أحمد الفراج
منذ أن ترشح دونالد ترمب لرئاسة أمريكا، وخصومه يشنون عليه الحملات، متهمين إياه بالعنصرية، وهي تهم جاءت بعد أن حوروا تصريحاته عن اللاتينيين، وكذلك عن دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، وقبل التوسع في ذلك، لا بد من سؤال: هل الرئيس ترمب عنصري، أم أنه شخص صريح وواضح، وقال علنا ما يقوله غيره سرا؟!، والتفصيل في هذا يستلزم مراجعة تأسيس الإمبراطورية الأمريكية، قبل أكثر من قرنين، على يد مجموعة من الساسة، والذين يطلق عليهم الآباء المؤسسين، بزعامة جورج واشنطن، وجون آدمز، وتوماس جيفرسون، وبقية الآباء، وهم وإن كانوا من كبار المفكرين في ذلك الزمن البعيد، إلا أنهم كانوا نتاج عصرهم، فقد كانت مزارعهم الشاسعة تعج بالرقيق، وكانوا يرسمون السياسات، التي نكلت بسكان العالم الجديد من الهنود الحمر، والذين انتهى بهم الأمر إلى العيش في محميات خاصة، تحت عين وبصر الحكام الجدد.
أمريكا أسسها الرجل الأبيض، والذي جاء إليها من أوروبا، هربا من حكم الكنيسة، وظلت لأكثر من قرن، بلدا ينعم به البيض، حتى تم تحرير السود من الرق، على يد الرئيس، ابراهام لينكولن، وهنا لا بد من الإشارة إلى أمر في غاية الأهمية، واتفق عليه المؤرخون، وهو أن لينكولن ذاته، والذي حرر السود من الرق، كان يؤمن بتفوق العرق الأبيض على غيره من الأجناس، كما كان يؤمن بأن السود في درجة أدنى من البيض، ولذا فعندما تم تحرير السود، في عام 1865، ظلوا مواطنين من الدرجة الثانية، يرزحون تحت قوانين الفصل العنصري الظالمة، وذلك لأكثر من قرن، حتى تم إقرار قانون الحقوق المدنية، في عام 1968، في عهد الرئيس ليندون جانسون، بعد أن سعى لذلك سلفه، الرئيس جون كينيدي، قبل أن يتم اغتياله، ويخلفه نائبه جانسون.
ومع أن السود نالوا كل حقوقهم ، إلا أن أمريكا ظلت بلدا منقسما على نفسه، ولولا القوانين الصارمة، لربما رأيتم العجب، ولعلكم تتابعون حوادث قتل السود، على يد الشرطة البيض، وردود الفعل التي صاحبت انتخاب الرئيس أوباما، ولا تزال تلازمه، وتشعر أحيانا، خصوصا في الجنوب الأمريكي، المعقل التاريخي للرق والعنصرية، أن هناك دولتين، واحدة للبيض، وأخرى للسود، ودونالد ترمب، وغيره من الساسة، هم نتاج هذا المجتمع، وإذا حكم خصوم ترمب عليه بالعنصرية، من أجل تصريحين تم تحريفهما، فإنه يتوجب عليهم، من باب الموضوعية، أن يدينوا ساسة آخرين ، سجل لهم التاريخ زلات لسان، كانت أسوأ مما قال ترمب، ومنهم الرئيسين السابقين، جورج بوش الأب، وبيل كلينتون، وعلاوة على كل ذلك، فإن ترمب وضح موقفه من اللاتينيين والمسلمين، وقال بأنه ضد وجود اللاتينيين المقيمين بطريقة غير مشروعة، وليس كل اللاتينيين، كما أوضح أنه ليس عنده مشكلة مع الإسلام، ولا مع المسلمين المعتدلين، ولكنه ضد المتطرفين فقط، وكلنا نتفق معه في ذلك، ولست هنا بصدد الدفاع عن ترمب . هذا، ولكن الإنصاف يقتضي القول بأنه تعامل فيما مضى، ولا يزال يتعامل، مع رجال أعمال مسلمين، وله استثمارات في دول اسلامية، وهو ليس عنصريا كما يشيع خصومه، بل انسان صريح، يقول بصراحة، ما يجبن غيره من الساسة عن قوله، وهذا هو سر تفوقه، ومن ثم فوزه بالرئاسة، وبالتالي فعلينا التخلي عن تهويلات خصومه، والتعامل معه كما هو، أي كسياسي صريح وواضح، وأنا على يقين بأنه سيكون أفضل لمنطقتنا، وللمملكة على وجه الخصوص ، من باراك اوباما، ابن المهاجر المسلم بعشرات المرات!.
التعليقات