مصر: شيوخ ينتقدون الأزهر لتشيبه مسلحي داعش بالخوارج ويطالبونه بإعلان موقف واضح: هل هم مسلمون أم كفار

منار عبد الفتاح


&

&

&

&

&أثار بيان الأزهر الشريف الذي هاجم فيه تنظيم «الدولة الإسلامية» هجوما لاذعا، ووصفهم بـ«الخوارج والبغاة»، ودعا «ولاة الأمر إلى قتالهم ودحرهم»، حالة من الجدل لدى رجال الدين، حيث اعتبر البعض أنه كان يحتاج إلى بعض التدقيق وخاصة من موقف الإسلام من أعضاء التنظيم.


ودان الأزهر في بيانه الحملات التي يطلقها «تنظيم الدولة الإسلامية» لاستقطاب شباب المسلمين، واعتبر أنها حملات «ضالة ومضلة»، غرضها زعزعة أمن الأوطان الإسلامية، والنيل من استقرارها، وزلزلة أركانها، واستهداف شبابها من خلال دعوات ترفع الإسلام شعارا لها، والإسلام منها براء. ودعا الأزهر إلى «عدم الانخداع بمثل هذه الدعوات التي يطلقها هؤلاء الجهال المتطرفون»، قائلا «إن من يطلق عليهم تنظيم داعش إنما هم خوارج وبغاة، يجب على ولاة الأمر قتالهم ودحرهم، وتأمين الناس والشعوب من شرورهم وفتنتهم المضلة حيث كانوا.»


وأضاف «أن مسلحي التنظيم لا يختلفون شيئا عن الخوارج الذين تمردوا على أمير المؤمنين على بن أبي طالب واتهموه بالكفر، كما اتهموا أصحاب النبي بالخروج عن الملة، بل كفروا كل من خالف مذهبهم، وكل من لم ينضم لصفوفهم من عامة المسلمين». وأردف قائلا «ما أشبه اليوم بالأمس، حيث نرى تنظيمات متطرفة تتكلم باسم الإسلام، وهم لا يعرفون من الإسلام غير اسمه، وينسبون أنفسهم إليه، وكأنهم يتكلمون عن دين لا يعرفه المسلمون ولا يعرفه علماء الأمة»، مبينا أن «تلك الحملات المشبوهة، التي ظهرت في هذه الآونة، تهدف بالأساس إلى تشويه الإسلام، وتقديم صورة كريهة ظالمة لهذا الدين الحنيف، ولنبيه الذي أرسله الله رحمة للعالمين.»
وشدد البيان على «أن تلك التيارات تنسج الأباطيل والمفتريات والأكاذيب حول تعاليم الدين، لكي تبعث برسالة تنفير وكراهية للعالم أجمع من هذا الدين الحنيف، مصورة إياه بدين دموي متوحش، يدعو للقتل وإراقة الدماء، والدين من كل ذلك براء».
كما أعلن الأزهر بجميع هيئاته أنه في حالة انعقاد دائم لمواجهة المستجدات، وهو على استعداد تام للانفتاح على كل المبادرات التي تهدف إلى حماية شبابنا من الانزلاق في هاوية الفكر المنحرف الضال المضل والتفاعل الجاد عن طريق الحوار المثمر والبَنَّاء مع جميع مكونات الشباب في شتَّى أنحاء العالم وبلغاته المختلفة للرد على كل التساؤلات ودفع الشُّبهات بالدليل والبرهان، داعيا إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة ومجادلاً بالتي هي أحسن وذلك تحصينا لشباب الأمة فكريا وثقافيا على مدار الساعة من خلال وسائل التواصل المختلفة.


واختتم الأزهر بيانه بمطالبة جميع المسلمين شبابًا وشيوخًا، وجميع المنظمات الإسلامية ومنظمات العمل الحكومية والأهلية بضرورة التكاتف والوقوف صفًّا واحدًا أمام ذلك الخطر المحدق الذى يهدد أمن أمتنا، ويريد أن يسرق عقول شبابها الأطهار. كما يهيب الأزهر الشريف «بكل أبناء الأمة» إلى أخذ الحيطة والحذر والانتباه إلى هذا الفكر الشاذ والمتطرف، مع أهمية الرجوع إلى علماء الأزهر للرد على تُرهات هؤلاء المضللين وأباطيلهم، التي يرفعون فيها شعارات كاذبة لا تمت للدين بصلة، ولكنها تهدمه بمعاول تكاتف أهل الباطل على صناعتها.

