&هل يخترق الحرس الثوري ميناء الشويخ عبر... «عكاز» و«عدان»؟
&
&
&
لم يمر وقت طويل حتى تبيّن أن سلطات مكافحة الإرهاب الدولية تعرف السفينتين جيداً، وأن قصتهما قد تتحوّل إلى فضيحة اختراق أمني من العيار الثقيل، وربما تقدّم تفسيراً لبعض ما شهدته البلاد من اختراقات أمنية أخيراً.
السفينتان، كما تكشف مصادر أمنية رفيعة المستوى لـ«الراي»، كانتا حتى وقت قريب مملوكتين لشركة «والفجر 8» الإيرانية، المملوكة بنسبة 100 في المئة لوكالة «خطوط شحن الجمهورية الإسلامية الإيرانية» المعروفة اختصاراً بـ«IRISL»، والخاضعة لعقوبات دولية مشددة بسبب ارتباطها الوثيق بالحرس الثوري الإيراني. ولأن العقوبات الدولية كانت تمنع السفينتين من حريّة الحركة، وجدت الشركة الإيرانية طريقة للتهرب منها من خلال تأسيس شركة كويتية بالشراكة مع شركة وطنية تمارس أعمال المناولة داخل الميناء، بنسبة 51 في المئة للأخيرة مقابل نسبة 49 في المئة للجانب الإيراني. وتم نقل ملكية السفينتين إليها وتغيير اسميهما إلى «عكاز» و«عدان»، ليصبح بإمكانهما رفع العلم الكويتي والإبحار بحريّة من الموانئ الكويتية وإليها، رغم أن مجرد نقل الملكية في هذه الأوقات يعد مخالفاً للحظر الدولي المفروض على السفن الإيرانية.
إلا أن صلة السفينتين بإيران ظلّت واضحة، إذ إن الإيراني محمد مقدّمي فرد، المدرج على قائمة الأمم المتحدة السوداء التي تتضمن 225 اسماً لهم علاقة بالملف النووي، يتولى منصب نائب رئيس مجلس الإدارة والمفوض بالتوقيع عن «والفجر 8» في الشركة الكويتية المالكة لهما!
في الآونة الأخيرة، رست السفينتان بشكل دائم في الكويت، وكانتا تطلبان من «الموانئ» من وقت إلى آخر الإذن للتحرك من رصيف الشويخ إلى عرض البحر وتعودان من دون أن تفصحا عن تحميل أو تفريغ أية بضائع. هذه الحركة رصدتها إحدى الجهات الأمنية في الدولة، فأرسلت كتاباً إلى مؤسسة الموانئ تسأل عن «سبب توقف سفينتين خاضعتين للعقوبات الدولية» في ميناء كويتي، وحتى الآن لم يأتها الرد.
وهنا يُطرح سؤال حساس عما إذا كانت الإجراءات الأمنية والإدارية في الميناء تتيح للسفينتين تحميل أو إفراغ أي حمولة من دون علم السلطات الكويتية؟
مصادر أمنية كشفت لـ «الراي» عما وصفته بـ «الثغرة الخطيرة على الأمن القومي»، إذ إن السفينتين لا تخضعان للتفتيش الاعتيادي بحكم أنهما لا تُبلغان عن تحميل أية بضائع سواء في الذهاب أو العودة إلى الرصيف. والأخطر أنه، في ظل سيطرة المجموعة الكويتية التي تساهم مع إيران في ملكية السفينتين على أعمال المناولة والتخزين والتنظيف، وهيمنتها على أراضٍ شاسعة داخل الميناء (بحكم عقود مشكوك في البعض منها)، يصبح التخوف مشروعا من أن يكون هناك من يسهّل أمور السفينتين في تحميل وتفريغ ممنوعات أو تغطية أي عمليات مشبوهة وإخفائها عن السلطات.
وحذرت المصادر من أن «مخاطر الاختراق الأمني في الميناء كبيرة جداً في ظل تعدد الحضور المتعدد الأوجه للمجموعة الكويتية الشريكة في السفينتين في العديد من مفاصل الأعمال الحساسة، من خلال عشر علاقات تعاقديّة مع مؤسسة الموانئ»، تشمل عقود الرافعات الجسرية، ومناولة البضائع والحاويات وحتى النظافة، فضلاً عن استحواذها على ملايين الأمتار المربعة من الأراضي التخزينية في موانئ الشويخ والدوحة وعبدالله والشعيبة.
وبحسب المصادر الأمنية، فإن هذه التعاقدات المتشعبة يمكن أن تسهّل نشاط أي سفينة مرتبطة بالشركة المسيطرة على كل هذه الأنشطة، خصوصاً في ظل عدم وجود كاميرات مراقبة كافية لرصد أي حركة تحميل أو إفراغ من السفينتين المشبوهتين أو سواهما.
مصادر أخرى كشفت أن «الموانئ» خاطبت السفينتين أخيراً للخروج من رصيفها إلا أنها لم تتلق إجابة حتى الآن تفيد بقبولها طلب المغادرة، فيما بدأت «الموانئ» تحركاً واسعاً للتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية، وفي مقدمها وزارة الخارجية ومكتب غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب، بهدف الوقوف على مخاوف المؤسسة من هذه المعلومات، مضيفة أنه في حال التحقق من صحة هذه المخاوف ستقوم الجهات الكويتية المعنية على الفور باتخاذ جميع التدابير القانونية اللازمة للتعامل مع هذا التجاوز.
كانت وزارة التجارة والصناعة قد فتحت في وقت سابق تحقيقاً في تأسيس احدى الشركات وإدراجها ضمن السجل التجاري للشركات الكويتية، على الرغم من مساهمة «والفجر8» الخاضعة للعقوبات الدولية فيها وتعيين شخص مدرج على القائمة السوداء الدولية نائباً لرئيس مجلس إدارتها. ويخوّل القانون وزير التجارة والصناعة إلغاء الترخيص التجاري لأي شركة تثبت خطورتها على الدولة والأمن القومي، خصوصاً إذا كانت هذه الجهة خاضعة للعقوبات الدولية، وذات علاقة بملفات الإرهاب وغسيل الأموال والتسليح النووي، إلا أن نتائج التحقيق في هذا الخصوص لم تظهر حتى الآن.
التعليقات