سمير عطا الله
ما تسمّيه أوروبا أضخم أزمة في تاريخها منذ 1945، نخجل نحن من تسميته أضخم كارثة في تاريخنا منذ 1948. وبينما يتظاهر الأوروبيون تأهيلاً باللاجئين السوريين، يخجل الشارع العربي لأنه لم يعد يعرف لأي لاجئ يتظاهر وبأي لاجئ يرحب. لذلك، يتصرّف وكأن الأمر لا يعنيه، في حين تجتمع أوروبا لتقاسم الهاربين من جحيم الأوطان، وتعلن أنجيلا ميركل أن ألمانيا قادرة على استيعاب نصف مليون لاجئ كل عام في المستقبل المنظور.
ثلاث قوى تصرّفت وكأن هذه الكارثة البشرية مسألة لا علاقة لها بها: النظام السوري، وإيران، وجمهورية بوتين. لا حصة لهم من اللاجئين والأطفال والأمهات. أوروبا تريد أن تعطينا درسًا أخلاقيًا بكل وضوح. بدل أن تستنكر المحيط اللاجئ إليها بلا جدوى، أعلنت الترحيب به. والبابا فرنسيس الأول دعا إلى احتضان اللاجئين، معلنًا أنه سوف يبدأ بإيواء عائلات في الفاتيكان نفسه. ولا يمر يوم داكن على الإنسانية إلا وتكرر هذه الأم الطيبة أنجيلا ميركل أنها ترحب ببؤساء المتوسط القادمين مع جوعهم وفقرهم وآلام الأرض وخيبة الأوطان.
دمشق كانت مأخوذة بقضايا أكثر أهمية. السيد الدكتور فيصل المقداد، نائب السيد وزير الخارجية، قام بتدشين نصب وحديقة تخليدًا لذكرى الزعيم المبجل كيم إيل سونغ. كم هي الأشياء جميلة في أوقاتها. بل كم هي مبجّلة. لماذا كيم إيل سونغ؟ لأنه يمثل الكرامة والسيادة. غرقى المتوسط ومطاردو القطارات والتائهون في غابات أوروبا يمثّلون الخنوع.
يقول المثل الروسي، إن الطيبين في العالم قلّة، لكنّ عددهم يكفي لكسر سطوة الجور. كم هو مذلٌّ لنا مشهد الأوروبيين يهتفون مرحّبين بقوافل اللجوء، أو مشهد المخيمات من تركيا إلى الأردن إلى لبنان تؤوي ملايين العائلات السورية في ظلم القيظ أو ظلم الجليد، وفي استبداد الرجال والأمم.
تشنُّ إسرائيل حربًا من أجل استعادة جندي مخطوف، وتجنّد الأمم من أجل استقبال اليهود الروس أو الفلاشا. ونحن ندفع شعوبنا إلى التيه برًا وبحرًا وقطارات وغابات وبأي ثمن، لكننا لا ننسى أن نعزف نشيد السيادة والكرامة والعزّة. كانت «بلاد العرب أوطاني»، فصارت «كفى بك أن ترى الغرق شافيًا».
التعليقات