عطيه عيسوى&
إذا نفَّذت دول تجمع الساحل والصحراء ودول التحالف الإسلامى مقررات مؤتمرى شرم الشيخ والرياض الأخيرين بلا تراخِ أوتسويف وأعانتها الدول الكبرى والمؤسسات والدول المانحة على ذلك وتعاون هذان التجمعان مع بعضهما ومع تجمعات إقليمية أخرى فى مكافحة الإرهاب ستكون النتائج نقطة تحوُّل وانطلاق للعمل المشترك لتحقيق الاستقرار والأمن الضروريين لتنمية شعوبهما. فالإرهابيون ينفِّذون عملياتهم مستخدمين تقنيات ونظم اتصالات متطورة وآليات منظمة وليس باستطاعة دولة بمفردها القضاء عليهم،بل يحتاج تجفيف منابعهم إلى مثابرة وتضحيات وتعاون وثيق.
فرغم أن ما اتفق عليه وزراء دفاع دول التجمع السبع والعشرين من إنشاء مركز لمكافحة الإرهاب مقرُّه مصر وتسيير دوريات أمنية مشتركة على الحدود بين دوله التى تشهد اضطرابات وتعزيز التعاون فى مكافحة الإرهاب بتبادل المعلومات الإستخبارية وإنشاء آليات للتنسيق فى مكافحة الجرائم العابرة للحدود مثل تهريب السلاح والمخدرات والأفراد جاءت أقل من الطموحات التى علَّقها البعض على المؤتمر إلاَّ أن ما اتفقوا عليه، إذا تم تنفيذه بعد إقراره من زعماء الدول، سوف يسهم بفعالية فى رصد مواقع الإرهابيين وتحركاتهم والتصدى لهم ومنع عبورهم الحدود مع تقييد تحركات عصابات تهريب البشر والأسلحة والمخدرات التى يستخدم الإرهابيون جزءاً من عائدها المالى فى تمويل نشاطهم وتجنيد أتباعهم.
فقد تضمَّن إعلان شرم الشيخ إنشاء آليات مشتركة لتسهيل التبادل السريع للمعلومات عن الجماعات الإرهابية وأنشطتها على المستويين الإقليمى والدولى بناءً على ورقة عمل مصرية اقترحت تبادل المعلومات بين أجهزة الدول الأعضاء مع التركيز على حجم وقدرات ومناطق انتشار تلك الجماعات ونشاطها وحركة تنقلاتها ومصادر تمويلها وتسليحها ومخططاتها وسبل إحباطها، وهذا لا شك إذا تم تنفيذه سيساعد بفعالية على إفشال معظم مخططات الإرهابيين وتصعيب حصولهم على المال والسلاح ويحد من قدرتهم على تجنيد المزيد من الأتباع. ولتضييق الخناق أكثر على الجماعات الإرهابية نصت الورقة على تكثيف الرقابة على التحويلات المالية وعلى جمع التبرعات لأغراض مشبوهة وعلى عمليات غسيل الأموال وطالبت بتعزيز الإجراءات الوطنية لمكافحة التهريب وبتبادل المعلومات والخبرات وتدريب الكوادر المدنية المختصة بمكافحة الإرهاب وبجمع الأسلحة غير المرخصة وإدماج العناصر التائبة فى مؤسسات المجتمع وتحسين مستوى المعيشة خاصةً للشباب الذين يشكلون غالبية سكان الدول الأعضاء وتوفير فرص عمل لهم حتى لا تستقطبهم الجماعات الإرهابية مع تطوير الخطاب الدينى وزيادة الوعى المجتمعى بخطر الإرهاب والتنسيق والتعاون إقليمياً ودولياً لمكافحته من خلال إنشاء مركز مكافحة فى دول الساحل والصحراء.وإذا تم تنفيذها فسوف تعالج المشاكل التى توفر البيئة الملائمة لتنامى الإرهاب.
مع ذلك هناك عوامل لا يُستهان بها يمكن أن تقلل من فعالية تلك الإجراءات فى منطقة وضعُها مقلق للغاية إذا لم يتم تداركها بالسرعة التى تتطور بها عمليات الجماعات الإرهابية من بينها عدم تحديد موعد قريب لعقد قمة المجموعة لإقرار توصيات المؤتمر والبدء فى تنفيذها رغم إلحاح المشكلة، وكذلك عدم تشكيل قوة تدخل سريع مشتركة أوقيادة أركان أومجلس للسلم والأمن وعدم الإشارة إلى ما إذا كانت مناورات عسكرية مشتركة ستُجرى كما كان مقترحاً من الخبراء.كما بولغ فى مفهوم ضرورة احترام السيادة الوطنية وسلامة أراضى الدولة الأمر الذى كان فيما يبدو سبباً فى تجاهل وزراء الدفاع اقتراح تشكيل قوة تدخل سريعت لمواجهة الإرهابيين عند الضرورة.
وإذا لم تتعاون كل دولة مع جيرانها بتزويدها بمعلومات المخابرات وبمراقبة الحدود المشتركة جيداً فلن تتوقف العمليات الإرهابية، فهناك دول مثل ليبيا ونيجيريا ومالى والصومال تحتاج إلى المساعدة من دول الجوار والدول الكبرى ذات المصالح الاقتصادية والأمنية فى المنطقة مثل فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا وأسبانيا. كما يتعين التعاون والتنسيق بين التجمع وتجمع دول غرب إفريقيا (إيكواس)، الذى يمتلك قوة تدخل سريع وتشارك فى عضويته دول أعضاء أيضاً فى الساحل والصحراء، وطلب مساعدات تنموية من المؤسسات والدول المانحة لإيجاد فرص عمل للشباب حتى لا يلتحقوا بالجماعات المتطرفة لأن قدرات معظم دولهم لا تساعدها على ذلك ولأن الإرهاب يطارد الجميع.
&وفى ضوء تحركات قادة وأعضاء تنظيمى داعش والقاعدة بين العراق وسوريا واليمن فى آسيا وبين ليبيا وتونس والجزائر ومالى والنيجر فى إفريقيا يقتضى الأمر التعاون والتنسيق بين تجمع الساحل والصحراء والتحالف الإسلامى لمكافحة الإرهاب الذى عقد قادة أركان جيوش دوله التسع والثلاثين اجتماعاً فى الرياض قبل أيام وركز على كيفية مواجهة الفكر المتطرف وضرورة تصحيح الأفكار المغلوطة التى تنشرها الجماعات الإرهابية عبر وسائل الإعلام وعلى تتبع مصادر تمويل العمليات الإرهابية بهدف تجفيفها من المنبع وعلى العمل العسكرى الذى وفرت له السعودية مقراً لمركز عملياته وخصصت له ميزانية مالية فى خطوة تقدمت بها على التجمع. كما يتيح التحالف تبادل المعلومات الإستخباراتية بين أعضائه وتمتُّع الدولة العضو بدعم الأعضاء الآخرين حال تعرضها لتهديد، وإن كانت مازالت توصيات تنتظر إقرارها من وزراء الدفاع وزعماء الدول.كذلك يمكن الإستفادة من نتائج اجتماع وزراء دفاع أمريكا ودول الخليج الخاص بمواجهة داعش يوم 20 أبريل.
&
&
التعليقات