القاهرة - سهير عبد المجيد: «عاشقة للشخصيات الصعبة والأدوار المركبة والأعمال التي تغوص في أعماق النفس البشرية».

هكذا تقدم الفنانة المصرية نيللي كريم نفسها، والتي ترى أن هذه النوعية من الأعمال تجعلها تشعر بقدراتها كممثلة، وتتيح لها تقديم كل ما هو عكس شخصيتها.

وعلى الرغم من ذلك، تؤكد كريم في حوار مع «الراي» أن الصدفة وحدها هي التي جعلتها تقدم أدواراً صعبة مثل «ذات» و«سجن النساء» وأخيراً «تحت السيطرة»، معبّرة عن الزهو بالمرحلة الفنية التي تعيشها، وبكون صنّاع الأعمال الفنية أصبحوا يرون فيها ممثلة تقدم كل الألوان.

وفتحت كريم قلبها، وتحدثت عن تفاصيل تقديمها لشخصية المدمنة في «تحت السيطرة»، الذي أثار ولا يزال يثير الكثير من الجدل، وسرّ حبها للتعاون مع المؤلفة مريم نعوم. كما تحدثت عن الهجوم الذي تعرض له المسلسل، رافضة الاتهامات التي وجهت إليه بأنه يروّج للإدمان، ومؤكدة أن العكس هو الصحيح حيث زاد الإقبال على العلاج من الإدمان بعد عرض المسلسل، وتطرقت إلى تفاصيل أخرى عن أعمالها المقبلة، وهنا نص الحوار:

• شهر رمضان أصبح موسماً لتألقك تلفزيونياً، فكيف كان الأمر هذا العام؟

- للأسف أنني لم أستمتع بطقوس الشهر الكريم وعزومات رمضان، وأجوائه العائلية المحببة، لأني كنت مشغولة طوال الوقت بتصوير مسلسل «تحت السيطرة»، وأصبت بحالة إرهاق رهيبة في ظل حر الصيف، ولهذا حاولت قدر الإمكان أن يكون العيد بالنسبة إليّ «تعويض»، ولكن في المجمل أنا سعيدة بنجاح «تحت السيطرة» وردود الفعل الطيبة حول المسلسل، وهو ما عوّضني عن التعب والإرهاق.

• كان من المفترض أن تخوضي السباق الرمضاني بمسلسل آخر هو «واحة الغروب»... فما الذي جذبك لـ«تحت السيطرة»؟

- بالفعل، كنت أجهّز لمسلسل «واحة الغروب» مع المخرجة كاملة أبوذكري، عقب انتهائنا العام الماضي من «سجن النساء»، لكن الوقت لم يسعفنا وفي الوقت نفسه وجدت مريم نعوم وتامر محسن يتحدثان معي عن «تحت السيطرة»، ووجدته عملاً مهما وقضيته خطيرة ويقدمني بشكل مختلف وغير مكرر فتحمست له.

• قدمت شخصية مريم المدمنة بحرفية شديدة... حدثينا كيف تعايشت معها وقدمت أدق التفاصيل في حياتها؟

- مريم من الشخصيات المركبة الصعبة التي لها أبعاد نفسية واجتماعية عميقة، وهي امرأة عادية حالها حال سيدات كثيرات وتنكشف حقيقتها مع الوقت، والحقيقة أن الشخصية أرهقتني جداً، لكن ساعدني في تقديمها السيناريو الذي كتبته مريم نعوم والتفاصيل التي أضافها المخرج تامر محسن.

فهما عملا على الفكرة وقتاً طويلاً، وتحدثا مع مجموعة من الحالات التي تعافت من الإدمان عن تفاصيل اجتماعية وإنسانية في حياتهم، وبالتالي نستطيع أن نقول إن النماذج المختلفة للمدمنين التي ظهرت في «تحت السيطرة» هي قصص حقيقية من قلب الواقع، وأردنا أن نوجه من خلالها رسالة مهمة، وهي أن الإنسان الذي يعتقد أنه يسيطر على نفسه مخطئ، لأنه أضعف من السيطرة على مشاعره واحتياجاته.

