&&فاطمة حوحو


• القول بأن هناك معارضة في الخارج وأخرى في الداخل فكرة غير واقعية تنمّ عن عدم فهم للوضع السوري نفسه

• الجهود العربية حراك يكرس حقيقة السعي إلى وضع حد لما يجري في سورية ووضعها على سكة الحل

• القضية السورية لم تعد قضية داخلية بفعل التدخل الإيراني و«حزب الله» وروسيا


أكد عضو الهيئة السياسيّة في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الكاتب فايز سارة أن هناك حراكاً إقليمياً ودولياً اليوم يؤشر إلى السعي لمعالجة الأزمة السورية ووضعها على سكة الحل، مشيراً إلى «أهمية عدم إغلاق أي باب للحل».

ولم يستبعد سارة في حديث لـ«الراي» عقد مؤتمر دولي لأن القضية السورية لم تعد قضية داخلية بفعل التدخل الإيراني و«حزب الله» وروسيا «حتى بدت القوى الداخلية مجرد أدوات في الصراع الدولي مثل ما هو النظام السوري فقط قوة مرهونة تنفذ أجندة إيرانية ضمن استراتيجية كاملة وواضحة ولا يمكنه الخروج عنها».

واذ لم يتفاءل سارة بموقف روسيا من رأس النظام بشار الأسد، أعرب عن اعتقاده أن إيران بعد الاتفاق النووي «تسعى للحفاظ على مصالحها بطرق غير مباشرة عبر»حزب الله»والحرس الثوري والعنجهية العسكرية وتسعى لتحقيق مصالحها بالديبلوماسية، ولذلك يتحرك وزير خارجيتها محمد جواد ظريف باتجاه دول الخليج وأوروبا والولايات المتحدة وروسيا للحصول على موقع قدم لها في سورية من خلال الحل الذي تعمل قوى دولية وإقليمية على صوغه. وفي ما يأتي نص الحوار:

• أزمة الثورة السورية إلى أين؟ هل الحلول ممكنة اليوم بعد المبادرة الإيرانية والحراك السعودي وما قيل عن موقف روسي مستجد بالتخلي عن رأس النظام؟ ماذا تقرأ في هذه التطورات؟

- كما هو معروف اليوم هناك حالة انسداد أفق سياسي وعسكري في الوضع السوري، ناتج ليس فقط من مشكلات الداخل السوري، النظام والمعارضة، وإنما ناتج من الموقف الدولي غير المبالي والذي لا يعير الأزمة السورية الاهتمام الكافي ولا يسعى إلى حلها. وعلى الأقل هذه الصورة كانت قبل أشهر عدة.

واليوم يمكن القول إن الوضع أفضل إذ هناك حركة دولية إقليمية تسعى لمعالجة الأوضاع، لكن مستوى الاهتمام الدولي قبل ذلك كان بمستوى الصفر، وكان الاهتمام محصوراً بجانب واحد وهو مكافحة الإرهاب ومحاربة (داعش). واليوم هناك محاولات عبر الحراك الإقليمي والدولي لمعالجة الأزمة سواء في موضوع (داعش) أو في ما خص مستقبل النظام أو في موضوع اللاجئين ومستوى الصراع.

ويجب الاشارة هنا إلى اجتماع الدوحة الأخير الذي جمع الأطراف الأساسية المعنية بالأزمة السورية، والاجتماع الذي ألقى فيه مبعوث الأمم المتحدة في سورية ستيفان دي ميستورا تقريره في نيويورك وعرض فيه للجهود والتواصل مع الأطراف السورية المتعددة وغيرها من النشاطات، مثل المبادرة الإيرانية. وأخيراً كانت هناك مبادرة سعودية، وقبلها كان كلاما عن أن الروس قد يطرحون مبادرة ما. وعملياً كل هذا الحراك يكرس حقيقة السعي إلى وضع حد لما يجري في سورية ووضعها على سكة الحل.

