قرار وزارة الإعلام رقم 143 لسنة 2016 بشأن «شروط وضوابط التغطية الاعلامية والاعلان والترويج لانتخابات مجلس الامة والبلدي»، لم يترك مجالا لحرية الاعلام والكلمة، ولا التحليل العلمي والموضوعي، فقد اغلق الابواب على وسائل الاعلام ككل ولم يبق سوى اعادة ايام الرقابة الغابرة وتنصيب مراقبين على الاعلام الخاص وتوجيهه كما ترغب وزارة الاعلام على حساب الغير!
وزارة الاعلام شهدت مراحل من التطورات نحو تفكيكها بتوجيهات رسمية منذ سنوات، وشكلت لجاناً لتنفيذ هذا الهدف، لكن لم يتم تنفيذ اي من التوصيات، كالعادة، وعادت وزارة الاعلام كعهدها السابق وأكثر، وبتوسع في قطاعات جديدة، بل عادت وكأنها احدى الوزارات السيادية، بعد كسر تلك القاعدة لسنوات عدة.
ربما يمكن ان نلتمس العذر لقرار الضوابط الوزاري، في حين لو كانت تقوم نوافذ الوزارة كالتلفزيون والاذاعة بأدوار متنوعة على اسس مهنية وتنافسية يمكن الاستفادة مما تنقله وسائل الاعلام الرسمي من تحليل ورصد اخباري موضوعي لما تشهده الساحة المحلية «كالتحديات الاقليمية المستجدة»، لكن لم يصدر عن الوزارة معلومة او توضيح تمكن الاستفادة منهما، ولا تركت لوسائل الاعلام والصحف القيام بالواجب المهني باحتراف يتناسب مع الاحداث والتطورات التي تشهدها الساحة السياسية، بينما يمكن ان تكرر الوزارة دعوتها الانتقائية باستضافة بعض الكتاب والصحافيين خلال فترة الاقتراع او العرس الديموقراطي، كما تسميه الوزارة في كل مرة خلال السنوات القليلة الماضية!
هل يمكن ان تفرض الوزارة هذه «الضوابط والشروط» على من تستضيفهم الوزارة من اعلاميين او وسائل اعلام غير محلية في ما ينشرون من اخبار وتحليلات وحلقات نقاشية؟! بالطبع، لا يمكن فرض مثل هذه الشروط، واي وسيلة اعلامية او صحافي او كاتب قدير لا يمكن يسمح لنفسه القبول بهذه الشروط مقابل استضافة سخية من وزارة الاعلام لتلبية رغبات محظورة مهنيا!
ذكرني قرار وزارة الاعلام بهجوم بشع لكاتب، استضافته الوزارة في 2012 و2013 على رموز وطنية، منها الاخ الفاضل احمد السعدون رئيس مجلس الامة الاسبق، وكذلك سجين أمن الدولة، مسلم البراك، النائب السابق، علاوة على المعارضة السياسية، من دون ان تحرك وزارة الاعلام ساكنا في وقف تجريح متعمد في شخصيات، لها مكانتها الاجتماعية والسياسية!
وزارة الاعلام سمحت حينذاك لكاتب في التجريح في قامات وطنية وشرائح من اهل الكويت، بينما الآن تفرض ضوابط تغل يد الصحافة والكتّاب من تناول ما تشهده الساحة الانتخابية!
الانتخابات ممارسة ديموقراطية دستورية ينبغي ان تواكبها وزارة الاعلام في حملة ابراز وترسيخ مفاهيم حقوق الناخب الدستورية، وتقاسم التعاون على هذا المستوى مع وسائل الاعلام، واحتواء الوضع بحكمة، علاوة على ان اي متضرر مما ينشر ضده، فهناك ساحة قضائية ممكن اللجوء اليها من دون تدخّل رسمي في الحجر على الرأي الآخر.
خالد أحمد الطراح
التعليقات