• وهل التقيت بمدمنين حتى تقدمي تفاصيل معاناتهم؟

- لم ألتق بمدمنين، ولكن المخرج تامر محسن جعلني أقابل عدداً من الأصحاء الذين تعافوا من الإدمان، وأصبحوا شخصيات سوية جداً وتعيش حياتها بشكل طبيعي وأفضل من العادي، وأنا استفدت كثيراً من كلامي معهم في تقديمي لدور مريم، وهذا أعطى الشخصية مصداقية أكثر مع الجمهور، وشعرت بأن رسالتي بدأت تصل للناس.

• وما أهم المشاهد التي شعرت فيها بصعوبة وأنت تؤديها على الشاشة؟

- الحقيقة الشخصية كلها صعبة من أول مشهد لآخر مشهد، وأرهقتني نفسيا لأنها كما ذكرت شخصية معقدة ولها أبعاد كثيرة.

• مع ظافر العابدين كوّنتما ثنائياً ناجحاً خلال الأحداث... حدثينا عن تعاونك معه للمرة الأولى؟

- ظافر فنان مجتهد جداً وممثل «هايل» له كاريزما على الشاشة، وهو اجتهد جدا في دوره وتمكن من إتقانه، وقدم ردود الأفعال الطبيعية عندما يعلم الزوج بإدمان زوجته، وأنا سعيدة بنجاحنا معاً.

• وماذا عن تجربتك الأولى مع المخرج تامر محسن؟

- تامر مخرج له شخصيته المميزة، فهو يهتم بأدق التفاصيل الخاصة بأبطاله، ويتعامل مع كل مشهد على أنه ماستر سين العمل، وأنا شاهدت تجربته الأولى في «بدون ذكر أسماء» وأعجبت بها جداً، فشخصياته كانت من لحم ودم، وهي نفس حال أبطال «تحت السيطرة» الذين صنع تامر محسن لهم تفاصيل حقيقية تشعرك بأن الشخص الذي أمامك مدمن حقيقي، وأعتقد أن تجربتي معه كانت مثمرة.

• مع تكرار تعاونك مع المؤلفة مريم نعوم، من وجهة نظرك ما الذي يميز كتابتها عن غيرها؟

- مريم من المؤلفين الذين أشعر معهم بكيمياء وبراحة مع كتابتها، ومن حسن حظي أن أهم أعمال قدمتها كانت معها، فكل شخصيات أعمالها أبطال بحكم أننا نقدم حدوتة للجمهور، والأهم أن الموضوع هو البطل الحقيقي للعمل.

• وهل الأعمال التي جمعتك بمريم نعوم كانت مكتوبة خصيصاً لك؟

- لا، ولم يحدث في وقت من الأوقات أنني اتفقت مع مؤلف أو كاتب سيناريو سواء مريم أو غيرها، على كتابة عمل خصيصاً لي لأني ضد هذا المبدأ، وأنا أؤمن أن أي عمل أشارك فيه يضم أبطالاً آخرين، لا بد أن يأخذوا حقهم، وليس معنى أن أكون بطلة أن دوري يكون من الجلدة للجلدة.

• العمل حقق ردود أفعال واسعة منذ بداية عرضه. ما أهم الآراء التي تعتزين بها؟

- أسعدتني جداً رسائل جاءت لي على «فيسبوك» من أشخاص يطلبون أرقام مراكز لمعالجة الإدمان لرغبتهم في العلاج، أيضاً هناك أطباء في مراكز للإدمان يقولون إن المكالمات التي تسأل عن خطوات العلاج من الإدمان زادت بعد عرض المسلسل، وأن الإقبال على العلاج من الإدمان ارتفع، وبالطبع كل هذا يسعدني ويجعلني أشعر بأني أقدم شيئاً له قيمة ويفيد الناس.

• وكيف تقيمين تجربتك مع شركة العدل جروب بعد «سجن النساء» و«تحت السيطرة»؟

- الحقيقة أن شركة العدل جروب من الشركات المحترمة، التي نجحت في تقديم أعمال ذات قيمة، وستظل باقية في تاريخ الدراما العربية، وأنا سعيدة بتعاوني معهم في أكثر من عمل، وهذا العام قدموا توليفة مختلفة، بداية من الدراما التاريخية في «حارة اليهود»، والشعبية في «بين السرايات»، والدراما الاجتماعية في «تحت السيطرة».

