&أيمـن الـحـمـاد
دون يأس أو تردد تنخرط دول مجلس التعاون بشكل كامل في عمل شاق ومضنٍ من أجل إدماج اليمن كدولة محورية واستراتيجية في المنظومة الدولية.. فاليمن ثقل سياسي واقتصادي وحضاري.. في السابق حاولت دول التعاون إبّان حكم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح إدخال اليمن بشكل كامل في المنظومة الخليجية، لكن يبدو أن صالح ونظامه يرفضون تطور هذا البلد وانعتاقه من نير الجهل والأمية والفقر، لذا أبقوا على عوامل تأخره وعلى رأسها الجهل العلمي، إذ تسود الأمية بشكل كبير أوساط اليمنيين.
اليوم وفي قلب المعارك من أجل استعادة الشرعية، هناك جهود دولية وتنسيقية على كافة الأطر من أجل إعمار اليمن وتحويله إلى وجهة استثمارية دولية مهمة مطلة على منطقة القرن الأفريقي الاستراتيجية.. ثم إن المملكة بمبادرة مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية أبرمت اتفاقية مع منظمة الصحة العالمية من أجل تأهيل البنية التحتية الصحية المتداعية في اليمن بشكل يمكنها من تقديم الرعاية الصحية لليمنيين في كل المناطق.
في عملية تأهيل اليمن تعد تجربة تدريب كوادر من المقاومة الشعبية ودمجهم في الجيش النظامي والرسمي خطوة جديرة بالاهتمام، فبعد أن أسهمت تلك القوات في تحرير جزء كبير من الأراضي اليمنية التي استولى عليها الانقلابيون، كان احتواؤهم في المؤسسة العسكرية الرسمية منذ وقت مبكر ضرورياً وجزءاً من عملية إصلاح عميقة للمؤسسة العسكرية اليمنية بحيث تغدو أكثر قدرة على مواجهة أي عوامل مخلة بالأمن الوطني اليمني، وقد تكشّفت من خلال العملية الانقلابية التي قادها المخلوع صالح و"الحوثي" هشاشة المؤسسة العسكرية هناك.
في ذات الإطار دخلت مصر كحليف رئيسي في التحالف العربي على خط التأهيل وإعداد جيل من الدبلوماسيين اليمنيين؛ إذ قالت مصادر مصرية إن اتفاقاً أُبرم بين الجانبين لإعداد وتدريب كوادر دبلوماسية يمنية في معاهد متخصصة، وهذا جزء مهم من شأنه تقديم اليمن بصورة أفضل في العالم الخارجي.
وبلا شك كان للإسهامات الإنسانية للدول الخليجية والعربية انعكاس واضح على مدى الالتزام بمؤازرة اليمن في أزمته الحالية، لكن الجدير بالذكر هو تعدي ذلك الاهتمام مرحلة المساعدات والجهود الإغاثية إلى عناية تتيح لليمنيين مسايرة التغيرات التي تمر بها بلادهم، إلا أن من المهم أن نذكّر بأننا معنيون جداً بمسألة مكافحة الأمية في اليمن، فهذا هو الملف الأساسي لإنجاح كل المساعي، فالتعليم أساس لكل عملية تنموية ودونه لا يمكن أن تستقيم أحوال اليمن.
المملكة ودول الخليج لا يمكنها تجاهل ما يحدث في اليمن أو عدم الاكتراث به.. هل تساءلنا: لماذا تحمي ألمانيا اليونان وتدفع من أجل نهوضها؟ إنه دور الدول الكبرى التي تدرك وتعرف قيمة وازدهار الجوار وانعكاسه الإيجابي على المنطقة. تعتني دول المجلس باليمن لأنه عمق استراتيجي لا يمكن إهماله، إنه بمثابة العضو في الجسد فترك علته تستفحل يعني أن خطراً سيلحق بك جراء إهمالك له لا محالة ولا ريب.
التعليقات