• هل ترى في ذلك مقدمة لمؤتمر دولي بعد فشل (جنيف 2)؟، وهل الشروط متوافرة لإنجاحه؟

- من المؤكد أن الحل سيكون عبر مؤتمر دولي، لكن هناك نقاشاً حول مستويات أو مضامين الحل الدولي. مثلاً هناك سابقة معروفة وهي (جنيف 2)، فهل يبنى على مقررات (جنيف 2) أم (جنيف 3)؟ هذا مسار، ومسار آخر يمكن أن يكون ما تضمّنته كلمة دي ميستورا وهو يتصل بإعادة البناء السوري، بينما المسار السابق كان تكريس الدور الدولي وهذا هو الخلاف بين المسارين. حتى الآن عدم إغلاق أي باب ضروري، وهناك إصرار على عقد مؤتمر دولي. والملاحظة الأساسية أن القضية السورية لم تعد قضية داخلية، بفعل التدخل الإيراني و(حزب الله) وروسيا. ومنذ بداية الوضع في سورية كان هذا التدخل سبباً لتدخل دول أخرى، وبذلك أصبحت القضية السورية قضية إقليمية أكثر مما هي داخلية، فالفاعل فيها اليوم هو العامل الإقليمي والدولي وليس القوى الداخلية التي تبدو وكأنها مجرد أدوات في الصراع

الدولي، مثل ما هو النظام السوري فقط قوة مرهونة تنفذ أجندة إيرانية ضمن استراتيجية كاملة وواضحة ولا يمكنه الخروج عنها. كذلك هناك (داعش) وهي تقوم بوظيفة مأمورة من قوى دولية خارجية تنفذ أجندتها في الداخل السوري، فيما الشعب السوري موزع تحت السيطرة المختلفة، سواء سيطرة النظام أم (داعش) أو سيطرة جماعات أخرى. وعملياً لا يشكل الجيش السوري الحر الذي من المفترض أن يكون قوة للمعارضة السورية وجزءاً من تمثيل السوريين إلى قوة ضعيفة، وبهذا المعنى اليوم ينتظر السوريون التفاعلات الإقليمية والدولية حتى تنتهي معالجة قضيتهم.

• الإيجابية التي تتعاطى معها روسيا حالياً مع السعوديين هل هي دليل على قناعة بالتخلي عن الأسد؟

- يجب أن لا نتفاءل كثيراً بالموقف الروسي، لأن روسيا دعمت وساندت النظام طوال فترة الأزمة، لكن روسيا اليوم تشعر بعبء موقفها كما بضعف موقف نظام الأسد نفسه، ومن هنا فإن موسكو معنية بالبحث عن بدائل، وهذه البدائل وفق أفضليات الروس، أي النظام بالدرجة الأولى. وبالنسبة إليهم، إذا كان لا يمكن الحفاظ على رأس النظام بالتحديد، فالأولوية الحفاظ على النظام من دون رأسه. ومن هنا يمكن أن تكون الأولويات التالية هي تغيير النظام ولكن بأقل قدر ومستوى من التغيير، وهذا هو جوهر الموقف الروسي والأساسي. ولكن هذا لا يعني أن الروس لا يحاولون طرح المشكلة للنقاش مع أطراف أخرى حتى يروا أين يمكن أن ترسو خياراتهم، وهذا ما يفسر لقاءاتهم مع المسؤولين السعوديين ومحاولتهم التوافق مع الولايات المتحدة وفكرة تعزيز الروابط مع المعارضة السورية، ويمكن أن تعقد لقاءات بين لافروف وبين وفد من المعارضة السورية التي سبق ان اجتمعت في القاهرة، وبينه وبين وفد من الائتلاف الوطني. وهذا تطور على مستوى الوضع.

