علي سالم
كل خطوة تقطعها مصر في الطريق إلى الخليج العربي، تحمل الخير لمصر ولدول الخليج العربي، وتخلق واقعا جديدا في المنطقة العربية قابلا للنمو والازدهار. وبعيدا عن الشعارات والعواطف، يمكن بسهولة وبنظرة واقعية تماما، إدراك أن أي خطر تتعرض له السعودية أو الإمارات أو البحرين يشكل خطرا على مصر والمصريين والعكس بالعكس. وبذلك تكون كل الاتفاقيات والتفاهمات بين كل الأطراف في مجال الدفاع، الهدف منها هو تحقيق أكثر حقوق الإنسان قداسة على وجه الأرض وهو الدفاع عن النفس. الخطر هذه المرة ليس محتملا فقط أو متوهما. هناك بالفعل خطر حقيقي على دول المنطقة المستقرة.
لقد عشت كل الفصول السياسية في المنطقة العربية، وتعرضت لكل المضخات الثورية التي تضخ الأكاذيب في عقول البشر. غير أننا الآن لا نتكلم عن الوحدة العربية التي «ما يغلبها غلاب». بل نتكلم عن جماعة من البشر قرروا ممارسة حقهم الشرعي في الدفاع عن أنفسهم. أريدك أن تلاحظ أن الحكام السلطويين هم فقط من كانوا يطالبون بالوحدة العربية. كما أريدك أن تلاحظ أن شعوب هؤلاء الحكام انتهى بهم الأمر تلك النهايات المفجعة التي نراها على شاشات التلفزيون. لم يهتم هؤلاء الحكام بتحقيق الخير لشعوبهم وربما كان ينقصهم التواضع الذي يمكنهم من التفكير في المثل الشعبي «اللي مالوش خير في نفسه، مالوش خير في حد». انظر حولك جيدا.. شعوب غنية بمواردها الطبيعية، حكمت بحكام كذابين لسنوات طويلة كانت كفيلة بتحويل عدد كبير من شعوبهم إلى وحوش قتلة والبقية إلى ضحايا تعساء.
نحن الآن نتعامل مع بعضنا البعض بوصفنا شركاء بأنصبة متساوية في مشروع اسمه «المؤسسة العربية للدفاع عن النفس» لا أحد فينا يقود الآخر، لا توجد بيننا دولة ذات رسالة تحتم عليها أن تكون صاحبة فضل على الآخرين.
هذا هو ما يجب أن نفهمه عن أنفسنا، وهذا هو أيضا ما يعرفه وحوش الإرهاب. نحن جميعا نمتلك نفس الرقبة التي سيذبحونها إذا تمكنوا من الوصول إلينا. من يتصور من سكان المنطقة العربية وربما العالم كله، أنه بعيد عن سكاكين «داعش» فهو واهم. أنت الضحية القادمة إذا لم تدافع عن نفسك.
أمر آخر أعتقد أنه وثيق الصلة بما يحدث، وهو أن الحرية الاقتصادية في دول الخليج، والجزء اليسير الذي تحقق منها في مصر، كان البيئة الحاضنة التي قامت بتدمير الأكاذيب الرومانسية والثورية، وجعلت من السهل على الحكومات المعنية التفكير بواقعية للدفاع عن أنفسهم بعيدا عن الشعارات والأكاذيب المرتبطة بالاقتصاد المخطط.
أهل الخليج يعرفون جيدا أن الفقر مرتبط بدرجة كبيرة بسيطرة الدولة على وسائل الإنتاج، وأن المزيد من الاقتصاد الحر يحمي الناس من الوقوع في هوة الفقر وهوة الجهل والتطرف. الفقر الشديد في مصر دفع الشبان للذهاب للعمل في ليبيا لكي يذبحهم فقراء آخرون. أقول هذا وأعترف في الوقت نفسه، أنه لا أحد من قادة الرأي العام متحمس لاقتصاد السوق، وهو ما يذكرني بمشهد قديم في مسرحية كوميدية يردد فيه إبراهيم سعفان جملة: «أنا مبسوط كده. أنا مستريح كده».
كل الناس تعمل عند الدولة بشكل أو آخر. «حد يلاقي الدلع ومايدّلعش؟!».
التعليقات