& مطلق بن سعود المطيري

ما هي مشكلة المواطن العراقي والليبي والسوري واليمني اليوم؟ هل مشكلاته تتعلق بالنواحي الاقتصادية والمعيشية ومستوى الحريات والتمثيل السياسي أم أن هناك عاملا مركزيا مفقودا أدى غيابه لغياب كل ما يعزز وجود انسان تلك البلدان من صحة وتعليم وتجارة ومعيشة، هو وحده الامن الذي يسبب غيابه غياب الدولة ومعها غياب الاحتياجات الضرورية لحياة المواطنين.

دول الخليج تكاد تكون الاستثناء في محيطها العربي فيما يتعلق بالحفاظ على أمنها رغم التحديات الكبيرة التي تحاصرها من عدة اتجاهات، ومفتاح قوتها هو اتفاق مواطنيها حول اهمية الامن واولويته على كل خيارات الحياة، وتدافعهم بشجاعة في ميادين القتال عندما استدعاهم الواجب..

النظرة الفاحصة لمستقبل العالم العربي الامني لا تحمل الكثير من التفاؤل، واحتمال تدهور الامن فيه فرصة اكبر من احتمال الاستقرار، وعلى خلفية هذه التحديات الكارثية قد يتنازل الانسان الخليجي المؤمن بالاتحاد السياسي الشامل الى مستوى اقل درجة من الاتحاد الكامل، الى اتحاد المؤسسة الدفاعية التي تعد خياراً ملحاً لمواجهة حالة الضعف الامني المنتشرة في الاقليم..

الدم الخليجي الذي سال في معارك استرجاع شرعية اليمن الشقيق ومواجهة التمدد الايراني البغيض كتبا وثيقة الجيش الخليجي الواحد.

خيار الجيش الخليجي الواحد امكانات واعتبارات قيامه كبيرة ولا يوجد وافر من الوقت للتردد في اختيار هذا الموقف الشجاع للتصدي للاطماع الصفوية التي اصبحت قبل وبعد الاتفاق النووي شبه مسكوت عنها من العالم الغربي، الذي بدأ ينظر للمنطقة على انها منطقة نكبات دامية مرشحة لانقسامات اكبر، وربما تكون طهران بالنسبة له حليفا جيدا لمنع كوارث الاقليم عن الزحف للعالم الغربي، كما انه يرى ان طهران تعرف بذكاء كيف تستخدم العرب لتصفية العرب بدون المساس بمصالحها وبدون ان تخسر الكثير من السلاح والرجال، فتحالف طهران والغرب قائم على اعتبار ان دماء العرب ستسيل اكثر من السابق وان انهيارات دولهم حقيقة ثابتة، وسوف يكون الاقليم موطنا لجماعات الارهاب والتطرف لذا يكون حلفها مع طهران على ادارة دماء العرب شيئا متوقعا..

فجيش يكون بميزانية دفاع واحدة وعقيدة قتالية واحدة سوف يحمل مضامين سياسية قوية تجعل الالتفات للموقف الخليجي التفاتاً لقوة قادرة على التعامل مع التحديات بقوة وليس لاستثمارات وسوق يبحث بها دائما عن الوفرة في المال ان نقصت توجهت الجهود الى سوق جديد آخر، هذا وقت ميلاد خليج جديد، خليج لا يكون خليج شركات بترول بل وطنا للقوة العسكرية التي تمنح الامن ولا يسلب منها، وزارة دفاع خليجية واحدة يرجع لها كل ما يتعلق بالسلاح والمقاتلين من ميزانية وتدريب وقيادة لن يكون حدثا عاديا في عالم التحديات والتحالفات الجديدة، وربما يكون هو الرد الوحيد على ما تسرب من الاتفاق النووي من سياسات ومصالح ومخاوف، فليكن الخليج هو القوة الدفاعية والنووية الصاعدة فالمال موجود والرجال تتوق لذلك.