رندة حيدر

ترك العرض العسكري الأخير الذي أقامه "حزب الله" في بلدة القصير أصداء عميقة وسط القيادة العسكرية الإسرائيلية. ورأى فيه أكثر من مصدر إسرائيلي جواباً شافياً عن تساؤل أساسي كان مطروحاً منذ بدء تدخل "حزب الله" العسكري في الحرب الأهلية السورية ألا وهو: هل عزز هذا التدخل القوة العسكرية للحزب أم أضعفها؟
بعد عرض القصير الجواب أصبح واضحاً، فقد حوّلت ثلاث سنوات من القتال في سوريا "حزب الله" من ميليشيا إلى جيش نظامي، وغيرت طبيعة القتال الذي اشتهر به بحيث أصبح الحزب اليوم جيشاً بكل معنى الكلمة قادراً على خوض حرب جبهوية تقليدية. ومن المظاهر الدالة على ذلك العتاد ولا سيما منه الدبابات والمدرعات التي شاركت في العرض الذي أظهر أن القوة العسكرية للحزب لم تعد تتركز على ترسانته الصاروخية، بل على عتاد ثقيل مثل الدبابات والمدرعات، وسلاح متطور مثل مضادات للطائرات متقدمة من صنع روسي وأميركي أيضاَ، الأمر الذي من شأنه تغيير شكل المواجهة المقبلة مع إسرائيل.


اعتبر المراقبون الإسرائيليون عرض القصير تجسيداً للتهديدات التي أطلقها الأمين العام لـ"حزب الله" السّيد حسن نصر الله في أكثر من مناسبة في الفترة السابقة بأن الحزب قادر في مواجهته المقبلة مع إسرائيل على احتلال مستوطنات يهودية تقع بالقرب من الحدود، بالاضافة إلى مفاجآت أخرى ستكون في انتظار الجيش الإسرائيلي اذا تجرأ وهاجمه.


لم يتأخر المسؤولون العسكريون الإسرائيليون في الرد على الرسائل الضمنية لعرض القصير، فسارعوا إلى نشر خطة عسكرية وضعتها قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي لمواجهة احتمال احتلال "حزب الله" مستوطنات يهودية تقع بالقرب من السياج الحدودي. فنشرت صحف إسرائيلية للمرة الأولى نقلاً عن مصادر عسكرية تفاصيل هذه الخطة التي تهدف الى عرقلة أي توغل مفاجئ للحزب داخل إسرائيل من خلال حفر خنادق ووضع عوائق على طول الحدود مع لبنان، وتحصين المستوطنات والمواقع العسكرية من الصواريخ، لكن الأهم على هذا الصعيد اعداد خطة لاجلاء سكان المستوطنات اليهودية القريبة من السياج فور بدء المواجهة أو قبلها فور وصول انذار بالهجوم، وتفويت الفرصة على الحزب لمفاجأة الإسرائيليين والحاق ضربة معنوية بهم.


ومن المعروف أنه من أهم العوامل التي ساهمت في تحقيق الانجازات العسكرية للحزب في مواجهاته ضد إسرائيل استخدامه حرب العصابات، واتقانه أساليب القتال وسط التجمعات السكانية، وخوضه مواجهات متحركة يصعب على الجيش الإسرائيلي حسمها بضربة عسكرية. وهنا يطرح السؤال: هل تحول الحزب الى جيش نظامي يشكل نقطة قوة اضافية أم العكس؟