يحتاج إلى الدقة

من جانبه قال الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه المقارن في جامعة الأزهر لـ «القدس العربي» إن «البيان المنسوب إلى الأزهر الشريف في الإدانة والوصف لتنظيم داعش وما يماثله مثل تنظيمات القاعدة وطالبان وبوكو حرام وغيرهم، يحتاج إلى دقة أكثر من جهة هل هؤلاء ينتسبون إلى الدين الإسلامي أم لا؟ أما كونهم بغاة أو خوارج أو إرهابيين فهذا الوصف من الممكن أن يطلق على معتادي الإجرام من البلطجية. فمن الممكن أن يقال على بلطجي إنه إرهابي وبالتالي فهذا ليس بكاف لأننا أمام رأي عام دولي، فهل هؤلاء الناس الذين يستحلون الدماء والأعراض والأموال يدينون بدين الإسلام أم لا يدينون به؟ ومن هنا يجب التناول الفقهي في هذا الأمر فإن كانوا يستحلون الدماء والأموال والأعراض وهذا هو الواقع الذي نعيش فيه فهم خارجون عن الملة الإسلامية لأن مما تقرر شرعا «إن من استحل المحرم كفر»، ولكن إذا كانوا لم يستحلوا ويعرفون أن «هذه جرائم محرمة ومجرمة في الشريعة الإسلامية كجرائم البغي والصيام والحرابة فهم مسلمون عصاة وفساق».
وأضاف «فيجب على المؤسسات الإسلامية أن تتناول هذا الأمر في الإطار الفقهي، وبالتالي فإن البيانات الصادرة عن المؤسسات الإسلامية في أي مكان فيما يتصل بداعش وأخواتها تحتاج إلى صراحة ومصداقية أكثر».
وأكد «إن تنقية كتب التراث أو تعديل المناهج الأزهرية يرتبط بالخطاب الديني، وأنا أدعو إلى حوار فقهي بين أشياخ الإرهاب في العالم (التنظيم الخاص المسلح لجماعة الإخوان، والسلفية الجهادية وما تفرع عنها من القاعدة وطالبان وبوكو حرام) ويتم عقد الحوار في أي بلد من بلدان العالم ولكن قوافل الوعظ والإرشاد والخطب والمؤتمرات والندوات الوعظية في أي بلد من بلدان العالم لن تعالج ذرة واحدة من «شبه الإرهاب».

وجهان لعملة واحدة

وقال الشيخ محمد عبد الله نصر، منسق جبهة أزهريون مع الدولة المدنية، لـ «القدس العربي» «نحن في البداية نريد من الأزهر أن يعرفنا هل داعش مسلمون أم لا، فالأزهر قال إنهم من الخوارج، فهل الخوارج كانوا يقطعون رؤوس الناس، والخوارج رفضوا تحكيم القرآن في المسائل السياسية لأن الخوارج كانوا علمانيين وكانوا لا يريدون إقحام النص الديني المقدس في الشأن السياسي المدنس، كما أن الأزهر بياناته متضاربة فكان له بيان سابق يقول فيه «إن داعش مؤمنون ومن أهل القبلة ولا يجوز تكفيرهم لأنهم مؤمنون مهما ارتكبوا من ذنوب». ولكن فجأة «استيقظ الأزهريون من النوم» وجعلوا داعش خوارج ويجب قتالهم، وما نريد معرفته من الأزهر هو من أين أتت داعش بالمرجعية الفكرية والفقهية التي تقتل بها؟ اليست من كتب التراث التي يدافع عنها الأزهر باستماتة ومن مناهج الأزهر التي تحرض على القتل وسفك الدماء واغتصاب وسبي النساء، فإذا كان الأزهر يحتاج لأن يصدر بيانا فمن المفترض أن يطالب البيان حكام المسلمين بمحاربة الأزهر لأن داعش والأزهر وجهان لعملة واحدة».
وأضاف «وسبب تأخير بيان الأزهر حتى الآن هو بعدما افتضح أمره والضغط الشعبي وبعدما تلقوا الأوامر من مؤتمر الإرهاب في السعودية، والأزهر ليس لديه دراية بكيفية إدارة الأزمات فهو يكتفي ببيان واحد فقط لا يتغير في كل مرة ويظهر هذا البيان عند حدوث أي عملية إرهابية، والأزهر هو من حافظ على التراث المليء بالنصوص الهدامة للدين والدنيا والتي تحرض على قتل النفس البشرية وتخريب العمران وحرق البلدان، ولم يستح الأزهر الآن وهو ينقي مناهجه من أن يعلنوا عن حذف باب أكل لحم الأسير وكيف لهم أن يدرسوا هذا الباب».
وكان الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر أعلن «أن لجنة تطوير المناهج الأزهرية قررت تنقية عدد من الكتب المقررة على طلاب الأزهر لاكتشاف وجود دروس تسيء للإسلام وتم تداولها في وسائل الإعلام مؤخرا مثل فتوى حرق تارك الصلاة وشيه وأكل لحمه». وأضاف الشيخ «أن اللجنة تعمل تحت إشراف فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وسيتم العمل بقراراتها من العام المقبل».

الأزهر لا يكفر أحدا

وقال الدكتور توفيق نور الدين، نائب رئيس جامعة الأزهر، لـ «القدس العربي» إن «هذا البيان هو المنهج نفسه الذي انتهجه الأزهر بأنه لا يُكفر أحدا، لأنه ليس من شأنه أن يُكفر لأنها لها علاقة بالعقيدة ولكننا نقول إن من يفعل ذلك فإنه يفعل مثل الخوارج عن الإسلام، فلم يتغير منهج الأزهر في ذلك، ولكنه يرفض وجود داعش تماما ويعتبرهم من خوارج هذا العصر، وهجوم الأزهر على داعش لم يتأخر، فمنذ اليوم الأول لقيام داعش بتلك العمليات الإرهابية قام فضيلة الأمام الأكبر الدكتور «أحمد الطيب» بإصدار بيانه، ولكن عندما تتطور الأحداث وتحدث مشاهد جديدة فلابد من الأزهر أن يتطور أيضا ويٌصدر بيانا «.
وأضاف «إن المناهج الأزهرية يتم تنقيتها بالفعل وتم حتى الآن تنقية الكثير من المناهج، والأزهر يقوم بدوره على أكمل وجه في إدارة الأزمات بدليل الهدوء التام التي تشهده جامعة الأزهر مقارنة بالعام الماضي، والأزهر الشريف له العديد من المواقف التي تُحسب له بفضل فضيلة الأمام الأكبر».

&
&