مساعد العصيمي
من وراء هذا التنظيم؟ سؤال ما زال يتردد بقوة.. ليس عربيا، بل عالميا في ظل أن خطر هذا التنظيم بات دوليا. وعليه فلم نستسهل الإجابة، إلا أننا -كما غيرنا- بحثنا في كل ما نشر وتم تداوله عن الأساس الذي قام عليه "داعش".. وكيف نما وكبر، ومن أين له هذا المال والسلاح؟ بل السؤال الأهم: من يسّر لأفراده المنتمين لأكثر من ثلاثين دولة أن يتلاقوا وكأنهم يعرفون بعضهم من قبل؟!
لم تنفك أربع دول من أن تكون في محل الاتهام، الأولى أميركا والثانية تركيا، واجتمعت الثالثة والرابعة في تحالف العراق وإيران.. وفي القراءة المتأنية للأولى ورغم تأرجح مصداقية ما نسب لبعض الساسة الأميركيين السابقين من دور لحكومة أميركا الحالية في تكوين هذا النوع من الإرهاب؛ إلا أن تاريخ الولايات المتحدة في صنع الجماعات الدينية المسلحة كان مشهودا، وأفغانستان عرفت ذلك في مواجهة الغزو السوفيتي، ولأن أميركا لا تستطيع أن تدخل في مواجهة مباشرة مع الغازي، فلم يكن هناك سبيل إلا العمل المخابراتي في الدول الإسلامية ومن كل مكان تم خلاله استنهاض الحميّة الإسلامية بالجهاد لإنقاذ البلد المسلم من الملحدين السوفيت، ليهب الشباب من كل حدب وصوب وسط تسهيلات ومعونات حكومية من بلدانهم. لتدربهم أميركا على أرقى أساليب حرب العصابات وصناعة المتفجرات، فكان ما كان أن انسحب السوفيت وبقي المجاهدون الذين لم يستطع بلد أن يستوعبهم من فرط أن الأيديولوجيات التي خُزنت في رؤسهم لا تقبل إلا الاقتتال!
هنا ظهرت خبرة أميركا في صناعة الجماعات المسلحة. لكن ماذا عن تركيا؟!
المتابع للفعل التركي يرى التسهيلات التي منحتها إسطنبول للقادمين من كل حدب وصوب لدخول الأراضي السورية، خاصة أن من بينهم من له سجلات دولية في الإرهاب، في ظل أن هدفها المعلن إسقاط نظام بشار. ناهيك عن أن داعش لم يقتل تركيا واحدا، سواء من الأسرى الذين اختطفهم أو من الجنود الموجودين على الحدود مع سورية القريبين منها. هي استفهامات تثير العجب.. كيف لم يقتل "داعش" الأتراك؟ وهو الذي فعل من بعد مع اليابانيين رغم موافقة بلدهما على فدية 250 مليون دولار، وكذلك مع الأردن بمقايضة الطيار الكساسبة بالداعشية المسجونة آنذاك في الأردن، ووافق الأردن إلا أن الحرق الآثم تم.
في تحالف إيران والعراق ثمة أمور تجعل هذا التحالف الأقرب لأن يكون صانع داعش، فقد قامتا بصناعة عدو سني للعالم أجمع، عبر كثير من قادة التنظيم الذين هربوا من الغزو الأميركي لأفغانستان 2011 وتلقفتهم السجون العراقية والإيرانية، فكان استغلالهم الحل الأمثل في بدء منع التحالف العالمي من إسقاط بشار، وبالتالي خوف المجتمع الدولي من أن تستولي هذه الجماعة المتطرفة على الحكم.
وكذلك أيقن المالكي أن الأكراد سيستقلون ومعهم الثروة البترولية الهائلة، فلم يكن منعهم إلا من خلال تهديدهم المستمر بمثل هذا التنظيم، الذي ما زال قادته على حلف مع إيران التي رأت أن في استمرار الفوضى ضمان لاستمرار بشار، وتمكين المالكي -آنذاك- من فرض أجنداته على الجانبين الكردي والسني في العراق!
وبعد فمن صنع داعش؟ هل هذه الدول الأربع اتفقت فيما بينها أو إحداها أو بعضها قام بذلك؟ الأكيد أن جماعة تبدأ بمثل هذا التنظيم اللافت والثروة الكبيرة والتسهيلات الحدودية لها صانع وممول بقيمة دول ذات كيان وثروة.. فمن هي؟!
التعليقات