تفاقم الأزمة في الأردن بين الصحف اليومية والحكومة… و«الرأي» تحجب أخبار حكومة النسور


طارق الفايد

&

&

&

& تفاقمت الأزمة في الأردن بين الصحف اليومية من جهة والحكومة من جهة ثانية لتصل إلى أشدها وذلك بعد أن تعرضت هذه الصحف لأزمة مالية صعبة تخلت بعدها الحكومة عن بعضها بحجة أنها مستقلة وتتبع للقطاع الخاص، مع أن الحقيقة المعروفة للقاصي والداني أن الحكومة تتحكم بمسار وسياسات هذه الصحف من خلال ممثلي مؤسسة الضمان الاجتماعي وعبر ملكيته لحصة كبيرة من الأسهم».
وفي خطوة تصعيدية، حجبت صحيفة «الرأي» الاثنين أخبار حكومة عبدالله النسور والمؤسسات التابعة لها، استجابة لدعوة نقابة الصحافيين وتنفيذا لقرار مجلس تحرير الصحيفة، الذي اتخذ بعد توصيات لجنة العاملين فيها.
وجاء قرار الحجب بسبب عدم استجابة الحكومة والنافذة الاستثمارية في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي لمطالب العاملين المتمثلة بإعادة تشكيل مجلس الإدارة في المؤسسة الصحافية الأردنية «الرأي» وفق برنامج عمل واضح ومحدد يتضمن حل القضايا العالقة في الصحيفة بعيدا عن استهداف العاملين في أرزاقهم عبر مشاريع الهيكلة.
وأعلنت لجنة العاملين في الصحيفة عقب اجتماع عقدته الأحد أنها ستتخذ المزيد من الخطوات التصعيدية ما لم تتم الاستجابة لمطالب العاملين.وكشفت اللجنة قبل أيام عن خطة أعدها أعضاء في مجلس إدارة الصحيفة لمشروع هيكلة يقضي بالاستغناء عن أكثر من نصف الموظفين ونقل مقر المؤسسة وتخفيض الرواتب. وكان قد لوح بعض رؤساء تحرير الصحف اليومية الأردنية خلال اجتماعهم بنقيب الصحافيين قبل أيام بوقف نشر أخبار وأنشطة الحكومة وتعليق إصدار صحفهم. وطالب رؤساء التحرير الحكومة بالتدخل لإنقاذها من الأوضاع الصعبة التي تعاني منها الصحافة المطبوعة، وأشاروا إلى أن صحفهم باتت مهددة بالإغلاق».


ومن جانبه، قال نقيب الصحافيين طارق المومني، في بيان بعد لقائه رؤساء تحرير الصحف اليومية، (الرأي، والدستور، والغد، والعرب اليوم، والسبيل، والأنباط، والديار)، إن «الصحافة الورقية الأردنية ترزح منذ سنوات طويلة تحت ضغوط مالية كبيرة جراء ارتفاع كلفة الإنتاج والطباعة من جهة، وتراجع سوق الإعلان وسط الأزمة الاقتصادية العالمية والمحلية الخانقة المتواصلة منذ سنوات، ويتوقع أن تمتد آثارها لفترة طويلة».
وأوضح «أن قطاع الصحافة الورقية يواجه اليوم بعض الحقائق والأوضاع الصعبة، التي يمر بها معظم صحفنا الأردنية، وهي البوتقة التي يعمل بها أكثر من 4 آلاف شخص».
ورأى البيان، أن الظروف والأوضاع التي تمر بها الصحف المحلية، «تستدعي تدخل الدولة في هذا الأمـر». ويرى مراقبون أردنيون أنه من الغريب أن تطلب الصحافة المحلية النجدة من الحكومة، وأن الحكومة لن تقدم على هذه المساعدة مجانا، مشيرين إلى أن طلب استنجاد الصحف بالحكومة «هو من أغرب التصرفات التي تلجأ إليها هذه الصحف للخروج من مأزقها.


