهت الى وزارة الخارجية نقداً قاسياً ومعها إدارة أوباما لاجتماعها بالوفد "الاخواني".
ماذا يعني ذلك كله؟
يعني، في رأي باحث اختصاصه الأمن الوطني يعمل في صحيفة "الواشنطن بوست" يدعى باتريك بول، "أن الرفض الواسع لـ"جماعة الاخوان المسلمين" في الشرق الأوسط، الذي عُبِّر عنه بقوة في مصر في 30 يونيو 2013، يعني أن هذا الرفض لا تعترف به وزارة خارجية أميركا وإدارة أوباما. وهذه إهانة مباشرة لحلفائنا المصريين الذين يخوضون كفاحاً وجودياً ضد "الاخوان".
كيف بدأت العلاقة الجدية بين أميركا و"الإخوان المسلمين"؟
عام 2010، يجيب الأصدقاء أنفسهم، وقَّع الرئيس أوباما "توجيهاً" طلب فيه من "مجلس الأمن القومي" وضع دراسة تتناول طريقة مواجهة الاحتجاجات المتنامية في المنطقة. وقد دفعت نتائج هذه الدراسة التي قادها أعضاء المجلس المذكور ومنهم دنيس روس وسامنتا باور أوباما إلى توقيع قرار رئاسي توجيهي في 13 شباط 2011 طلب فيه من الإدارة متابعة الانفتاح على "الإخوان" في مصر وتونس وليبيا وسوريا. وفي نيسان 2011 استقبل البيت الأبيض ووزارة الخارجية وفداً من الجماعة الدولية لـ"الإخوان". ثم أعلنت وزيرة الخارجية في حينه هيلاري كلينتون أن الولايات المتحدة ستستمر في الاتصال المنتظِم بـ "الإخوان" سواء صاروا في السلطة أو لا. لكن عندما بدأ "الإخوان" الحاكمون قمع المحتجّين في مصر في تشرين الثاني عام 2012، وعندما وجَّهوا ميليشياتهم للتعامل بوحشية مع قادة الاحتجاجات بدأ بعض المسؤولين في واشنطن يتراجع عن دعمهم.
في أي حال، وعلى رغم كل ذلك يضيف الأصدقاء، دافع مسؤولون في الخارجية عن اجتماعات الشهر الجاري مع "الإخوان" معتبرين أن سياستها هي التواصل مع أصحاب التأثير في مصر. ويقولون أن إحياء أوباما الاتصالات مع "المركز الدراسي للإعلام والديموقراطية" أعاد تسليط الضوء عليه وعلى علاقاته مع "الإخوان" عبر "المؤسسة الدولية للفكر الإسلامي". ويشيرون إلى أنه (أي المركز) تسلّم مِنحاً أو هبات من مكتب الديموقراطية في الوزارة وغيره.
هل يعني ذلك أن واشنطن قد تسعى بواسطة حلفاء مثل تركيا وقطر إلى تحسين علاقة مصر السيسي مع "الإخوان" الذين يعاملهم كإرهابيين؟
ليس هناك جواب جازم عن السؤال. لكن مجرّد استقبال الخارجية وفد "إخوانٍ" يعني أنها لا تتبنّى اتّهامهم بالإرهاب الذي يوجهه السيسي ويعاقبهم استناداً إليه. ويعني أيضاً أنها تخشى أن يدفعهم إلى أن يصيروا إرهابيين بدافع اليأس. وفي ذلك ضرر لمصر وللمنطقة وللعالم كله الذي يعتبر الإرهاب مشكلته الأولى. ويعني أخيراً أنها ستستمر في المحاولة.
&
التعليقات