راشد محمد الفوزان

سيول جدة التي لازال التحقيق جارٍ بها إلى اليوم، كلفت الكثير من الخسائر في الأرواح والخسار المالية للدولة وللمواطنين والمقيمين بمبالغ مليونية، ثم برزت وقتها "أرامكو" كجهة تتميز بالصرامة والدقة والكفاءة العالية بالعمل، وهي كذلك حقيقة يعرفها الجميع، فهي تحمل من الكفاءات الوطنية وحسن الأداء في أعمالها الأساسية وهو البترول سواء في الاستكشاف أو التنقيب أو الحفر أو الإنتاج وحتى التسويق، جاءت أرامكو إلى جدة متسلحة بكفاءتها وقدرتها وثقة الدولة ككل بها لإنجاز "سيول جدة" وتصريفها ووضع الحلول لها، ونجحت أرامكو في "إدارة" المشروع وهي ليست مقاولاً ولكن حققت أعلى مستوى من الإنجاز والعمل في سيول جدة، وانتهت مما "كلفت" به بإنجازه قبل الوقت المحدد من خلال مقاولين عدة، وحققت أرامكو نجاحا في ذلك وسجل لها لا شك، ولا يعني أن سيول جدة انتهت مشكلة تصريفها ولكن بما كلفت به.

بالأمس وخلال زيارة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز للمنطقة الشرقية، كان هناك احتفال سيقام بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي ولكن تم إلغاء حفل الافتتاح للمركز التابع لشركة "أرامكو السعودية"، والسبب هو تسربات الأمطار التي كانت تهطل في حينها. تفاصيل التسرب للمياه قد لا تكون جديدة لأننا نجد المياه تغرق مدنا ومنازل حين تكون بمستويات تفوق المعتاد أو قدرة على الاستيعاب، والتحقيقات ستبين هل هي فعلا كانت تفوق طاقة المركز؟ أو خطأ مقاول؟ أو ماهي الأسباب الحقيقية له؟ خاصة وأن أرامكو التي عاجلت بإدارتها المتميزة مشكلة سيول جدة، وأنجزت مشاريع أخرى في طول البلاد وعرضها، كيف يحدث ذلك بمعقل ومقر "أرامكو" هي فعلا تحتاج إلى تحقيقات ومعرفة الأسباب ولن تمر مروراً سلساً أو بلا تبعات له.

ولعل المياه أصبحت لدينا، خاصة بموسم الأمطار رغم شح المياه والأمطار ببلادنا، إلا أننا نعاني حقيقة من مشكلة "تصريفها" لا يكفي أن تصرف المياه بنسبة 70% أو 80% فلا تعرف كفاءة الشيء المنجز إلا من خلال تجربة تحدث وواقع يحدث كما هي السيول، يصعب أن تحكم على نفق أو طريق أو سد أو مشروع حكومي ما لم يمر "بموسم الأمطار" لدينا، ولكن ما السر حين تكون أمطارا طبيعية وليست طوفان نغرق بشبر ماء؟ أو سهولة التسرب مع أن تكلفة المشروع تدفع كاملا بلا نقصان؟! فتش عن الإدارة في المشروع.