الحريري: لسنا بالمطلق ضد الحرب الاستباقية على أن يتولاها جيش لبنان وقواه الأمنية

&

&

&

&

&

&
شدد زعيم «تيار المستقبل» الرئيس السابق للحكومة اللبنانية سعد الحريري على أن «لبنان بخير رغماً عن الذين لا يريدون الخير لشعبنا والأمان لبلدنا والسلامة للعيش الوطني المشترك».

وقال خلال مأدبة إفطار أقيمت في «بيال» غروب أمس، عبر شاشة كبيرة: «العام الماضي تقدّمنا بخريطة طريق لحماية لبنان من الحرائق المحيطة، وأكدنا أن مفتاح الاستقرار وتصويب المسار السياسي، يتمثل بانتخاب رئيس للجمهورية، والانتقال إلى حكومة جديدة، ووقف التورّط المتمادي في الحرب السورية، وقلنا بوجوب مكافحة الإرهاب ومخاطر الاختراق للمناطق اللبنانية، من خلال استراتيجيةٍ وطنية يتولاها الجيش اللبناني والقوى الشرعية حصراً. لكن مع الأسف الشديد، لم تتم ملاقاتنا بخطوة جدية واحدة على هذا الطريق، فواصلت البلاد الدوران في الحلقات المفرغة، ومرت سنة على الفراغ في رئاسة الجمهورية وكأن شيئاً لم يكن. وتعالى التحذير من الانتحار الاقتصادي والاجتماعي وبقيت المواقف أسيرة الرهان على الانقلابات الإقليمية والتوافقات النووية والانتصارات الوهمية. مشهد المراوحة في الفراغ وتعطيل المؤسسات الدستورية واحدة بعد الأخرى، يقابله مشهد القلق لدى الأكثرية الساحقة من اللبنانيين. قلق على الاستقرار، ولقمة العيش، وقلق يتلازم مع التمزق الجغرافي والإنساني الذي تعانيه سورية، ما يزيدنا تصميماً على المبادرة لإيجاد المخارج، وبادرنا في أكثر من مناسبة من اجل ذلك، ولم نتأخر عن أي دعوة إلى الحوار، وقلنا إن مسألة حماية لبنان من الفتنة، تتقدم على أي أولوية، وهي سياسة سنستمر بها، مع كل ما يواكبها من ملاحظات وانتقادات».

&

النار السورية

وذكر الحريري بـ»أننا قبل أكثر من سنتين، قلنا لـ»حزب الله» إن التورط العسكري في الحرب السورية، لن يكون في مقدوره إنقاذ نظام بشار الأسد. وردوا علينا بأن سقوط النظام لم يتحقق، وهذا أمر صحيح أيضاً. ولكن الأصح أن النظام يقف فوق صفيح من الدم والنار والدمار، والاهتراء يعتريه من كل الجهات. ومئات الشباب اللبنانيين الذين تمت التضحية بأرواحهم، لم يحققوا ولن يستطيعوا أن يحققوا أهداف «حزب الله» في حمايته، والجرح الناشئ عن هذا التورط سيضرب عميقاً في الوجدان السوري، بما يدمر العلاقات الأخوية بين الشعبين والبلدين».

ونبه إلى أن «صب الزيت على النار السورية جريمة بحق لبنان وسلامته بمثل ما هو جريمة بحق سورية وشعبها». وشدد على «أن المجال المتاح أمامنا واضح ومحدد: أن نقيم سداً لحصر أضرار النيران التي تحيط بنا. هذا السد اسمه الإجماع الوطني أو الوحدة الوطنية، لنعطي الدولة ما للدولة، وتحديد الإطار الكامل لمكافحة الإرهاب وحماية البلدات البقاعية وضبط الحدود في الاتجاهين، ومعالجة النزوح السوري بما توجبه العلاقات الانسانية والأخوية وقواعد السلامة المطلوبة للامن اللبناني». وقال: «حزب الله لا يريد أن يسمع هذا الكلام، لكننا نراهن أن يجد هذا المنطق، مكاناً له في عقول وقلوب الأخوة من رموز وأبناء الطائفة الشيعية، والمضلّلين بوهم الحرب الاستباقية. نحن لسنا في موقع الرفض المطلق للحرب الاستباقية ضد الإرهاب. لكن هناك فرق بين أن يخطط لبنان لمواجهة الإرهاب، من خلال منظومة وطنية يتولاها الجيش والقوى الشرعية على الأراضي اللبنانية، وبين أن تتفرّد مجموعة لبنانية مسلحة بإعلان الحرب الاستباقية وخوضها خارج الحدود، ضمن منظومة إقليمية ذات وجه مذهبي، تبدأ في دمشق وتتصل بخطوط قاسم سليماني في الموصل وصنعاء وعدن».

