&ميشيل تويني&
لفتني موضوع حلقة الزميل جو معلوف في برنامج "حكي جالس" عن الحرب الأهلية.
من المهم أن نتذكر الشهداء، ونتذكر المفقودين ومن دفع ثمن الحرب، ومن الضروري أن يتعلم من ينجر الى الشارع بدقيقة ان الحروب لا تفيد بشيء، وأن الانجرار وراء النعرات والغرائز لا يوفر شيئاً للبنان واللبنانيين سوى الدمار والشهداء.
فالكثيرون خسروا أصدقاءهم وعائلاتهم وأحباءهم، وخسر الكثيرون حياتهم الطبيعية لأنهم أصيبوا خلال الحرب بعاهات، ففقدوا رجلاً أو يداً أو سمعاً أو بصراً...
والكثيرون فقدوا أو خطفوا ولم ينالوا دعماً أو اهتماماً خاصاً من الحكومة أو الدولة.
أن يتصالح زعماء الحرب ليس بالأمر الخطأ. فبعد كل حرب يجب المصالحة كي لا نبني وطناً على الأحقاد. لكن المصالحة يجب أن تكون مصالحة لبناء دولة. أما عندنا، ولسوء الحظ، فالمصالحة هي مصالحة لمآرب خاصة أو تحالف نكايات ومصالح لتكبير زعامات وسيطرتها على الدولة وعلى الكراسي، وطبعاً ليس هناك أهلية لديهم لحكمنا أو لبناء جمهورية أو وطن كما يجب أن يكون، وبحجم تضحيات شهدائه وأبنائه.
فحتى بعد عام ٢٠٠٥، والى اليوم، ماذا قدموا للبنان واللبنانيين؟ للاقتصاد؟ للأمن؟ للسياحة؟ للشباب؟ ماذا قدموا لنا سوى النفايات والتعطيل والتمديد لأنفسهم؟ ها هي ذكرى 13 نيسان اليوم تحلّ وسط أزمة فراغ السنتين في رئاسة الجمهورية بفضل سياسات متحجرة وتبعيات عمياء لقوى إقليمية لا تزال تتحكم في مصيرنا، على رغم كل ما دفعنا من أثمان باهظة لتحقيق استقلالية قرارنا.
هؤلاء الزعماء، الذين أوصلوا لبنان الى ما بلغه من تدهور وتراجع، إذا تحالفوا وتصالحوا، فهل يكون لبنان بألف خير؟ ألم نشبع من الوجوه نفسها، وجوه الصفقات والحروب والفساد، ووجوه لا تتفق إلا في الطائف والدوحة، وتغتني عندما يفتقر شعبها؟
نعم، المصالحة مهمة، لكن الأهم هو مصالحة من أجل الناس والشعب وليس من أجل مقاعد انتخابية بلدية ونيابية، والاهم ان يدرك اللبناني ان تعلقه بزعماء الحرب والطوائف لن يقدم شيئاً سوى الخراب للبنان، والوجوه الجديدة والنظيفة والكفية هي الحل الوحيد للتغيير ولطي صفحة الماضي. والأهم ايضاً ان يدرك اللبناني انه لا يمكنه دوماً ان يشتم الزعماء ويرمي الكرة في ملعبهم، ثم يعود غداً الى الانجرار وراءهم والتصويت لهم وتكبير مأزقه وأزمته. فمسؤولية المواطن أصبحت أكبر وأخطر من ان يكتفي بالشكوى، فيما يضع نفسه في موقع المسبب الدائم لأزمة لا تنتهي ولوطن مهدد بالانهيار.
التعليقات