في بيان غاضب ومحذر، عبرت دول مجلس التعاون الخليجي عن رفضها المطلق للانقلاب الذي أقدم عليه الحوثيون في اليمن وإصدارهم ما أسموه بـ"الإعلان الدستوري" للاستيلاء على السلطة، عادة ذلك نسفا كاملا للعملية السياسية السلمية، واستخفافا بكل الجهود الوطنية والإقليمية والدولية التي سعت مخلصة للحفاظ على أمن اليمن واستقراره ووحدته.
وفيما حذرت الدول الخليجية من خطورة ما أقدم عليه الحوثي ومآلات ذلك وانعكاسه على زيادة العنف والصراع الدامي، ناشدت المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته لإدانة هذا الانقلاب وشجبه وعدم الاعتراف بتبعاته.
وأظهرت الجماعة المتمردة نهجها الدموي في التعامل مع التظاهرات المنددة بها التي خرجت وسط وشرق وجنوب البلاد، إذ قابلتها بإطلاق الرصاص الحي وحملة للاعتقالات.
ويتوقع مراقبون أن يواجه الحوثيون صعوبات شديدة للاعتراف بانقلابهم، وسط ردود الفعل المتصاعدة الرافضة لخطوتهم، محليا وإقليميا وعالميا.


في وقت توالت فيه ردود الفعل المحلية والإقليمية والدولية الرافضة لانقلاب جماعة الحوثي المتمردة على السلطة الشرعية في اليمن بإعلانها أول من أمس ما أسمته "إعلانا دستوريا"، والذي تضمن حل البرلمان وتشكيل مجلس رئاسي، بما يشير إلى أن الحوثيين سيواجهون صعوبات شديدة للاعتراف بانقلابهم، فضلا عن تصاعد الاحتمالات بنشوب حرب أهلية في ظل تظاهرات الغضب التي عمت المحافظات اليمنية ضد الإعلان الدستوري، التي واجهها الحوثيون بإطلاق الرصاص وحملة اعتقالات، اتخذت الجماعة أمس مزيدا من الإجراءات لاستكمال حلقات الانقلاب وإحكام سيطرتهم على اليمن.
وأعلن الحوثيون أمس عن تشكيل لجنة أمنية فوضوية لإدارة شؤون البلاد حتى تشكيل المجلس الرئاسي تضم وزراء سابقين لضمان سيطرتهم على البلاد، وتضم اللجنة، بحسب البيان الأول للحوثيين، بين أعضائها البالغ عددهم 18 وزيري الدفاع والداخلية في حكومة عبدربه منصور هادي التي استقالت تحت ضغط حركة أنصار الله الحوثية.
وقال البيان الذي بثته وكالة الأنباء اليمنية "سبأ": "إن اللجنة الأمنية العليا ستدير شؤون البلاد حتى تشكيل المجلس الرئاسي"، لافتا إلى أنه سيترأس اللجنة وزير الدفاع محمود الصبيحي الذي أثار وجوده إلى جانب الحوثيين عند إصدارهم "الإعلان الدستوري" شكوكا في محيط هذا الضابط الذي يعد مواليا للرئيس هادي، فيما ألمح مدير مكتبه عبدالعزيز منصور في تصريحات صحفية إلى أن الصبيحي "أجبر بالقوة على الظهور مع الحوثيين".
في غضون ذلك، شهدت العاصمة صنعاء أمس انتشارا كثيفا لمسلحي حركة أنصار الله التابعة إلى المتمردين الحوثيين بعد تجدد التظاهرات الرافضة للانقلاب بدعوة من منظمات حقوقية وشبابية يمنية، فيما فرق المسلحون الحوثيون بالرصاص الحي تظاهرة منددة بالإعلان الدستوري بساحة التغيير أمام جامعة صنعاء، واتهم منظمو التظاهرة الحوثيين باعتقال 17 ناشطا في التظاهرة واقتيادهم إلى جهة مجهولة.
ورغم الإجراءات المشددة على كل مداخل القصر الجمهوري أدى انفجار عبوة ناسفة قام مجهولون بزرعها في المدخل الجنوبي للقصر إلى جرح عسكري ومدني، وقال شهود عيان إن مسلحي الحوثي أغلقوا شارع القصر الذي يمر أمام بوابته الجنوبية وأجبروا أصحاب المحال التجارية على الإغلاق، كما أغلق الحوثيون عددا من الشوارع في الضاحية الشمالية للعاصمة والقريبة من موقع الحفل الجماهيري الذي دعت إليه الجماعة، وألقي خلاله زعيم حركة أنصار الله عبدالملك الحوثي خطابا عبر قناة المسيرة الخاصة به إلى أنصاره من الحوثيين.
