فايز الربيع
&
سوريا لها مكانتها الخاصة عند الاردنيين, قبائل وعائلات تتداخل, وكنا نراها الأقرب الينا,نركب سيارتنا مساء الخميس,نأكل من اطيب اكلها وثمارها,ونشتري من مصنوعاتها ونجلس في عين الفيجة والخضراء, ونرى مياه بردى، واذا يممنا شمالا نشتم رائحة ليمونها وبرتقالها, ونسير على سواحلها هي ارض عامرة وشعب بناء, وتجارة نشطة، نعود وقد استعدنا نشاطها ننتظر العودة مرة أخرى.
&
نرى الآن سوريا وقد تهدم بناؤها, وقطعت أشجارها, وتشرد أهلها في كل مكان، شعب أراد أن يغير المعادلة، وأن يرى نفسه، يحكم نفسه، وهو حر في انتخاب رئيسه, ومن يحكمه، ظن خيراً بالربيع العربي, وصدق أن الشعب يمكن أن يكون له دوره ودخل في دوامة العنف والصراع, ثلاثماية ألف قتيل، وملايين المهجرين, ونرجع إلى المربع الأول قالت أميركا أن النظام يجب أن يتغير، وبدأت المفاوضات في كل مكان من جنيف إلى روسيا الي مصر، الى فرنسا والنتيجة، القتلى يزيدون، والدمار يعم، والشعب يتشرد ودخلت المنطقة في اطار نفوذ القوى الاقليمية والدولية المعسكر الغربي,روسيا، إيران, تركيا, العالم العربي, تمترس كل طرف ليشحذ الطرف الاَخر حول مزيد من القتل والصراع، وهاهي اميركا تعود لتقول، لابديل عن المفاوضات مع النظام، على اي شيء سيتم التفاوض هذه الملايين المشردة ومئات الألوف التي قتلت، والأرض التي استبيحت ماقيمتها على مائدة التفاوض، هل ستبقى الصورة كما هي, في مسرحية الزعيم يقول عادل امام في إحدى عباراته (ان شاء الله سيصبح الصباح ولا يجد الحاكم شعباً يحكمه), هذه الخيرة من ابناء سوريا التي فرغت ارضهم منهم كيف سيعودون,واذا عادوا كيف سيتعامل معهم النظام، معادلة القوى على الأرض حكمتها إيران ومن حالفها لتعديل الكفة, وكان البديل الذي سمح له أن يتمدد ويحارب النظام وتم دعمه في البداية، هو السبب أيضا في تغيير النظرة وإعادة الحسابات، عشرات اللافتات لقوى مختلفة، طغى على الكثير منها صفة التطرف، غير مقبولة لان تكون البديل، الجيش الحر, سيتم تدريبه وتسليمه ليس من اجل إسقاط النظام, وإنما من اجل محاربة هذه القوى أي أن الأهداف التي وضعت، والشعارات التي رفعت لم يبق لها من ميزان القوى والتنفيذ نصيب, إذن هي البراجماتية الأميركية والعجز العربي, والنووي الإيراني، ووضع العراق وإعادة تقييم العلاقة مع تركيا، ومخرجات الربيع العربي والإسلام السياسي, وقوى التطرف، قد أسقطت معادلة إسقاط النظام إلى التفاوض مع النظام، هذه هي السياسة وأحابيلها، ودهاليزها, لاتعترف بالأخلاقيات والمسلمات تتغير بتغير الظروف، وليذهب عشرات الآلاف من القتلى,والدمار والمقدرات، إلى الهباء بدون وزن ولتبقى مصالح الغرب وأميركا وإسرائيل هي المعيار وليس&رغبة الشعوب، وإرادتها, وهذه هي معالم الشرق الأوسط الجديد.