• مصير الأسد مطروح بحدة بين الدول الإقليمية والدولية، والخطط تشير إلى إخراج الأسد من السلطة، هل تعتقد أن الظروف متوافرة حالياً لذلك؟

- أعتقد أن ذلك أمر بديهي. ففكرة أن لا مستقبل للأسد في مستقبل سورية مسألة ضرورية بعد كل الإجرام الذي قام به من قتل للسوريين والعالم صامت، وهذا يشكل وصمة عار في جبين الإنسانية، فالعالم شهد على عمليات القتل والتدمير في بلد كامل. ولا يمكن بقاء الأسد في السلطة، وأعتقد أنه أمر لا يجوز النقاش فيه، وليس بمقدور الأسد وعصاباته البقاء بعد أربع سنوات ونصف مارسوا فيها أبشع وأفظع الارتكابات. وقد ثبت عدم قبول الأكثرية الكبرى من السوريين بالبقاء تحت سلطة الأسد بما في ذلك المؤيدين الذين يتظاهرون اليوم في اللاذقية، وقبلهم الذين هاجروا من سورية والذين يعانون من تدهور معيشتهم إلا قلة من حاشية النظام ورأسه. اليوم يجب أن يحصل توافق عالمي على أن بشار الأسد ونظامه هو من ماضي سورية ولن يكون موجوداً في مستقبلها.

• هناك نقد لسياسة الائتلاف الوطني السوري والكلام عن فساد وعدم قدرة على المواكبة السياسية لما يجري ميدانياً وعسكرياً على الأرض، كيف تنظر إلى هذا الأمر؟

- فكرة أن هناك معارضة سورية في الخارج ومعارضة في الداخل فكرة غير واقعية، هي تنمّ بالفعل عن عدم فهم للوضع السوري نفسه.

هناك معارضة سورية واحدة في الداخل والخارج، وهناك قيادات منها في الداخل وفي الخارج وهذا ينطبق على كل تشكيلات المعارضة السورية سواء السياسية أم المسلحة من قوى الائتلاف أو غيرها. وبهذا المعنى ليس هناك بالتعبير الدقيق معارضة داخلية وخارجية. أما فيما يتعلق بموضوع اتهام الائتلاف، فأنا أعتبر أن الاتهامات في زمن الثورات أمور رائجة، وخصوصاً عندما تواجه هذه الثورات مأزقاً ويكون أفق الحل مسدوداً. أنا عملياً لا أوافق على هذا التوصيف، فكثير من هذه الاتهامات مغرضة، والقول اليوم مثلاً، وهو ما تم تداوله على مدى سنوات، من أن المعارضة مقسمة ومشرذمة ومختلفة هو كلام غير صحيح لأن القوى السياسية متفقة تماماً على أنها لا تريد هذا النظام الذي يجب أن ينتهي من حياة السوريين، وهي متفقة على أن دولة سورية المقبلة هي دولة ديموقراطية تعمل من أجل الحرية والعدالة ولكل السوريين، وهو توافق يكفي للقول إن السوريين ومعارضتهم ملتقون على أهداف أساسية. أما في المسائل التنظيمية فمن الطبيعي أن تكون للمعارضة، كما هي الحال في كل بلدان العالم، تنظيمات مختلفة وأن تعمل على أهدافها ضمن الإطار الوطني العام. هناك أحزاب تتوحد وهناك أحزاب تتصارع في أميركا مثلاً وفي المملكة المتحدة. وفي العديد من الدول الديموقراطية الأخرى هذه الصورة موجودة.

