&فاطمة العتيبي


أحرقت داعش مكتبات الموصل، وهدمت المسارح والمتاحف، وحطمت كل منابر الإبداع بتشفٍّ غريب وهمجي؟

فمن أين جاء هؤلاء؟ وكيف تشكّل تفكيرهم؟ وما الذي يجمعهم؟ وما الذي يفرقهم؟

جاؤوا من خلفية تاريخية مازوخية، تعتبر الدين مرادفاً للقتل والسفك، وأن الجهاد يعني القتل والتمثيل بالأجساد والحرق والتشظي للأعداء.

شباب تتلمذوا على الكراهية والانتقام، وقرؤوا التاريخ، وعرفوا هولاكو، وأرادوا أن يكونوا نموذجاً محدثاً له، فمضوا يعيثون في الأرض فساداً، يستحضرون صفحات التاريخ، فيحرقون الكتب وكأنما يحرقون روائع ابن رشد الفلسفية، ويحطمون الآثار، ويشعلون النار في قاعات المسارح.

يستعيدون قرطبة وموقعتها الثقافية والسياسية، وابن حيان التوحيدي وقراره أن يحرق كتبه؛ لأن لا أحد يحفل بمؤلفاته.

ثقافة الحرق والتخلص من الإرث الثقافي ظاهرة في التاريخ الإسلامي، استدعاها شباب داعش العابث، فأحرق كل ما أمامه وكل ما خلفه.

وبقينا نراقب، هل تنتهي داعش مثل نهاية طالبان.

سيكون ذلك لكن بعد أن تفوز إيران بمحادثات مع أمريكا، وبعد أن يظهر بشار الأسد من أزمته، وبعد أن يعوض تجار السلاح صفقاتهم الخاسرة.

وبعد أن تصل موجات تشويه الدين الإسلامي أوجها على يد شباب لا يعرف من الإسلام إلا جهاد النكاح!
&