&أكثر من 100 مخيم تدريب للجهاديين في سوريا والعراق...تساؤلات حول استهدافها

&

&
جورج عيسى
&

"أنتم يا من أنشأتم منظّمات لحماية حقوق الاطفال، حقوقي هُدرت، مدرستي دُمّرت وأحلامي ضاعت. لقد فقدت والديّ تحت الانقاض، سمعتم بكائي وآهاتي ودمائي، ولم يقم أيّ واحد منكم بأيّ شيء من أجلي. هأنذا هنا، أحد فتيان الاسلام، أنا هنا اليوم، أحد فتيان التوحيد. لقد خلعت عني معطف وبراءة الطفولة وخرجت لأحاكي الرجال. أتقاسم معهم قلق الحياة في الدفاع عن الأرض والعرض والدين".

ورد هذا الكلام في شريط يظهر فيه أحد الاولاد في مخيّم "فتيان الاقصى" الواقع في محافظة إدلب، وهو مركز تدريب للاطفال تقوده إحدى المجموعات التابعة لتنظيم "القاعدة" تحت إشراف عبدالله المحيسني.
منذ انطلاق الحملة الدوليّة لاستهداف تنظيم "#الدولة_ الاسلاميّة" في #العراق و#سوريا، طرحت أسئلة عدّة عن الجدوى العسكريّة من الحملات الجوية التي تشنّ ضدّ مقارّ "داعش". ولا ريب في أنّ سيل الاسئلة بدأ بالتصاعد بعد اعتراف العديد من المسؤولين والقادة الميدانيّين بأنّ الضربات هذه لم تعطِ الثمار المرجوّة منها.

&
ولعلّ مخيّمات التدريب المحليّة التي أنشأها التنظيم والميليشيات المتطرّفة الأخرى تشكّل الرافد الاساس الذي يغذّي ساحات القتال بالجهاديّين يوماً بعد يوم. موقع "ذا لونغ وور جورنال" استقصى العديد من مواقع التدريب في الدولتين، واستطاع أن يحصي حوالي مئة مخيّم بين العراق وسوريا. وفي تلك المخيّمات يتمّ زرع الايديولوجيا بطريقة ملتوية في عقول المقاتلين، تلك الايديولوجيا التي تشكّل عصباً لاستقطاب عناصر جديدة بشكل دائم كما تقول صحيفة "الغارديان" البريطانيّة.

منذ سنة 2012 أقيم حوالي 117 مخيّماً تدريبيّاً (85 في سوريا و32 في العراق) من بينهم 11 مركزاً مخصّصاً لتدريب الاطفال. بعد الضربات، أقفل 16 مخيّماً فيما قصف حوالي 18 آخر. لكن منذ 6 شباط، استطاع "لونغ وور جورنال" أن يرصد إقامة 37 مخيّماً جديداً بين الدولتين. ومن الملاحظ أنّ عدد المخيّمات التي يديرها "#داعش" في سوريا يبلغ أكثر من ضعفها لدى #جبهة_النصرة. بعض المخيّمات أقيم من أجل تدريب النساء على استخدام اسلحة خفيفة، ومخيّمات أخرى خصّصت للتدريب على القنص، أمّا أقسام أخرى فخُصّصت للتدريب الرياضي والعسكري والتكتيك الحربي. ولم ينسَ التنظيم إقامة معسكرات للانتحاريّين من بينهم أجانب يتكلّمون اللغة الروسيّة. أماكن كثيرة في كلا البلدين ارتبطت بإقامة مراكز للتدريب من بينها الرقة وحلب وتلعفر وكركوك ونينوى ودمشق ودرعا والقلمون وإدلب وغيرها...

وتتعاظم المشكلة بشكل كبير عند ذكر مخيّمات تدريب الاطفال الذين تسلب منهم طفولتهم ويبدأ تلويث عقولهم بأفكار القتل في سنّ لم تكتمل عندهم فيها القدرة على التمييز، فتصبح الأدلجة السلبيّة أكثر رسوخاً، وتصبح مخيّمات التدريب مراكز لتصدير المقاتلين ولزرع الأفكار الموبقة في جيل سيفسد المجتمعات الاخرى يوماً من الايّام.

