هشام ملحم
&
قيل فيه كل شيء سلبي يمكن ان يقال في رجل يريد ان يصل الى البيت الابيض، ومع ذلك لم يعلق به أي شيء. يطلق عليه منافسوه والمحلّلون النصال، وفي الحالات النادرة التي تصيبه، تتكسر النصال على النصال. دونالد ترامب، المرشح الجمهوري لمنصب الرئاسة، نرجسي بامتياز، يعشق الاضواء، ويصر دائماً على ان يكون موضع جدل. شخصيته معجونة بالتعجرف والغرور، ومواقفه تتسم بالتهور والشوفينية التي تتقاطع مع العنصرية، ومفهومه للعلاقات الدولية بسيط وخطير: على العالم ان يقبل املاءات الولايات المتحدة، وإلاّ...
&
ترامب يكرر دائما انه ذكي للغاية، لكنه سطحي الى ابعد الحدود، واذا تحدث بضع دقائق يقترف الاخطاء، واذا تجرأ احدهم على مساءلته، يتعرض للاهانات. كلماته المفضلة لمن يختلف معه هي: انت غبي. ولكن منذ ان أعلن ترشحه في حزيران الماضي وهو لا يزال متقدما في كل استطلاعات الرأي واخرها لشبكة "سي أن أن" حيث تفصله عن منافسه الاقرب اليه وهو جيب بوش 11 نقطة.
&
ترامب يقول انه يريد استعادة عظمة أميركا. كيف؟ من خلال منع الصين واليابان من اغراق الاسواق الاميركية ببضائعهما، لكنه لا يشرح كيف يمكن تحقيق ذلك. هو يريد ان يطرد 11 مليون مهاجر غير شرعي، معظمهم من أميركا اللاتينية، وهو أمر غير قابل للتنفيذ، ومكلف للغاية. الاسوأ ترامب يريد منع اعطاء الجنسية الاميركية لاي طفل يولد في اميركا، وأمر يضمنه الدستور الاميركي. وهو يريد بناء جدار بطول الفي ميل مع المكسيك ويدعي انه سيرغم المكسيك على دفع كلفته، وهو امر غير قابل للتحقيق.
&
في مقابلة أجريت معه يوم الاحد، سئل: كيف ستواجه داعش؟ ترامب: يجب حرمانهم النفط. علينا ان نعود الى العراق واحتلال آبار النفط واستغلالها. من اين تحصل على المشورة العسكرية؟ ترامب: اراقب البرامج التلفزيونية (التي يتحدث فيها العسكريون). العلاقة مع السعودية؟ ترامب: عائدات السعودية هي مليار دولار يومياً، عليهم ان يدفعوا لنا لاننا نحميهم.
&
ترامب يستفيد من نقمة العديد من الناخبين من عجز الحزبين الجمهوري والديموقراطي عن حل المشاكل الاقتصادية للبلاد، وقلقهم من التحولات الاستراتيجية والاقتصادية التي تغير موازين القوى في العالم. لكن ظاهرة ترامب تؤكد من جديد ان الديماغوجية السياسية في الازمنة القلقة تنجح في اللعب على مخاوف الناس وقلقهم وتفلح في تضليلهم من خلال استغلال غرائزهم وهواجسهم (مثل قلق الاميركيين من الهجرة غير الشرعية). كل دورة انتخابية تجلب مرشحين نرجسيين وغريبي الأطوار ثم تلفظهم. هذه المرة النرجسي المتهور ثري جداً، وسوف يبقى معنا وقتاً أطول.