ولم يعد خافياً على أحد أن الأزمة المالية للصحافة الورقية أطاحت بصحيفة (العرب اليوم)، قبل أن تعاود الصدور مرة أخرى، فيما تهدد جدياً باقي الصحف الورقية في البلاد. وفي هذا السياق، أكد مركز حماية وحرية الصحافيين عن تضامنه مع الإعلاميين في الصحف الورقية والذين يواجهون المخاطر التي تهدد أمنهم المعيشي. وقال المركز في بيان حصلت (القدس العربي) على نسخة منه «طوال العقود الماضية ظلت الحكومات المتعاقبة تسيطر على وسائل الإعلام وخاصة الصحف اليومية وتمنع استقلاليتها، وتستخدمها وتوظفها في معاركها، حتى أفقدتها بشكل كبير صدقيتها عند الجمهور والشارع».
وأضاف المركز: واليوم تتخلى الحكومة عن صحيفتين يوميتين (الدستور، الرأي) بعد أن تعرضتا لأزمة مالية صعبة بحجة أنهما مستقلتان وتتبعان للقطاع الخاص، مع أن الحقيقة المعروفة للقاصي والداني أن الحكومة تتحكم بمسار وسياسات هاتين الصحيفتين من خلال ممثلي مؤسسة الضمان الاجتماعي وعبر ملكيته لحصة كبيرة من الأسهم».
وأوضح أن الإعلام يحتاج إلى رعاية من الدولة، فهو منابر للتنوير وتقديم المعلومات للجمهور، حيث تحرص الدول الديمقراطية على تنوعه وتلتزم بوجود إعلام الخدمة العامة وتموله من موازناتها، مؤكداً على أهمية إعفاء مدخلات الإنتاج والطباعة والإعلان من الضرائب، ومذكراً بأن حكومة الرئيس عبد الكريم الكباريتي جمدت كل الضرائب على الصحف خلال عامي 1996 و1997 استجابة لمطالب الإعلاميين».
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحافيين نضال منصور «الصحافة الورقية في خطر في الأردن، وعلى الجميع أن يتكاتفوا لإيجاد حلول سريعة حتى لا يدفع الصحافيون الثمن ويصبحوا الضحايا مثلما حدث في جريدة العرب اليوم من قبل».
وأشار إلى أن «علاقة الحكومة بالصحف الورقية مختلة، فالحكومة تريد المغانم من الصحافة عبر الترويج والتطبيل لها، وعندما يتعرض الإعلام لضائقة أو يطالب بحقه برفع سعر الإعلان الحكومي تتهرب الحكومة منه لتتركه يخلع شوكه بيديه».
وأكد المطالبة باستقلالية الإعلام وضرورة خلق حاضنة داعمة لصناعته حتى يتطور ويزدهر، مبيناً أن إدارات الصحف ليست معفية من المسؤولية وهناك هدر في الموارد، ويوجه للبعض اتهامات بالفساد كانت أحد أسباب الأزمة المالية المتراكمة التي تمر بها صحيفتي الدستور والرأي.
وطالب منصور بتشكيل لجنة خبراء مستقلة تضع خطة إنقاذ للصحف وتعمل على تقديم خطة زمنية لتطوير وزيادة إيرادات الصحف من الإعلانات والتوزيع، وتواكب التطورات في عالم الاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي، وتعالج الاختلالات البنيوية بما فيها ملف العاملين الذين يتقاضون رواتب ومكافآت منذ سنوات ولا يقومون بأي عمل، وكذلك الذين أداؤهم ضعيف وغير منتج.
وبين أن الوصول إلى حلول مسؤولية تشاركية، واتهام الحكومة بالتقصير لا يكفي لمعالجة الوضع ما لم يكن الصحافيون قادرين أيضاً على تشخيص الأزمة في بيتهم الداخلي، فالسكوت عن الترهل والبطالة المقنعة والتغطية على المتنفعين وإغماض العين عن الفساد في الوسط الإعلامي يقود إلى غرق السفينة، ويدفع ثمنها الجميع وأولهم الذين يعملون بكد ومهنية، والمدافعون عن حرية الإعلام واستقلاليته».
&