علي الطراح
أسس مجلس التعاون في عام 1981 بسبب ظروف أمنية مر بها الإقليم الخليجي، وفي لقاء البحرين لحوار الخليج قال سمو الأمير سعود الفيصل في عام 2004 أن المتغيرات اختلفت، وإنّ على مجلس التعاون أن يعيد حساباته. وفهمت الرسالة من وزير الخارجية السعودي، ومن ثم جاءت المملكة العربية السعودية بتطوير آليات التعاون بين دول الخليج، وطرحت فكرة الاتحاد، الذي يبدو أن بعضاً من الأعضاء يعارضون الفكرة. وفي غفلة من الزمن، حدث التدخل الإيراني في اليمن بترتيب مسبق بين «الحوثيين» وجماعة الرئيس المخلوع صالح، وتطورت الأوضاع إلى أن اتخذ قرار «عاصفة الحزم»، التي قادتها السعودية بنجاح باهر، وعاد لنا الأوكسجين. وشعرنا بأن سياسة جديدة يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ليعيد التوازن في المنطقة التي أصيبت بحالة من حالات التراخي في اتخاذ القرار. فما حدث نحن نتحمل مسؤوليته في دول المجلس، لأننا ببساطة أهملنا اليمن ليتحول إلى دولة فاشلة، نجحت «القاعدة» في بسط نفوذها فيه، ما زاد الوضع تعقيداً في الخليج والجزيرة العربية، وتحول اليمن إلى دولة مفككة باقتصاد منهار ووصلت نسبة البطالة إلى ما يقارب 50 % مع تصاعد مؤشرات الفقر في الوقت الذي يمتاز اليمن بثروة بشرية من الممكن الاستفادة منها، وهي ثروة كما وصفها الأمير تركي الفيصل بأنها أفضل من ثروة النفط. دولنا الخليجية تستعين بعمالة أجنبية، مما أدى إلى خلل سكاني يحمل معه مخاطر أمنية، ولم نفكر في الاستفادة من ثروة اليمن البشرية بل ساهمنا في عزل اليمن من خلال غياب استراتيجية لانتشال اليمن من حالة التفكك والفقر، وجعلنا من القوى الطامعة من استغلال الفرصة لخلق اضطرابات في العمق اليمني، الذي بالضرورة له انعكاساته علينا في الجزيرة العربية.
&
أليس علينا أن نعيد تقييم مسيرة التعاون ونعمل وفق رؤية جديدة كما أشار إليها الأمير سعود الفيصل في عام 2004 في لقاء «حوار المنامة». دعونا نتصارح ونخطو خطوات جريئة، فاليمن في عمق الجزيرة العربية، ولنعمل لضم اليمن لدول المجلس، ونبدأ مسيرة جديدة تمتاز بجرأة القرار والمبادرة، ولا ننتظر الحدث ومن ثم نتحرك في الوقت المتأخر. فالمتغيرات سريعة، وتطلب رؤية جديدة في تعاملنا مع الوضع في الخليج العربي. تقول شخصية سياسية من المنطقة: إن ضم اليمن يُشكل أولوية لنا، إلا أن الظروف منعتنا من التحرك السريع والمرن نحو خطورة عزل اليمن.
دول مجلس التعاون مطلوب منها التحرك السريع، ونتمنى أن يطرح الموضوع في الاجتماع المقرر له قريباً، فالأوضاع تتطور والحركة بطيئة من دول المجلس نتيجة لعدم توحد الرؤية. وآن الأوان لقرارات حاسمة حتى وإن استدعى الأمر إعادة تشكيل المجلس وتغيير اسمه إلى دول «مجلس التعاون للجزيرة العربية والخليج»، لكي نسارع في التصدي للهجمة الشرسة، التي يقودها البعض الذي فوجئ بعاصفة الحزم ومدى إمكانية الدول الخليجية أن تتحرك ضمن تحالف جديد لا تقوده الولايات المتحدة الأميركية. وأما إيران، فنحن مددنا لها اليد كما جاء في حديث المصارحة لسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير خارجية الإمارات، والذي تميز حديثة بالجرأة عندما قال: «إننا عملنا الكثير لأجل التقارب مع إيران، إلا أن السياسة الإيرانية كانت تسير وفق رؤية خاصة بها ووفق مصالحها».
نحن أمام تحديات كبيرة، وعلينا أن نقرأ خطاب حسن نصر الله بتأنٍ، وندرك قوة المفاجأة التي حملتها «عاصفة الحزم»، التي تقودها السعودية.
&
التعليقات