خضع تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري لتقلبات في الأسماء وفي الحقائب التي تشهد تنافساً بين القوى السياسية على تولي الوزارات الخدماتية، منها ما أدى إلى تغييرات في مشروع مسوّدة كان تقدم بها الحريري أول من أمس إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وشهد المسرح السياسي سجالاً هو الأول من نوعه منذ انتخاب عون رئيساً قبل17 يوماً، حين رد رئيس البرلمان نبيه بري على قوله بعد لقائه البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، أن «المؤسسات اللبنانية أصيبت بالوهن بسبب التمديد المتمادي للمجلس النيابي»، بالقول: «فعلاً التمديد سيئ... لكن تعطيل انتخاب الرئيس كان أسوأ على المؤسسات». (للمزيد)
ولم يقتصر الأمر على ذلك، فحصل رد أيضاً من نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان على قول البطريرك الراعي إنه «لا يجوز استبدال «سلة (كان نادى بها بري) الشروط» بصيغ التشبّث بحقائب وباستخدام «الفيتو» من فريق ضد آخر»، في تلميح منه إلى فيتو «حزب الله» على تولي حزب «القوات اللبنانية» أياً من الحقائب السيادية، إذ كانت وزارة الدفاع مرشحة لأن تكون من نصيبه. وإذ اعتبر الراعي ذلك مخالفاً للدستور، قال قبلان: «المسلمون الشيعة قدموا التضحيات والتنازلات لإنجاز الاستحقاقات الدستورية... وحرصنا على تذليل العقبات أمام العهد الجديد حين طرحنا ضرورة إنجاز تفاهمات جديدة ضمن سلة متكاملة لتجنب أزمات نحن بغنى عنها».
وسبق هذا السجال اقتراح الحريري مساء الأربعاء مسوّدة تشكيلة حكومية من 24 وزيراً على عون، تضمنت تعويضاً لـ «القوات اللبنانية» عن حصولها على حقيبة سيادية، قضى بإسناد وزارتي خدمات، أي الأشغال للأرثوذكسي غسان حاصباني، على أن يكون نائباً لرئيس الحكومة أيضاً، والشؤون الاجتماعية للماروني بيار أبو عاصي، إضافة إلى الإعلام لملحم رياشي. وهذا المخرج يعني أن يسمي الرئيس عون وزير الدفاع (طُرح اسم وزير التربية الحالي الياس بوصعب). إلا أن عقداً أخرى أوجبت العودة إلى موجة أخرى من المشاورات لتذليلها، منها أن الرئيس عون رغب في أن يتمثل بوزير شيعي هو كريم قبيسي إضافة إلى ليلى الصلح عن أحد المقاعد السنية. وهذا يفرض التوافق مع بري على حصوله على مقعد مسيحي بديل، ومن المرجح أن يسمي النائب الكاثوليكي من كتلته ميشال موسى، فيما سيسمي الحريري بديلاً من السني، النائب السابق الماروني غطاس خوري. كما أن رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط اعترض بداية على إسناد حقيبة العدل للنائب مروان حمادة، مصراً على الصحة، لكن اتصال الحريري به مطالباً إياه بتسهيل التأليف نظراً إلى كثرة المطالب التي فرضت إسناد الصحة إلى الوزير الشيعي من حصة بري النائب ياسين جابر، دفع جنبلاط إلى إبلاغه بأنه إذا كان تولي حمادة العدل يحل العقد فلا مانع لديه. وفيما تردد أن حقيبة الوزير الكتائبي هي الصناعة، أفادت مصادر مطلعة بأن «المردة» برئاسة النائب سليمان فرنجية لم يوافق على إسناد حقيبة التربية لممثله، مفضلاً الأشغال أو الاتصالات (آلت إلى النائب جمال الجراح من «المستقبل») أو الطاقة، التي آلت في مسودة أول من أمس إلى «التيار الوطني الحر» (سيزار أبو خليل).
وقالت مصادر مشاركة في اتصالات تأليف الحكومة أن بروز مطالب إضافية يدفع إلى التغيير في الحقائب والأسماء، لا سيما في بعض وزراء التمثيل المسيحي، ولممثل عن الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يصر بري و «حزب الله» على توزيره، ما دفع عون والحريري إلى البحث مجدداً في إمكان رفع عدد الوزراء إلى 30 وزيراً إذا تعذر إرضاء كل القوى. لكن هذا يعدل في توزيع بعض الحقائب ويؤدي مثلاً إلى إسناد حقيبة البيئة إلى النائب طلال أرسلان، فيما كانت أسندت للنائب أيمن شقير في صيغة الـ24 وزيراً، ليصبح الأخير وزير دولة.
التعليقات