أما في موضوع أن المعارضة لم تستطع تحقيق إنجازات فهذا جزء من الحقيقة، ولكن هناك حقيقة مُرة تقول إن هناك فعلاً مستوى من التدخلات الخارجية التي تشكل عائقاً كبيراً في وجه المعارضة. مثلاً غالبية الدول تمنع أي نشاطات للمعارضة السورية فيها، وفي الداخل تُمنع الجماعات التي تتبع التحركات الديموقراطية. فـ(داعش) يمنع بالقوة - بما يوازي ممارسات الأسد وأكثر منه - أي نشاط للمعارضة المدنية أو السياسية أو العسكرية. إذاً لا تتوافر بيئة حقيقية لا على المستوى الداخلي ولا الدولي للمعارضة للقيام بدورها، عدا عن أن علينا أن نرى أن المعارضة السورية بعد أربع سنوات ونصف السنة من الحصار المادي والسياسي والعسكري، تواجه حالة من الكارثة الإنسانية، فلا يمكن أن نطلب منها الكثير في وقت يعجز المجتمع الدولي عن معالجة الوضع الإنساني للاجئين. والكلام عن تقصير المعارضة كلام حق يراد به باطل، فماذا نقول عن خفض الأمم المتحدة لمساعداتها إلى 13 دولاراً يومياً لإغاثة اللاجئين، فهل يمكن للمعارضة أن تغطي احتياجات هؤلاء؟

• وزير خارجية إيران زار المنطقة أخيراً، ما الذي تريده إيران بعد مبادرتها، هل انتهينا من مشروع تقسيم سورية؟

- شخصياً أعتقد أن فكرة التقسيم غير واردة لأنها ليست إرادة محلية وإنما إرادة دولية، والتقسيم يحتاج إلى بيئة سياسية واقتصادية واجتماعية لأنه يعني إعادة تنظيم الخرائط ليس في سورية فقط وإنما في المحيط الإقليمي، وهذا ما لا يمكن أن توافق عليه القوى الكبرى في المنطقة التي ترى أن هناك ما هو أهم في انشغالاتها الدولية من موضوع تقسيم سورية لما يثير من تحديات أمامهم. إيران كانت وجهة نظرها دائماً أن سورية تشكل حلقة ربط وهدف بذاتها في الخط الممتدّ من طهران إلى ساحل البحر المتوسط وصولاً إلى الضاحية الجنوبية في لبنان. كل الوقت كانت إيران تعمل من أجل إبقاء سورية إلى جانبها. وبفعل التطورات التي يواجهها النظام اليوم، وبعد الاتفاق النووي الإيراني أعتقد أن طهران تسعى للحفاظ على مصالحها بطرق غير مباشرة عبر (حزب الله) والحرس الثوري والعنجهية العسكرية وتسعى لتحقيق مصالحها بالديبلوماسية، ولذلك يتحرك ظريف باتجاه دول الخليج وباتجاه أوروبا وباتجاه الولايات المتحدة وروسيا للحصول على موقع قدم لها في سورية من خلال الحل الذي تعمل قوى دولية وإقليمية على صوغه. وفي لقاءات ظريف في المنطقة نقطة البحث هي القضية السورية، وهذا جزء من الحراك الذي أشرت إليه في اطار محاولة تحقيق بالسياسة ما فشلت (ايران) بإنجازه عسكرياً.

• ماذا عن الوضع العسكري؟

- اليوم هناك 3 قوى أساسية في سورية. أولاً النظام والتحالف الإقليمي والدولي، (حزب الله) والحرس الثوري وميليشيات شيعية أخرى، وثانياً (داعش) الذي يمثل التطرف والإرهاب، وهناك معسكر خليط يضم قوى إسلامية متشددة وكتائب من الجيش الحر الذي هو الفكرة الأبرز في تعبير دفاع السوريين عن أنفسهم بمواجهة قوى النظام. وهذه القوى تتصارع الآن وستبقى تتصارع لأن لا طرف يستطيع بإمكاناته وظروفه الداخلية أو الخارجية حسم الصراع. لكن في مرحلة معينة يحقق هذا الطرف نقطة أو يتراجع في أخرى هذا يعبّر عن ديمومة الصراع ولذلك هذا يعزز فكرة الحل السياسي التي تبدو اليوم وكأنها بعيدة المنال.

&