مصطفى الصراف
&
بتاريخ 14 فبراير 2015، كتبت مقالة في جريدة القبس بعنوان «هل ستفتح جبهة اليمن»؟ وكان ذلك قبل الحرب الدائرة الآن فيه. قلت فيها ان الاستراتيجية السياسية التي رسمها كيسنجر حينما كان وزيرا للخارجية الأميركية قبل عقود قامت على أساس تفكيك دول المنطقة خطوة خطوة، وبها يتم إضعاف دول المنطقة والاستفراد بحكوماتها باستخدام سياسة «العصا والجزرة»، لتبقى تحت النفوذ الأميركي من جانب وتحقيق الأمن الإسرائيلي من جانب آخر، وكانت هذه السياسة تتبدل تكتيكيا وفق ظروف المنطقة، ولم تكن سياسة كونداليسا رايس وزيرة خارجية بوش التي سميت بالفوضى الخلاقة إلا صورة من تلك التبدلات التكتيكية الرامية إلى تفتيت دول المنطقة وفق سياسة فرق تسد، وهو ما حدث بداية في ما سمي بالربيع العربي. وقد لعب التنظيم العالمي للإخوان المسلمين دورا رئيسيا في ذلك، وما زالوا يؤدون هذا الدور بنشر الفوضى وتأزيم العلاقات بين دول المنطقة، وقد قلت أيضا، وها هم اليوم – وأقصد الاخوان المسلمين - يفتحون جبهة قتال في مصر إلى جانب جبهات القتال في ليبيا وسوريا والعراق، وستعمل أميركا على فتح جبهة حرب وقتال في اليمن، لأن اللاعبين أنفسهم متواجدون فيها وفي مقدمتهم «القاعدة»، هذا ما جاء في مقالتي قبل فتح جبهة اليمن، وحسب قراءتي للأحداث هناك، فان أميركا ستستغل هذه الحرب وتعمل على إعادة تقسيم اليمن إلى دولة عدن في الجنوب ودولة اليمن في صنعاء، بهدف استعادة النفوذ الغربي على عدن وإقامة قاعدة أميركية فيها لتتحكم بباب المندب من الجهتين (جيبوتي وعدن)، وستكون مأرب ضمن دولة عدن لما ثبت أن فيها احتياطيا ضخما من الغاز والبترول يوازي ما في جارتها المملكة العربية السعودية. وهكذا ستقف الحرب قبل الوصول إلى أبواب صنعاء، بل في مأرب، متى تحققت الهيمنة على مأرب. ويبقى اليمن دولة هزيلة، يحتاج إلى عشرات السنين لإعادة بنائه. ما لم يلتحق بالنفوذ الغربي المتواجد في عدن. ولكن متى ستتحقق الهيمنة على مأرب؟ وكم ستستمر هذه الحرب؟ وإلى متى سيستمر سقوط الضحايا، وإلى متى سيبقى أبناء اليمن محرومين من التعليم والذهاب إلى مدارسهم، ومتى ستزول الظروف اللاإنسانية التي تتحدث عنها منظمات حقوق الإنسان والصحة العالمية؟ أما من سبيل لوقف هذه الحرب والجلوس على مائدة المفاوضات؟ رأفة بالشعب اليمني المحاصر، وحقنا لدماء وأرواح اخواننا، مهما كانت التنازلات يجب أن ندفعها ثمنا رخيصا في سبيل إنقاذ شعب اليمن المحاصر.

&