وفي محافظة تعز تظاهر سكان المحافظة ضد الانقلاب، فيما اختطف مسلحو الحوثي الناشط أحمد الوافي واقتادوه إلى جهة مجهولة، كما اقتحموا المركز الثقافي في تعز بقوة السلاح.
وبينما اندلعت صباح أمس اشتباكات عنيفة بين مسلحين حوثيين وأبناء محافظة البيضاء وسط اليمن، قالت تقارير إن اللجنة الأمنية في عدن قررت إنشاء حزام أمني حول المحافظة لمنع أي مخاطر تتهددها عقب الإعلان الدستوري الذي أعلنه الحوثيون من طرف واحد، كما أكدت قبائل مأرب والسلطات المحلية في حضرموت ومحافظة شبوة رفضها للانقلاب الحوثي.
وفي وقت متأخر من مساء أمس، أعلن المؤتمر الشعبي العام وهو الحزب اليمني الذي يترأسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح معارضته للإعلان الدستوري الذي أعلنه الحوثيون واعتبره "تعديا على الشرعية الدستورية".
وجاء في بيان صادر عن المؤتمر الشعبي العام أن هذا الحزب يعبر "عن الأسف إزاء المسار الذي أخذته الأحداث في ضوء الإعلان الصادر عن أنصار الله وهو ما يعتبر تعديا على الشرعية الدستورية، ومخالفا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني المتوافق عليها، واتفاق السلم والشراكة الوطنية".
إلى ذلك، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف أن الولايات المتحدة الأميركية تدين إقدام الحوثيين الذين يهيمنون على اليمن على حل البرلمان أول من أمـس، مضيفة أن الولايات المتحدة تواصل العمل مع قوات مكافحة الإرهاب في اليمن.
من جانبه، قال مجلس الأمن الدولي إنه شعر بقلق بالغ بعد أن حل الحوثيون في اليمن البرلمان أول من أمس وأعلنوا أنه سيتم تشكيل مجلس وحكومتين موقتة. وذكر سفير الصين لدى الأمم المتحدة ليوجي أن أعضاء مجلس الأمن أعلنوا عن استعدادهم لاتخاذ خطوات أخرى إذا لم تستأنف المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة فورا.


.. ومجلس التعاون: الإعلان الدستوري ينسف العملية السياسية


الرياض: واس
تابع مجلس التعاون لدول الخليج العربية الأحداث في الجمهورية اليمنية الشقيقة، وما أقدم عليه الانقلابيون الحوثيون من إصدار ما أسموه بـ"الإعلان الدستوري" للاستيلاء على السلطة، معربا عن رفضه المطلق للانقلاب الذي أقدم عليه الحوثيون بوصفه نسفا كاملا للعملية السياسية السلمية التي شاركت فيها كل القوى السياسية اليمنية، واستخفافا بكل الجهود الوطنية والإقليمية والدولية التي سعت مخلصة للحفاظ على أمن اليمن واستقراره ووحدته، وتحقيق تطلعات الشعب اليمني.
وأكد المجلس استمرار وقوفه إلى جانب الشعب اليمني الشقيق، عادا ما يسمى بـ"الإعلان الدستوري" انقلاباً على الشرعية لتعارضه مع القرارات الدولية المتعلقة باليمن، وتنافيه مع ما نصت عليه المبادرة الخليجية، التي تم تأييدها دوليا. ورأى مجلس التعاون أن هذا الانقلاب الحوثي يعدّ تصعيدا خطيرا لا يمكن قبوله بأي حال، لما من شأنه تعريض أمن اليمن واستقراره للخطر.
كما شدد المجلس على أن ما يهدد أمن اليمن وسلامة شعبه يعد تهديداً لأمنها ولأمن المنطقة واستقرارها ومصالح شعوبه، وتهديداً للأمن والسلم الدولي، مؤكدا أن دول المجلس ستتخذ جميع الإجراءات الضرورية لحماية مصالحها.
وحذرت دول مجلس التعاون من أن انقلاب الحوثيين لن يقود إلا إلى مزيد من العنف والصراع الدامي في هذا البلد الشقيق، مناشدة المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته لإدانة هذا الانقلاب وشجبه وعدم الاعتراف بتبعاته، داعية في الوقت ذاته مجلس الأمن الدولي إلى سرعة التحرك لتفعيل قراراته ذات الصلة بالشأن اليمني، واتخاذ القرارات اللازمة لوضع حد لهذا الانقلاب الذي سيدخل اليمن ومستقبل شعبه في نفق مظلم.


