أيمـن الـحـمـاد


مرة أخرى يثير ضريح جد مؤسس الإمبراطورية العثمانية جدلاً بعد أن زاره أكبر مسؤولي الجمهورية التركية أحمد داود أوغلو الذي طالما كان يفتخر بهذه الإمبراطورية وبإرثها؛ يتضح ذلك في كتاباته وأحاديثه التي تكشف عن نوستالجيا (حنين إلى الماضي) عميقة في نفس هذا المسؤول الذي أوكل له تخطيط الشؤون الخارجية لتركيا قبل أن تسند له مهمة «الوزير الأعظم».. فما المغزى من تلك الزيارة؟

كان الضريح الذي نُقل مؤخراً من «قرة قوزاق» إلى قرية «أشمة» في حلب في عملية نفذها الجيش التركي فبراير الماضي داخل الأراضي السورية مثار جدلٍ كبير.

أراد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أن يوصل رسالة إلى الداخل التركي والإقليم أن رئيس حزب العدالة والتنمية يستطيع ركوب الخطر ويذهب بعيداً في المخاطرة بنفسه من أجل أن يزور الرمز التركي العثماني في الأراضي السورية، وليقول إن الحزب الذي يحن إلى ماضي الدولة العثمانية قادر على أن يدفع بحياته لصون أفكاره والدفاع عنها.. وهو بذلك يسوّق لنفسه في انتخابات حاسمة الشهر المقبل ليؤكد أن بالإمكان الاعتماد عليه.

الورقة السورية مهمة للغاية في نزال الانتخابات التشريعية، وهي كذلك في المدى الاستراتيجي، فاللاجئون السوريون الذين بلغ عددهم (1.6 مليون) تم احتضانهم داخل المخيمات والمدن التركية، ولأهميتهم قام إردوغان بمطالبتهم مؤخراً بالمشاركة في المناسبات الانتخابية التي يحضّر لها حزب العدالة والتنمية، وهو بذلك يرغب في تأسيس دورٍ حيوي لتركيا في سورية ما بعد الأسد، ويؤسس لعلاقة قوية متقاربة مع سورية المستقبل التي يحتضن بشكل دائم اجتماعات ولقاءات فرقائها السياسيين لاسيما الائتلاف السوري والأحزاب السياسية الأخرى.

الرسالة التي يريد الحزب الحاكم في تركيا إيصالها إقليمياً أن أنقرة قادرة على الدخول عسكرياً بقيادة رئيس وزرائها إلى إحدى أهم المدن السورية دون أن يرف لها جفن أو تقلق من أن يُستهدف موكبها العسكري، بل تريد أن تقول إنها جاهزة عندما يسقط النظام لأي تطور.. وإنها القوة الإقليمية الأجدر لملء أي فراغ حتى لو كان عسكرياً قد ينشأ مستقبلاً..

في خضم ذلك يأتي تقدم المعارضة العسكرية في مواقع عدة على الأرض قيل إن أنقرة تراقبها وتدعمها.. هذا التحرك يهدف إلى إلحاق الضرر بالنظام الذي قال عنه أوغلو بأنه متهالك وسيسقط قريباً.
&