&جاسر عبدالعزيز الجاسر
بعد شكوك حول استئناف المحادثات السورية بين فصائل المعارضة ونظام بشار الأسد، وصل وفد المعارضة السورية إلى جنيف مساء السبت على أمل أن يكون قد بدأت أولى مباحثاته مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لسوريا ستافان دي ميستورا يوم الأحد، بعد أن كان وفد النظام السوري قد عقد اجتماعاً مع الممثل الأممي.
وفد المعارضة السورية تردد في المشاركة في هذه المباحثات بعد أن مارست روسيا ضغوطاً على دي ميستورا لإشراك شخصيات سورية (مستأنسة) في نظر المعارضين الذين التقوا في الرياض، وشكلوا مكتباً للتنسيق، توصل إلى اختيار وفد يمثل كل أطراف المعارضة الحقيقية، التي تحظى بموافقة الشعب السوري الذي لا يتعامل مع نظام بشار الأسد أو الذين يعتبرهم السوريون (معارضة مستأنسة) وممثلة لبشار الأسد داخل المعارضة، أكثر منها معارضة للنظام؛ إذ إن بعض هؤلاء يقاتل فصائل المعارضة الحقيقية، بل يشارك في عمليات قتالية مع قوات النظام ضد المعارضة، كالاتحاد الديمقراطي الكردي، فكيف تقبل المعارضة أن يكونوا جزءاً منهم وهم الذين يقاتلونهم؟ هل يعقل أن يقبل عاقل بإدخال عدوه إلى منزله؟.
كما أن دي ميستورا يتعرض لضغوط لفرض شخصيات مشبوهة (كهيثم مناع) على وفد المعارضة، وهو الشخصية غير الثابتة، التي لم تحدد موقفها من معارضة نظام قاتل، بل يلجأ إلى التحالفات والتوافقات التي في خدمة أجندات قوى دولية، لا يهمها السوريون بقدر ما يهمها مصالحها ومصالح الدول التي تتحالف معها؛ إذ إن هيثم مناع وقدري جميل وصالح مسلم هم لدى السوريين، وطبعاً لدى المعارضة الذين هم انعكاس للمجتمع السوري، لا يعكسون رغبات الشعب السوري بقدر ما يمثلون حلفاء بشار الأسد؛ فمسلم ممثل (أمين) لملالي إيران رغم ما يلاقيه أكراد إيران من قهر من قِبلهم، وقدري جميل مقيم دائم في موسكو، أما هيثم مناع فيعده السوريون متلوناً؛ ولا يوثق به.
ولأن هؤلاء الذين يريد دي ميستورا فرضهم على وفد المعارضة غير مرحب بهم ضمن وفدها فما كان من الممثل الأممي إلا أن وجَّه دعوات شخصية بأسمائهم للمشاركة في المباحثات تحت صفة مستشارين، ولا يُعرف بعد هم مستشارون لمن..؟!.
المهم، بدأ وفد المعارضة السورية ووفد نظام الأسد نشاطهما في جنيف حيث تركزت هذه النشاطات على إجراء لقاءات مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، ووسائل الإعلام؛ إذ يسعى وفد النظام إلى صنع مساحة إعلامية لتوصيل رسائل للرأي العام العالمي، تتركز على اتهام أطراف مشاركة في وفد المعارضة بأنها تمارس الإرهاب. وكذلك يسعى لتبييض صورة النظام الذي ارتكب العديد من الموبقات، التي من أهمها وأكثرها إجراماً تجويع المدنيين بفرض حصار على المدن السورية؛ ما تسبب في موت العشرات منهم جوعاً، كما حصل في مضايا ودير الزور.. مع مواصلة استعمال رمي البراميل المتفجرة من الجو على المدن وعلى المساكن والمدارس والمساجد والأسواق؛ ما تسبب في مقتل المئات من المواطنين.
ومع أن المعارضة السورية قد طالبت الأمم المتحدة وممثلها الخاص لسوريا بأن يضغط على النظام السوري بأن يرفع الحصار المفروض على المدن السورية، بعد ازدياد حالات الموت جوعاً، وأن يوقف رمي البراميل المتفجرة، إلا أن دي ميستورا مارس ضغطاً قوياً ومكثفاً على المعارضة السورية لضمان مشاركتها في المباحثات، وتجاهُل مطالبها الشرعية التي تعد من المهام المطلوبة من الأمم المتحدة لحماية شعب يتعرض للقتل الجماعي، ومن قِبل أطراف عدة.
التعليقات