علي سعد الموسى

ولنبدأ بشخصية العام، ونحن على مشارف بضع ساعات نحو نهايته. وبالطبع، فكل العالم كان منتظراً نسخة مجلة "التايم" الأميركية مطلع ديسمبر، حيث الموسم السنوي الشهير لخيارها الذي تضعه على غلاف المجلة. هي اختارت دونالد ترمب تماماً مثلما كان هو المتوقع. لكنني بشكل شخصي، أميل إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كشخصية العام لأسباب مختلفة. أولها أننا اكتشفنا أن فوز دونالد ترمب بالرئاسة الأميركية لم يكن بتلك المفاجأة بقدر ما كان انعكاساً للمزاج الأميركي ورغبته المتكررة في إحداث التغيير، ولهذا كان وصوله للبيت الأبيض تلقائياً طبيعياً وخارجاً عن مفاهيم الصدمة. في المقابل، كان فلاديمير بوتين من حشر باراك أوباما في الزاوية الضيقة الحرجة، وهو من جعل أميركا خلال العام الأخير دولة ثانوية ولن أتردد بالقول، وأيضاً تابعة في مسرح السياسة الدولية. بوتين هو من سحب أوباما إلى أشهر توقيع لهذا العام حين قاده بصبر الدب القطبي إلى توقيع الاتفاق النووي مع إيران، وهو التوقيع والاتفاق الذي جعل من أميركا، ومن أوباما بالتحديد، ضعيفاً مرتبكاً إلى الحد الذي لم يعد فيه قادراً على تحديد خريطة حلفائه في المنطقة وفي العالم. هو من سحب أوباما إلى الحديقة الإيرانية ثم تكتشف أميركا أنها فعلت هذا الخطأ التاريخي بلا أدنى ثمن مقابل. فلاديمير بوتين هو من ترك أوباما، وخلفه الولايات المتحدة، يتفرج على انحسار خريطة نفوذها التقليدية، وستبقى تركيا بالمثال أكبر دليل على الخسارة الأميركية حين سحبها الدب الروسي إلى ضلع المثلث الوليد الجديد "روسيا - إيران - تركيا" وتنتهي أشهر العام الأخير فيما كل العالم ينتظر نتائج اجتماعات زعماء هذا المثلث ووزراء خارجيته. وعلى جثة باراك أوباما أيضاً رقص بوتين وعربد في سورية فكأنه ينظر إليها على أنها إحدى جمهوريات القوقاز أو جزيرة القرم، ناهيك عن سحبه أيضاً لمصر والعراق إلى جانب الجزار السوري. ترك لأوباما كل حيرة الارتباك والتردد، واستطاع أن يشل أميركا حتى من النافذة الصغيرة ولو لردة الفعل. وخذ بالمثال الأخير أن الرئيس الأميركي القادم نفسه لا يخفي إعجابه الشخصي بفلاديمير بوتين، بل كان يقول بهذا صراحة أمام الناخب الأميركي دون تردد في سابقة أميركية لم تحدث أبداً من قبل. يتبقى من التكهنات: هل كان صعود هذا الدب الروسي عطفاً على مواهبه الخاصة وإمكانات بلده أم لأن الصدفة الزمنية جاءت به متزامناً مع باراك أوباما؟ شخصياً أميل لتحالف هذه الصدفة في التوقيت.