عبدالقادر عياد

ترجل فارس السياسة، وعرّاب الديبلوماسية السعودية.. عميد ديبلوماسيي العالم.. سعود الفيصل صاحب الألقاب المتعددة.


غاب عن المشهد قبل أن يغادر حتى "كواليسه" أمس.. وكأنما أراد أن يخفف علينا لوعة الفراق، ووجع الفقد.


قبل أيام.. تحدث وزير خارجية أميركا جون كيري بألم عن الفقيد، إبان طلب الفقيد الإعفاء من مهمات وزارة الخارجية، وقال كيري: "لم يكن الأمير سعود أقدم وزير خارجية فقط، بل من أكثرهم حكمة" مؤكدا أنه سيواصل استشارته أمام التحديات التي تواجه العالم.


سعود الفيصل خريج الجامعة البحثية "برنستون" التي تخرج فيها كثير من العظماء، من بينهم: وودر ويلسون، وجيمس ماديسون، وجون كيندي، وغيرهم.. يملك وجها آخر لا تلتقطه عادة عدسات الإعلام.. وجه لا علاقة له بصرامة السياسة وشحوبها.


ربما يتذكر كثيرون تلك المداعبة الأخيرة التي وجهها الفيصل إلى بعض الصحفيين، خلال مؤتمر صحفي جمعه بوزير الخارجية الأميركي مارس الماضي، حين قال لهم، وهو بالكاد يجر خطاه على عكازه الذي لم يمنعه من الوقوف بشموخ دون وطنه، قال لهم: "من يريد أن يسابقني".


خرجت تلك المداعبة للضوء، في حالة نادرة.. إذ عرف عن الفقيد أن الصرامة هي السمة الأبرز في شخصيته، حسبما تنقله وسائل الإعلام.. إلا أن معظم المحيطين بفقيه السياسة يعلمون أن مداعبته تلك لم تكن استثناء، إذ عرف عنه الروح المرحة التي يتمتع بها، ومبادرته إلى ممازحة الصحفيين خلال لقاءاته بهم.


حكيم السياسة.. يعلم جيدا أن إشاعة الأجواء المرحة تمنح المحاور جرأة في الطرح، ولذلك يحرص دائما على أن تكون لقاءاته بالصحفيين مسبوقة بمداعبة عابرة.. وكأنه يقول لهم: "اسألوا عما شئتم.. فأنا قادر على الرد".


فجع العالم العربي والإسلامي.. بل والعالم أجمع بفقدان الفيصل أمس.. لكن وجعنا كسعوديين موغل في الألم، ونحن نفقد ربان السياسة الخارجية التي قادت الوطن إلى بر الأمان في محيط عاصف مضطرب.
يقول الشاعر راشد النفيعي عن فقيدنا رحمه الله:
"هز المرض راسه ولا مال راسه..
وقفة جبل دون الوطن لأربع عقود
تدرون من يملا عيون السياسة..
سعود.. ما قبله ولا بعده سعود".