خبراء يحذرون من خطورة تزايد نفوذ طهران في صنعاء


صنعاء: الوكالات
أكد عدد من خبراء السياسة أن صعود جماعة الحوثي المتمردة الخاطف واستيلاءها على السلطة في اليمن ما كان ليتم من دون تواطؤ داخلي ودور خارجي، ثقله وعمادُه الرئيس هو إيران، معبرين عن قلقهم من تزايد نفوذ طهران في صنعاء بما يمثله من خطورة على أمن المنطقة والبحر الأحمر ومضيق باب المندب.
وأشار الخبراء إلى أن إنزال السفن الحربية الإيرانية معدات عسكرية في ميناء الحديدة قبل أيام لمساعدة الحوثيين على الانقلاب، لم يكن الأول من نوعه حيث بدأ الدعم الإيراني للحوثيين عام 2004 ما ساعدهم على النزاع المسلح ضد الحكومة اليمنية.
وقالوا إن صنعاء سبق لها أن اتهمت طهران بإرسال سفن محملة بالأسلحة إلى الحوثيين وتم ضبط عدد منها في 2009، وسبق ذلك، طوال سنوات، دعوات حكومية متكررة إلى طهران بالكف عن التدخل في الشأن اليمني.
وحسب الخبراء فقد عاودت صنعاء اتهاماتها لطهران في عام 2012 بإرسال سفن أسلحة وبالتدخل في الشأن اليمني، مشيرين إلى اعتقال خلايا تجسس إيرانية، وسط أنباء عن نشر غواصات وقطع بحرية إيرانية قبالة سواحل اليمن بدعوى مكافحة القرصنة. وأضافوا أنه في عام 2013 اعترضت البحرية اليمنية سفينة إيرانية تحمل أسلحة يعتقد أنها كانت مرسلة إلى الحوثيين، لافتين إلى أن عمليات تهريب أخرى جرت من جزيرة "دهلك" الإريترية إلى اليمن، وأن إيران تدرب مقاتلين حوثيين في إريتريا.
وأضاف الخبراء أن دخول إيران اليمن عبر الحوثيين سيضع قواعد جديدة للسياسة في الشرق الأوسط، ومساومة القوى العظمى بشأن ملفات عدة، وهو ما يتطلب موقفا عربيا موحدا إلى جانب الموقف الذي أعلنه مجلس التعاون لدول الخليج أمس، خصوصا أن تداعيات الأحداث داخل اليمن ربما تزداد تعقيدا، ويصعب التوقع بما ستؤول إليه الأزمة في الوقت الراهن.
يذكر أن الجيش المصري توعد قبل أيام بالتدخل عسكريا في حال إقدام أي جماعات متطرفة بإغلاق مضيق باب المندب في اليمن، وأكد رئيس هيئة قناة السويس، الفريق مهاب مميش، أن بلاده لن تقبل بإغلاق المضيق بأي حال من الأحوال، وستتدخل عسكريا إذا تم ذلك.
&