مروان الشمالي

بعد سبعة أسابيع من انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية في لبنان، أُعلن في وقت متأخر ليل أول من أمس، عن تشكيل الحكومة برئاسة سعد الحريري. وبلا شك فإن إعلان تشكيل الحكومة أثار قدرا من الارتياح في لبنان، بعد سنوات من تعطيل الحياة السياسية وشل المؤسسات الدستورية، بدءا من منع انتخاب رئيس للدولة لفترة امتدت لعامين ونصف العام، إلى أن تمكن حزب الله من فرض مرشحه الوحيد قائد الجيش السابق، ميشال عون، رئيسا للجمهورية.
وتكمن أسباب ذلك الارتياح في أن استمرار الشلل في مؤسسات الدولة سيؤدي إلى توسع سيطرة دويلة حزب الله على حساب تلك المؤسسات، وإدخال لبنان في مزيد من التوترات المذهبية والطائفية في مواجهة الدويلة، المرتبطة سياسيا وماليا وعسكريا ومذهبيا بنظام الملالي في طهران، في الوقت الذي يرزح البلد تحت وطأة الشلل الاقتصادي والعجز المالي، ويضطر للتعامل العشوائي مع أكثر من مليوني لاجئ سوري وفلسطيني، هربوا من حرب الأسد على شعبه، وبعضهم قد يضطر للانخراط في أعمال تخريب وإرهاب تطال نتائجها الأمن الهش الذي يعيشه لبنان. إلا أن النجاح في تشكيل الحكومة لا يثير الارتياح فقط، بل يدفع إلى التفكير في المسارات التي أوصلت لبنان لما وصل إليه، ما يعيد طرح الأسئلة عن نجاح إيران في توسيع نفوذها تدريجا في هذا البلد، ليس من طريق الحروب والدمار كما تفعل في سورية والعراق واليمن، بل من طريق استخدام ذراعها العسكري والسياسي الذي تعتبره "مفخرتها"، كما قال المرشد خامنئي قبل أيام، في بسط نفوذها على لبنان لقضمه وابتلاعه وتحويله إلى رأس جسر على البحر المتوسط في امتداد مشروعها التوسعي من طهران إلى بيروت.

تسويف ومماطلة


توضح التجارب السابقة كيف تمكنت طهران من تحقيق أهدافها عبر حزب الله، ففي 2008 اجتاحت بيروت لنسف تيار الاستقلال اللبناني، وفرضت اتفاق الدوحة، ونسفت حصيلة ومعاني انتخابات 2009 النيابية، مانعة الغالبية من تشكيل حكومة تعبر عن إرادة اللبنانيين، وبات تشكيل أي حكومة في عهد الرئيس السابق، ميشال سليمان، يحتاج شهورا، بسبب مطالب حزب الله وحلفائه. وبعد إبعاد الحريري وشل مجلس النواب، حان موعد انتخاب رئيس للجمهورية، فتمسَّك حزب الله بمرشح وحيد، ومنع مجلس النواب من القيام بدوره في الانتخاب لمدة عامين ونصف العام، إلى أن وافق الحريري على تنصيب عون.

تعنت الحزب المذهبي

مع البدء في المشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة، وضع حزب الله شروطا على الحصص والأحجام والأشخاص، نفِّذت بكاملها، أهمها رفض حصول سمير جعجع على وزارة أساسية، وتعيين شخصية عملت على وضع دراسات ضد المحكمة الدولية بشأن اغتيال الرئيس السابق، رفيق الحريري، وزيرا للعدل، وفرض شخصيات من حلفاء النظام السوري وزراء في الحكومة، وحصل على وزارات اعتبرها سلفا من حقه، دون أي تنازل من جانبه. والسبب في كل ذلك أن حزب الله يتصرف في لبنان على وقع التطورات العسكرية في المنطقة. فانتخاب الرئيس تزامن مع احتدام معارك حلب، وتمرير تشكيل الحكومة تزامن مع إعلان الأسد انتصاره في تلك المدينة، إلا أن كثيرين في لبنان يَرَوْن أن مجرد استعادة العمل في إطار المؤسسات الدستورية اللبنانية يعني هزيمة لمشروع الدويلة الإيرانية، وهذا سبب كاف للمراهنة على حكومة لبنان الوليدة.

ملامح تعنت حزب الله

إعاقة انتخاب الرئيس لعامين ونصف
التهديد باستخدام القوة العسكرية
اجتياح بيروت عام 2008

منع الأغلبية من تشكيل الحكومة

رفض التمديد للرئيس السابق