بيروت - «الحياة»: اتجهت أزمات لبنان الى التأجيل، إن على صعيد تراكم النفايات أو على صعيد التجاذبات السياسية، نتيجة العجز عن إيجاد الحلول على كل الصعد، ما رفع درجة الاستنفار الخارجي الدولي والعربي لثني رئيس الحكومة تمام سلام عن التفكير بالاستقالة منعاً لمزيد من التدهور في الأوضاع الداخلية واستفحال الفراغ الدستوري في ظل استمرار الشغور الرئاسي المرشح للاستمرار حقبة أخرى من الزمن. وخضعت جلسة مجلس الوزراء المقررة اليوم لمتابعة البحث في أحد بنود التأزم السياسي، أي طريقة اتخاذ القرارات في الحكومة بناء على إصرار العماد ميشال عون و «حزب الله» المتضامن مع مطالبه بإعطاء الأولوية لتعيين القيادات العسكرية بدل التمديد لها، لاقتراح بتأجيلها، لإفساح المجال أمام المزيد من الاتصالات لعلها تقود الى التهدئة وتحول دون انفجار الخلافات مجدداً داخل الجلسة. وسرت اتهامات بأن «صفقات وحصص» وراء أزمة النفايات.

وأجرى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند اتصالاً بعد ظهر أمس بالرئيس سلام للتداول معه في الأزمة السياسية، مؤكداً تضامن بلاده مع حكومته. وأوضح المكتب الإعلامي لسلام أن هولاند أكد له «دعم فرنسا للبنان ومؤسساته الشرعية، وأنه جرى عرض للأزمة الحكومية في لبنان وانعكاساتها. وأعرب الرئيس الفرنسي عن أسفه لاستمرار الشغور في رئاسة الجمهورية وعدم تمكن القوى السياسية من التوافق على انتخاب رئيس جديد». وأضاف المكتب الإعلامي أن هولاند «أشاد بحكمة الرئيس سلام معرباً عن مساندته الكاملة إياه في جهوده الرامية إلى الحؤول دون تسلل الشلل إلى مؤسسة مجلس الوزراء. كما أكد استمرار فرنسا في تطبيق خطة تسليح الجيش والقوى الأمنية في لبنان التي أقرت بموجب الهبة السعودية».

واتصل وزير خارجية مصر سامح شكري بسلام أمس، لتأكيد الدعم الكامل له وللحكومة وضرورة تفعيل عملها. وعلمت «الحياة» أن شكري تمنى على سلام عدم الاستقالة، فيما أجرى سفير مصر في لبنان محمد بدر الدين زايد اتصالات مع سائر القوى السياسية داخل الحكومة وخارجها، شملت العماد عون و «حزب الله»، لدعوتها الى التهدئة والتعاون مع سلام. وعلمت «الحياة» أن الديبلوماسية المصرية أعربت عن قلقها من أن الوضع الإقليمي المضطرب والمتوتر لا يحتمل انهيار لبنان ومؤسساته في حال استفحل الفراغ باستقالة حكومة سلام ليضيف انسداداً في الأفق في ظل الشغور الرئاسي. وأجرت القاهرة اتصالات مع عواصم أخرى للتنسيق في شأن الوضع اللبناني.

وزار كل من وزير التنمية البريطاني ديسموند سوين وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة سيغريد كاغ، سلام لهذا الغرض.

وتعثرت الحلول الموقتة لتراكم النفايات في بيروت وضاحيتها الجنوبية والشمالية بعدما كان بدأ جمع جزء منها أول من أمس لنقلها الى بعض المكبات التي اتفق عليها في اتصالات سلام مع القوى السياسية النافذة في بعض المناطق، فتعذر نقل بعض الكميات التي جرى رفعها الى منطقة سبلين في إقليم الخروب (جبل لبنان) بعدما أقفلت فعاليات في المنطقة الطريق الدولية في ساحل الشوف رافضة نقل النفايات إليها منذ أول من أمس. وفتحت ظهر أمس بعد أن تلقت هذه الفعاليات وعداً بعدم نقل النفايات الى منطقتها.

ونقل جزء من الكمية القليلة من النفايات التي جمعت في العاصمة والضواحي الى أماكن أخرى متفرقة من مقالع وكسارات ومحيط المطار، فيما أفرغت شاحنات جزءاً آخر في شكل عشوائي في مناطق جبلية.

وبينما ترأس سلام اجتماعين للجنة الوزارية المكلفة بحث حلول لأزمة النفايات، صباحاً ومساء أمس، رفع رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل الصوت وقال: «لا نفهم ما الذي يعرقل الحلول التي اتفقنا عليها قبل 4 ايام». ودعا الجميل، إزاء الحديث عن «صفقات مالية وابتزاز متبادل بين سياسيين وشركات، الى التحرك للكشف عمن يقف وراء كارثة النفايات» وأضاف: «إذا أرادوا الضغط على الرئيس سلام فليس على حساب اللبنانيين، وإذا أرادوا الضغط على بعضهم بعضاً من أجل حصص فليس على حساب صحة المواطنين».

وأوضح أن الكلفة التي تتقاضاها شركة «سوكلين» (لجمع النفايات وطمرها) تبلغ 150 دولاراً للطن الواحد، فيما معالجة نفايات مدينة نيويورك تكلف 70 دولاراً للطن الواحد.

ووصف رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الأزمة بأنها فضيحة كبرى «تثبت صحة وجهة نظرنا بأن حكومة جمع السلبيات لا يمكن أن تبني وطناً أو تأخذ قراراً».