&

&جاسر عبدالعزيز الجاسر

&
مع أن التاريخ دائماً يكتب بأقلام المنتصرين، وأن العصر الحديث تتربع أمريكا على قائمة المنتصرين رغم الانتكاسات التي ألحقها كل من بوش الصغير وأوباما وقلصا ما حققه كلنتون وريجن، إلا أن أمريكا تظل في المقدمة وأن ما فعله بوش الصغير وأوباما ما هي إلا خدوش لا تؤثر في صلب القوة الأمريكية التي هي من وجهة النظر الأمريكية المجردة إعادة لترتيب الأولويات التي تخدم المصلحة الأمريكية، والمصلحة الأمريكية في عصر بوش وأوباما، هي الحفاظ على النفوذ الأمريكية مع الحفاظ على القوة الاقتصادية وهو ما يعني أن لا يقترب أحد من مناطق النفوذ والهيمنة الأمريكية دون أن تضطر أمريكا إلى تكبد أعباء إضافية سواء بإرسال قوات أو تخصيص أموال، وأن الوسيلة التي توصل إليها هو الابتعاد قدر الإمكان عن مناطق اشتباك وترك أهل تلك المناطق حل مشاكلهم بأنفسهم دون تدخل بقدر الإمكان على أن لا يؤثر ذلك على النفوذ الأمريكي.. وهكذا أدار أوباما ظهره وظهر أمريكا لما يجري في العراق إلى حد ما، وكلياً إلى ما يجري في سوريا، وقلص من الوجود الأمريكي في أفغانستان، ومنح حلفاء أمريكا وخاصة في دول الخليج العربي مزيداً من معسول الكلمات والطمأنة الزائفة.. في حين واصل التفاوض مع من يخرجون في تظاهرات أسبوع لشتم أمريكا، ومع هذا قدم أوباما صك الاعتراف بنظام ملالي طهران ووفر لهم الحماية بتسهيل تسليمهم أكثر من مئة وخمسين مليار دولار ستكون وقوداً لإشعال الإرهاب في المنطقة.

150 مليار دولار ستصل إلى أيادي قاسم سليماني وجماعته من الحرس الثوري المكلفين بإشعال حرائق الإرهاب في الدول العربية، وهذه أولى صور اتفاق أمريكا وإيران على تأجيل إنتاج الأسلحة النووية من قبل نظام ملالي إيران مقابل إطلاق يد النظام في حد نفوذها على المنطقة العربية التي كانت توصف بأنها منطقة دول تتحالف مع أمريكا لتحسين التعامل الاقتصادي والحفاظ على تدفق الطاقة إلى جميع الدول.

الآن إيران ستشارك أمريكا النفوذ وسواء وافقت واشنطن أو تمنعت فإن جيوش قاسم سليماني الإرهابية من حزب الله والحشد الشيعي العراقي والحوثيين قادرون على الضغط على أوباما المرتجف إلى إفساح المجال لملالي إيران لمشاركة أمريكا الهيمنة على المنطقة، إن لم يترك كل شيء ويذهب إلى الشرق، حيث التفاهم مع الصين واليابان وكوريا أفضل من الإيرانيين الذين تختزن جيناتهم صفات وراثية لا يستطيع الأمريكيون مواجهتها.

هناك تبرز أهمية ودور دول المنطقة التي رفضت الهيمنة الأمريكية وتقاوم المحاولات الإيرانية في الاعتماد على نفسها وإن تكرر ما قامت به في عملية الحزم التي بشرت بولادة قوة عربية قادرة على صد غدر ملالي إيران ونقوص أوباما الأمريكان، وهنا سيذكر التاريخ من الذين أفشلوا تفاهم أصحاب الجينات الغادرة والقادة المرتعشة أياديهم فيما تفوق الحزم بتحقيق مساحات كبيرة من الظفرات.
&