صحيفة "الدايلي ميل" البريطانيّة أخبرت قصّة رَغَب أحمد المراهق الايزيدي الذي خطفه التنظيم مع عائلته وعلّمه على استخدام الاسلحة وعلى كيفيّة قطع رؤوس "الكفّار" بالتفاصيل المملّة والمشينة. وتمّ تعليمه على كره عائلته، فأخبره أحد مسؤولي التنظيم بأنّ الايزيديّين كفرة وأنّ على رغب، إذا رأى أباه أو أمّه، قطعَ عنقيهما. المراهق اليزيدي(14 عاماً) تلا قصّته المرعبة للصحيفة بعدما نجح في الهرب مع عائلته بواسطة أحد المهرّبين من مخيّم الرقّة الذي كانوا فيه.

موقع "فريبيكون" يقول أنّ البنتاغون لم يقصف حوالي 60 مركز تدريب لتنظيم "#الدولة_الاسلاميّة". ويفيد بأنّ "داعش" يفكّر في توسيع قواعده التدريبيّة لتشمل ليبيا واليمن أيضاً. ويطرح أحد منتقدي السياسة الحاليّة لضرب "#داعش" السؤال التالي: إذا كنّا نعلم مراكز مخيّمات التدريب تلك، والرئيس يريد تدمير "#داعش"، فلماذا إذاً لاتزال هذه المخيّمات تقوم بعملها؟

الناطق باسم البنتاغون الرائد روجر كابينس أكّد للموقع نفسه أنّه لن يدخل في التفاصيل المتعلّقة بآليّة الاستهداف التي يعملون على تنفيذها. لكنّه تحدّث عن ضرب "#داعش" بأكثر من 6000 قذيفة على مواقع قتاليّة للتنظيم بالاضافة الى دبّابات وعربات ومخيّمات تدريب. ولفت النظر الى أنّهم قتلوا الرجل الثاني في "#داعش" الشهر الماضي والمعروف بالحاج معتز. وأنهى تأكيده عبر البريد الالكتروني أنّ الجنود قاموا بتدمير مراكز اقتصاديّة مهمّة للتنظيم.

الكولونيل في القوّات الجوّيّة الاميركيّة باتريك رايدر أوضح أنّ قوّات الائتلاف الدولي شنّت 19 ضربة جوّيّة ضدّ مراكز تدريب متعدّدة كانت آخرها في 5 آب الماضي. وكان موقع القيادة الأميركيّة المركزية في إصدار الثلاثين من تموز الماضي أعلن أنّ التحالف الدولي شنّ 6419 غارة خلال سنة، منها 3991 في العراق و 2428 في سوريا حيث أشار الى أنّ 3 في المئة من مجمل هذه الغارات شنّت ضدّ مراكز تدريب للتنظيم.

وكنتيجة لهذا الامر، أصبح مقاتلو "#داعش" يختبئون بين المدنيّين ويتحاشون التحرّك بحرّيّة في مراكز التدريب خوفاً من استهدافهم كما يقول رايدر. وينقل "فريبيكون" عن رسميّين في وزارة الدفاع والوكالات الاستخباريّة تحاشي ضرب مراكز التدريب من أجل تفادي الاضرار الجانبيّة وسقوط ضحايا من المدنيّين خصوصاً إذا كانت هذه التدريبات تجري بالقرب من المناطق الآهلة.

إذاً يشكّل استهداف مخيّمات التدريب التي يقيمها "#داعش" عاملاً حاسماً في حسم الصراع لصالح قوّات الائتلاف الدولي. لكن يبدو أنّ الامور ليست بتلك السهولة المرتجاة. فنقل الارهابيّين لهذه المراكز الى داخل الاحياء السكّنيّة أو الى مناطق مجاورة يخلق مشكلة كبيرة بالنسبة للطيّارين. كما أنّ ضرب مخيّمات تدريب للأطفال والنساء سيطرح على طاولة البحث معوّقات أخلاقيّة وإنسانيّة كثيرة مرتبطة بالموضوع. لذلك كيف سيتعامل التحالف الدولي مع هذه المسألة الشائكة؟ وهل من استراتيجيّة عسكريّة جديدة تجعله يتلافى الوقوع في فخّ نصبه له التنظيم بإحكام؟