صلى عشرات الآلاف بعد صلاة العشاء أمس، على جثمان وزير الدولة السعودي، عضو مجلس الوزراء، المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين، المشرف على الشؤون الخارجية الأمير سعود الفيصل في الحرم المكي الشريف، حيث سُجِّي الجثمان بعد نقله جواً من لوس أنجليس حيث توفي الخميس عن 75 عاماً قضى 40 منها على سدة الديبلوماسية السعودية. وكان سعود الفيصل عميداً لوزراء الخارجية على مستوى العالم، وصوت المملكة في الخارج وصورتها، إلى حين تقاعده في نيسان (أبريل) 2015، لأسباب صحية. (للمزيد).

وتوالت برقيات التعزية وكلمات التأبين من قادة وزعماء تنهال على القيادة السعودية، وصلى مئات الآلاف الذين أمّوا المسجد الحرام في مكة المكرمة بعد صلاة العشاء على جثمان أشهر رئيس للديبلوماسية في العالم، قبل مواراته الثرى في مقبرة العدل في العاصمة المقدسة التي دُفِن فيها عدد من الأمراء وعلماء الدين.

وكان جثمان الفقيد وصل أمس إلى جدة على متن طائرة خاصة، واستقبله عدد من الأمراء والوزراء والمسؤولين، ووصل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد ونائب رئيس الوزراء البحريني الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة إلى جدة أمس لتقديم واجب العزاء في الأمير سعود الفيصل.

وأشارت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية في تأبينها الفقيد أمس، إلى أن الأمير سعود الفيصل يحظى باحترام المجتمع الديبلوماسي في أرجاء العالم، ووصفته بأنه كان ذا عقل ثاقب وحلو المعشر، وأضافت أنه عمل عن قرب مع أربعة ملوك للسعودية، هم الملك خالد، والملك فهد، والملك عبدالله -رحمهم الله- والملك سلمان بن عبدالعزيز، لمساعدة بلاده في الاحتفاظ بثقلها ونفوذها، وتحديد ردها الملائم على الأزمات التي أقعدت الشرق الأوسط على مدى عقود. وأشارت إلى استماتته في الدفاع عن الإسلام بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2011.

مجلة «نيوزويك» الأميركية لفتت إلى أن الأمير سعود الفيصل ظل لاعباً رئيساً في كل الأزمات التي ضربت الشرق الأوسط، واشتهر بصوته الخفيض، ولمسته الحانية التي ستفتقدها السياسة العالمية بعد رحيله. وعاصر الفقيد سبعة رؤساء أميركيين، من جيرالد فورد حتى باراك أوباما، و14 وزيراً للخارجية الأميركية.

وكتبت صحيفة «نيويورك تايمز» أن الأمير سعود الفيصل تفنّن في تشكيل العلاقات المعقّدة بين السعودية وأميركا. وذكرت أن براعته الديبلوماسية ساعدت العلاقات الثنائية في تجاوز أزمات كان من شأنها أن تعصف بها، ومنها الحروب العربية مع إسرائيل، وبروز تنظيم «القاعدة»، والاحتلال الأميركي للعراق، وظهور التهديد الإيراني، وثورات «الربيع العربي».

وذكّرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية بآخر ظهور علني للأمير الراحل قبل أيام من «عاصفة الحزم» أمام أعضاء مجلس الشورى السعودي، إذ قال: «لسنا دعاة حرب، لكننا مستعدون لها إذا دقت طبولها».

وكان قادة دول العالم سارعوا إلى تعزية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إثر إعلان وفاة الأمير سعود الفيصل، وفي مقدّمهم الرئيس أوباما، الذي نوّه بالتزام الفقيد أهمية العلاقات السعودية - الأميركية، فيما رثاه وزير الخارجية جون كيري بوصفه «رجلاً واسع الخبرة، دافئ الشخصية، ذا فكر ثاقب، خدم وطنه بإخلاص». وأعرب رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كامرون عن حزنه لوفاة «رجل واسع الحكمة في شؤون السياسة الدولية». واتصل الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والجيبوتي إسماعيل عمر غيلة بخادم الحرمين للتعزية.

وتلقى خادم الحرمين الشريفين أمس تعازي الملوك والرؤساء العرب بوفاة الأمير سعود الفيصل. وأعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن عزائه ومواساته خادم الحرمين والأسرة المالكة، والشعب السعودي. وقال: «ببالغ الحزن والأسى تلقينا نبأ وفاة فقيد الأمة العربية والإسلامية الأمير سعود بن فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله، خسرنا برحيله ديبلوماسياً بارعاً، وقائداً عربياً وإسلامياً فذّاً مناصراً لقضايا الحق والعدل في العالم بأسره، عرفناه - رحمه الله - بحكمته ومناصرته للقضية الفلسطينية وللقضايا العربية وللعمل العربي المشترك».

وبعث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ببرقية تعزية الى الملك سلمان بن عبدالعزيز بوفاة وزير الخارجية السعودي السابق.

وقال في برقيته إن الأمير سعود الفيصل «كان وجه بلاده في المحافل الدولية، وحظي بالاحترام بسبب حكمته ونزاهته». وزاد: «في أوقات الاضطرابات والتغيير ميّزَ نفسه بالرؤية الثاقبة والتحليل السديد». ووصف الأمير الراحل بأنه «كان صديقاً للأمم المتحدة ورجل دولة استمع العديد الى نصائحه ومقارباته».
&