جاسر الجاسر
منذ اللحظات الأولى لتوليه الحكم برهن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أن لا ملفات معلقة، ولا تباطؤ في الحسم والمعالجة لأية قضية داخلية أو خارجية، ما يمكّن المراقب من التأكد أن الملامح العامة للسياسة السعودية هي المبادرة في العمل والوضوح والحزم.
&
حين دعا مجلس التعاون في بيان شديد اللهجة، للمرة الأولى، إلى تطبيق البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة ضد الانقلاب الحوثي لم يكن المجلس يستخدم عبارات عاطفية، فهو يدرك الموقف الروسي المضاد، لكن الرسالة هي أن دول المجلس تعلن بوضوح صارم موقفها من الانقلاب الحوثي، وتكشف خطواتها اللاحقة المؤثرة لمساندة اليمن، وضمان مصالحها وأمنها وجديتها في ذلك.
&
وفقاً لسياق الأحداث والزيارات الخليجية المتوالية إلى الرياض خلال الأيام الماضية، فإن الهدف الأول العاجل للسعودية هو تثبيت صورة مجلس التعاون وتمكينه ليكون إطاراً جلي الملامح في ضمان أمن الخليج وتفعيل دوره، ليكون قبضة واحدة متماسكة تصد التهديدات الوجودية لدوله. وقد تكشف الفترة المقبلة رؤية جديدة تدفع به إلى الأمام وتمنحه القوة اللازمة، لتكون بلدانه فريق عمل نشطاً متناغماً، وصوتاً واحداً يعبّر عن تلازمها الوجودي وترابط بنيانها.
&
المعالجة الذكية والراقية من الملك سلمان لقضية العلاقة مع مصر والإمارات أحبطت كل محاولات جس النبض المتخابثة التي توهمت أن الدول الكبيرة تنساق خلف الإشاعات وتتعامل وفق منطقها الزئبقي، وإن كان الهدف الأساس هو ترسيخ ملامح السياسة السعودية التي لا يشك في هويتها سوى الجاهلين أو المتجاهلين للمملكة وخطها العام الصلب القائم على خدمة العرب والمسلمين، ومناصرة حقوقهم والدفاع عنها، والمساعدة في تنمية ودعم كل خطوة تدعم الاستقرار وتحقق النمو.
&
أسبوع حافل شهدته الرياض التي لم تهدأ لحظة حتى بات من الصعب ملاحقة إجراءاتها ونشاطاتها، إلا أنها تشترك في العمل الجاد، فهي لا تملك ترف الوقت في هذه الظروف، وتقوم على المبادرة فتكون صاحبة الفعل وليس مجرد رد فعل له، وتطرح خطة عمل فاعلة ماضية في طريقها، معلنة بدء مسيرة جادة مدارها الفعل ستتبلور نتائجها في زمن وجيز إن كان داخلياً أم خارجياً.
&
الرياض هي مركز القرار العربي، ومحور العالم الإسلامي، ودورها الإقليمي هو صيانة البنى السليمة القائمة في المحيط العربي، وإعادة تماسكها لتكون سداً ضد الفوضى والإرهاب، ولتتولى معالجة الأجزاء المصابة إلى أن تستعيد صحتها وتنجو من طعنات التخريب والاستحواذ والاحتواء.
&
السعودية هي التجربة الأنجح دولياً في مكافحة الإرهاب، والأكثر اكتواء بناره، وأعرف العالمين بسبل مجابهته واجتثاثه منذ أن كانت وحيدة في التصدي له إلى أن أفاق العالم على كارثيته متأخراً حين تجاهل النصح السعودي منذ 2005.
&
اللافت في سياسة السعودية من خلال رصد نشاطاتها في شهر أنها تعمل كثيراً وتتحدث قليلاً جداً، وما يأتي منها هو فعل يتبعه آخر، وهذا اتجاه يحدث فروقاً كثيرة يراها الراصد من دون أن يسمعها قبلاً.
&
التعليقات