دمشق «تتخابث» مجددا وعمان تحتوي المزيد من الاتهامات


بسام البدارين

&الغرض سياسيا وأمنيا وأردنياعلى الأقل واضح تماما من الفقرة التي زجت بها وكالة الأنباء السورية الحكومية، أمس الخميس، وهي تتحدث عن «اصطياد» عشرات الإرهابيين المتسللين من الحدود مع الأردن.
الفقرة الختامية في الخبر الرسمي السوري يتحدث عن «نشاط غير معتاد» للمتسللين «الإرهابيين» من الجانب الأردني وعن عمليات تهريب نشطة للأثار واللقى إلى الأردن.
«الخبث» السوري تمثل في ربط هذا النشاط الذي لا تلمسه عمان من جانبها الحدودي بكل الأحوال بـ «ضعف الإجراءات « الأردنية على الحدود.
يوحي ذلك عمليا بأن دمشق مصرة لسبب سياسي على الأرجح على اتهام الأردن بالتراخي ورعاية ما تصفه بتسلل إرهابيين بعد تدريبهم وتأهيلهم.
اللافت في السياق حسب الناشط البرلماني في لجنة الشؤون الخارجية الأردنية محمد هديب أن دمشق تكيل هذه الاتهامات للجانب الأردني، وهي تعلم علم اليقين بأن جيشها النظامي «لا يتواجد» في الواقع على الطرف السوري من الحدود والأهم لا يريد ان يتواجد.
هديب وآخرون من مراقبي المشهد السوري المنفلت يؤشرون على النقطة الساخرة والخبيثة في الخطاب السوري الحدودي فدمشق التي ترفض ان يتواجد جيشها على الجانب السوري من درعا ولا تستعيد الأراضي من تنظيم «جبهة النصرة» أو غيره تتهم الجانب الأردني بالتقصير في مهمة ينبغي ان يقوم بها الجيش النظامي السوري رغم ان الجيش العربي الأردني في الواقع العملي هو الذي يحمي الحدود من الجانبين ويسيطر عليها.
المفارقة نفسها أشار لها مرات عدة على هامش تبادل نقاشات مع «القدس العربي» الناطق باسم الحكومة الأردنية الدكتور محمد المومني وهو يشير للوقائع التي تقول بأن الأردن يحمي الحدود السورية ولا يوجد «طرف آخر» في الواقع.
ميدانيا، لا يوجد نشاط مرصود من أي نوع على صعيد تسلل مقاتلين جهاديين أردنيين من الجانب الأردني ومحكمة أمن الدولة، واستنادا لمحامي الجهاديين موسى العبدللات بدأت تحكم بقرارات سجن مغلظة قد تصل إلى خمس سنوات على من يحاول العبور لمساندة ثورة الشعب السوري ضد طاغية دمشق.
قبل ذلك تم إيقاف وتجميد أعمال التدريب المتعلقة بمقاتلين سوريين بالمطلق إنطلاقا من الأراضي الأردنية ورفضت عمان مؤخرا مرتين على الأقل طلبا أمريكيا باستئناف برامج تدريبية للمعارضين العلمانيين في الوقت الذي تعتبر فيه السلطات الأردنية جبهة النصرة وتنظيم القاعدة جزءا من منظومة الإرهاب.


كما رفضت عمان العام الماضي إدخال صواريخ من طراز المدى الطويل إلى سوريا عبر الأراضي الأردنية بتمويل سعودي وأوقفت الخارجية الأردنية رسميا منذ أشهر كل اتصالات التنسيق مع الائتلاف السوري المعارض الذي كان يخطط لافتتاح مكتب له في عمان.
دمشق عمليا تجاهلت مناشدات أردنية عدة بعودة الجيش النظامي السوري للقيام بواجباته في تأمين وحماية الحدود، وهي مناشدات تم تقديمها مباشرة للرئيس السوري بشار الأسد عبر رسائل خاصة وصلته.
بالنسبة للمومني كل الاتهامات التي تكال دون مبرر تحت عنوان دخول وتسلل مقاتلين عبر الأردن أو تدريبهم «باطلة» ولا أساس لها من الصحة.
والجيش العربي الأردني يحرس حدود البلدين والجانب السوري هو الذي لا يقوم بواجباته في مراقبة حدوده، أما الأردني فيخصص جهدا ومالا كبيرين لرعاية واستضافة اللاجئين السوريين.
المومني ومسؤولون آخرون في عمان يتوقعون أن أي ملاحظات سورية بين دولتين لها قنوات دبلوماسية ومعروفة وأن الاتهامات غير الصحيحة لا تستحق الرد والتعليق طالما لا تصدر عن المؤسسة السورية، وتبقى في مستوى الشائعات الإعلامية والتكهنات.
في دوائر أردنية أعمق تقرأ معطيات تجديد الاتهام السوري بين الحين والآخر على انها محاولة «تذاكي» من جانب دمشق لممارسة المزيد من الضغط على الحكومة الأردنية على أمل «توريط» الأردن بمعركة مع «جبهة النصرة» المحاذية بقواتها وعتادها للأردن.
واقعيا، يريد السوريون في الاستنتاج الأردني ان يشمل الأردن في عملياته الجوية والعسكرية المعلنة ضد تنظيم الدولة الإسلامية ومقاتلي جبهة النصرة وهو ما تعتبره عمان خيارا خارج النطاق الإستراتيجي المرحلي، الأمر الذي نوقش وتقرر على مستوى الاجتماعات الأمنية المغلقة في عمان. يفسر علية القوم في عمان هذا التصور بالإشارة لتصريح الأمين العام لحزب الله حسن نصرألله الذي استغرب من قتال الأردن لتنظيم الدولة وتجاهله لقتال النصرة.
بكل الأحوال تتبع عمان إستراتيجية احتواء واحتمال الاتهامات السورية وتصرعلى عدم التسرع في الرد والعمل على معالجة كل المسائل العالقة بين العاصمتين، عبر الحل الدولي الشامل للأزمة السورية.
&