وتوقف الحريري عند «نظرية غريبة عجيبة تدعو إلى قيام كيانات أمنية وعسكرية، رديفة للجيوش والقوى الرسمية في بلدان المنطقة، على صورة حزب الله في لبنان في موازاة الجيش اللبناني، والحشد الشعبي في العراق في موازاة الجيش العراقي، وقوات الدفاع الشعبي في سورية في موازاة الجيش السوري، وأنصار الله في اليمن في موازاة الجيش اليمني، على نموذج الحرس الثوري في إيران. في النظرية هذه الكيانات قادرة على مواجهة الإرهاب أفضل من الجيوش النظامية، لكن أخطر ما في الأدوار التي تتولاها هذه الكيانات، تجريد المعركة ضد الإرهاب من بُعدها الوطني الجامع، واستبدال رايات الإجماع الوطني ضد الإرهاب برايات الفتنة والحروب المذهبية. هذه لعنة موصوفة لانقسام المجتمعات والدول، وإبقاء الفتنة سيفاً مسلطاً على الوحدة الإسلامية، وهو ما لن نتردد في لبنان عن الدعوة إلى رفضه».

وشدد على أن «في تيار المستقبل لسنا بوارد أي مواجهة على أساس طائفي. خلاف سياسي؟ نعم. في موضوع رئاسة الجمهورية قلنا: ليس لدينا فيتو على أحد. ونزلنا إلى كل جلسة لانتخاب رئيس. لكن النصاب لم يتحقق لأنه ليس هناك توافق».

ولفت إلى أن «تيار المستقبل أمانة رفيق الحريري في الحياة الوطنية اللبنانية. راهنوا على أن يكون على صورتهم. لكنهم فشلوا في استدراجنا وأدركوا متأخرين أن الميلشيا ليست ملعبنا، لأن تيار رفيق الحريري يستحيل أن يشارك في ألعاب الدم بين الإخوة»، مشيراً إلى شريط الاعتداء على المساجين في سجن رومية، قائلاً:» ما حصل خطأ كبير، بل خطأ فادح. من ارتكبوه يجب أن يحاسبوا، وهم يحاسَبون. أما أن يتحول خطأ إلى حملة على وزير الداخلية وقوى الأمن وشعبة المعلومات، فهذا غير مقبول». وأكد «أننا على رغم كل الضجيج والمزايدات والتصعيد، ما زالت الغالبية الساحقة من اللبنانيين، من كل المناطق والطوائف والقناعات السياسية، تريد سماع صوت العقل والهدوء والمنطق. ونحن تيار المستقبل، تيار رفيق الحريري، تيار العقل، والهدوء والمنطق، لا ننجر إلى المزايدات والتصعيد والتطرف، لأنها وصفة لضرب السلم الأهلي وخطوة أولى وأخيرة ونهائية باتجاه الحرب الأهلية».

وانتهى إلى القول: «إذا كانت هناك من جريمة أكبر من ضرب الدين باسم الدين، فهي جريمة حرق الوطن باسم الوطن، وتدمير حياة أهلنا باسم الدفاع عن أهلنا، والمزايدة على اعتدالنا، باسم محاربة التطرف. لا يزايد علينا أحد، لا بالدين، ولا بالوطنية ولا بالاعتدال ولا بالحرص على اللبنانيين وحقوقهم. نحن اسمنا «تيار المستقبل»، لإننا نتطلع إلى الأمام، وليس إلى الخلف».
&