• وما رأيك في الهجوم الذي تعرض له المسلسل ووصل لمقاضاته بدعوى أنه يروج للإدمان؟

- هذا الكلام غير صحيح، فـ «تحت السيطرة» لا يروج للإدمان، بل هو على العكس يحمل رسالة مهمة، مفادها أن المدمن إنسان قبل أي شيء ويحتاج أن نقف بجواره حتى يخرج من محنته. لذلك، وعندما يتعافى، لا بد أن نتعامل معه بشكل طبيعي، ولا نأخذ منه موقفاً حتى لا يعود إلى التعاطي مرة أخرى، ويدخل في دوامة جديدة سواء هو أو أهله، لأن المدمن لا يعاني وحده وإنما أهله يشاركونه في المعاناة.

أما إتهام أننا نروج للإدمان، فهذا غير موجود بالمرة، والمخرج تامر محسن تعمّد عدم وجود أي تفاصيل حول طريقة تعاطي المدمن للمخدر، حتى لا يشجع الشباب على الإدمان والتركيز كله كان حول الجوانب النفسية التي ترصد معاناة المدمن.

• لكن البعض يرى أن موضوع المسلسل غير مناسب لرمضان؟

- لو نظرنا للموضوع بهذا المنطق، سوف نلغي الدراما والمسلسلات وأعتقد أن هذا التفكير أصبح قديماً، والناس يعلمون جيداً وتفرق بين العمل الجيد والعمل السيّئ، وإلا ما نجحت أعمال مثل «ذات» و«سجن النساء».

• ومن خلال تجربتك في «تحت السيطرة» ماذا تقولين لأولياء الأمور؟

- أقول لهم لا بد أن تعرفوا كل شيء عن أولادكم وأصدقائهم ومشاكلهم والطريقة التي تتعاملون بها معهم قبل فوات الأوان.

• هل ترين أن معاملة المجتمع للمدمن بعد شفائه تتسبب في عودته للإدمان مرة أخرى؟

- بالتأكيد، لأن المجتمع يبني حاجزاً بينه وبين المدمن، يجعله يشعر بأنه غير مرغوب فيه، فيعود للإدمان كنوع من الهروب من نظرة الآخرين له، لذلك علينا أن نتعامل معه على أنه مرض مثل أي مرض، وأتذكر أن صاحب إحدى الحالات التي تحدثت معها روى لي كيف أنه تقدم لوظيفة ولم يتم قبوله عندما علموا أنه كان مدمناً، وهذا ما ننبه لخطورته.

• قدمت شخصيات صعبة في مسلسلات «ذات» و«سجن النساء» و«تحت السيطرة».. فهل أصبحت تستهويكِ الشخصيات المركبة؟

- نعم، أحب تقديم الشخصيات الصعبة التي تحمل أبعاداً، وأنا أنظر لكل الأدوار التي أقدمها على أنها أدوار صعبة. وكوني قدمت في أعمالي الأخيرة أدواراً مركبة، فهذا جاء صدفة، وأنا لا أقصد تقديم الأدوار الحزينة وأتمنى تقديم كل الألوان سواء الشخصيات الدرامية أو الكوميدية والذي يحكم هنا الورق الجيد.

وأتذكر بعض الآراء التي كتبت على «فيسبوك» تقول إنني أحب تقديم الشخصيات الكئيبة، وقمت بوضعها على صفحتي لأني أحترم كل الآراء وهي لا تزعجني، فأنا أحب الاستماع لكل الآراء حتى أستفيد منها.

• وما الجديد الذين تستعدين له بعد «تحت السيطرة»؟

- سأحصل على إجازة بعد المجهود الذي بذلته، ثم أستكمل تصوير المشاهد المتبقية في فيلم «يوم للستات»، للمخرجة كامله أبوذكري وإنتاج إلهام شاهين، وتشارك فيه نخبة كبيرة من الفنانين، وأتوقع أن يكون هذا العمل من الأفلام المهمة، فهو يمثل حالة فنية وإنسانية مختلفة.

• وماذا عن أسرتك؟

- أحاول أن أعوضهم عن انشغالي أثناء تصوير «تحت السيطرة»، حيث سأحصل على إجازة عائلية أنفصل فيها عن كل شيء إلا أسرتي.