رؤية مواطن 2030.. رصيف نمشي عليه
جمال خاشقجي
بعد السكن والتعليم الجيد والأمان الوظيفي، والتي تتصدر قائمة «رؤية مواطن 2030»، وهي مطالب ثلاث لن يختلف مواطنون عليها، هل يعقل أن يكون رابعها «رصيفاً نمشي عليه؟».
قد يبدو مطلباً مترفاً في البداية، أو لا يستحق أن يتصدر القائمة، ناهيك عن أن يكون فيها، ولكنه أساس لمقياس جودة الحياة، والتمتع بها، ومقياس مهم لمدى نجاح البلديات والمجالس المحلية في القيام بتلك المهمة الغائبة والمسماة «تخطيط المدن»، فكل من جرب الاستمتاع بجولة على الأقدام مع أبنائه في مدينة أوروبية أو في «جيه بي ار» دبي القريبة منا، يعرف ما أتحدث عنه، وأيضاً كل من حاول أن يمضي على قدميه في مدننا فيجد نفسه وسط الشارع تارة وبين السيارات تارة أخرى، ويتعثر بحفرة أو رصيف مكسر، ثم ينقطع، ثم يعود أضيق وقد احتلته سيارات لا تترك مساحة للسير عليه، يخرج بنتيجة أن الرصيف لدينا مجرد «نظرية مفترضة»، ولكنه عند التطبيق شيء آخر.
لا بد أن لدى البلديات «كوداً» أو نظاماً للأرصفة، ولكن تاه بين عدم الالتزام به، والاستثناءات، أما أكثر ما يقضي على الأرصفة فهي السيارات التي تحتلها كمواقف، بما في ذلك الرصيف أمام منزلي، فلا أبرئ نفسي، ولكنني مضطر لذلك مثل غيري، على رغم أن هناك نظاماً لمواقف السيارات لدى البلديات يفترض أن يلتزم به كل من يحصل على رخصة بناء.
لا بد أن يكون للأرصفة مكان في رؤية المواطن السعودي 2030، تأتي تحت بند تحسين «جودة الحياة»، فلو وضعت البلديات خطة تتفق مع معاييرها غير الملتزم بها، لتحسين وضع الأرصفة في الأحياء السكنية والتجارية ستختلف منظومة المدينة السعودية، ومعها جودة حياة السعودي، ذلك أن تحسين الأرصفة لا بد أن يؤدي إلى التزام بمعايير مواقف السيارات، والتشجير، وجعل بيئة الحياة متكاملة، فالرصيف شريان يربط الحي ببعضه، ويمتد اثر إصلاحه إلى داخل الحي، وسكن المواطن.
كيف يمكن تحقيق ذلك؟ إنها مهمة صعبة ولا شك، خصوصاً بعدما استشرت الفوضى وتشوهت الأحياء. لست مهندساً في تخطيط المدن لأقدم حلاً، ما أنا إلا مواطن وهذه مطالبي، ولكن هناك مئات ممن درسوا تخطيط المدن، وتبوؤوا مواقع قيادية بالأمانات والبلديات وعليهم إيجاد الحلول. صحيح أن إصلاح ما فسد وتراكم بمرور السنوات أصعب من التأسيس الصحيح في الأحياء الجديدة، وهو ما لا يحصل للأسف حتى فيها، ولكن لا بد من حل، ولو بفرض أنظمة قاسية مكلفة، تُغضب بعضنا؛ إغلاق المتاجر مثلاً، أو تحويل شقق الدور الأرضية إلى مواقف، أو تحرير مساحة من «حوش» الفيلا أو المبنى للمواقف. كلها حلول صعبة ومعقدة، المهم وفّروا للمواطن رصيفاً مشجراً مظللاً يمضي عليه سعيداً هو وابنه وزوجته لزيارة أهل، أو للصلاة في المسجد المجاور، أو حتى لمجرد التريّض، ألا نشكو من السمنة؟ ها هو موضوع إصلاح الأرصفة امتد حتى وصل لصحة المواطن السعودي.
التعليقات