&&سمير عطا الله&

&ذهب ولفرد ثيسيغر إلى صلالة للبحث عن 12 رجلاً يرافقونه في رحلته. غير أن الوالي أصر على أن يكونوا 42 من أجل سلامته. وفي النهاية، تم الاتفاق على 30، يتقاضى كل منهم 10 شلنات في اليوم. وتم إعداد المؤونة، أرز وطحين وتمر وسكر وشاي وزبدة سائلة. وكان الرجال جميعهم صغار الحجم، يرتدون ثوبًا يغطي وسطهم فقط، ويحملون خناجر وبنادق.

لم يكن أهل المنطقة قد سمعوا بالإنجليز، و«لم يسمعوا عن أي قوة أعظم من قوة ابن سعود». وعندما سألهم الرحالة عن الربع الخالي هزوا أكتافهم. وأخيرًا هتف أحدهم، سلطان، قائلاً: «آه، إنه يعني الرمال».

حدثوني عن برترام توماس، فالبدو «يلاحظون كل شيء ولا ينسون شيئًا لأنهم ميالون للحديث بطبيعتهم، يجلسون ويتذاكرون إلى ما لا نهاية، ويمضون بثرثرتهم الساعات الطويلة حتى أواخر الليل حول نيران مخيمهم. حياتهم في كل الأوقات قاسية جدًا، وهم نقاد لا يرحمون من لا يتحلّى بالصبر والروح المرحة والكرم، والإخلاص، والشجاعة. كما أنهم لا يفسحون مجالاً للغريب. فمن يعيش مع البدو عليه أن يقبل عاداتهم، ويتقيد بمُثُلهم. والذين سافروا معهم هم الذين يستطيعون تذوّق هذا النوع من الحياة فقط. وهذه القبائل متعودة منذ نعومة أظفارها على مصاعب الصحراء الجسيمة، كشرب ماء الصحراء المر القليل، وأكل الخبز الجاف المليء بالحصى، وتحمّل مزعجات الرمل الطائر، وأحوال الطقس كالبرد والحر والضوء الذي يعمي الأبصار في أرض لا ظل فيها ولا غيمة. والذي يزعج أكثر من كل ذلك إنما هو التوتر العصبي. وكان عليّ أن أتعلم صعوبات الحياة كلها دفعة واحدة».

رغم معرفته بما ينتظره من وعورة الحياة، فقد وجدها أصعب مما تصور ومما سمع عنها.

«كان رفاقي دائمًا يستيقظون ويبدأون أعمالهم حالما ينبثق الضوء. وكنت أظن أن البرد قد منعهم من النوم لأنه لم يكن عندهم أغطية كثيرة عدا الثياب التي يلبسونها. وخلال ليالي الشتاء هذه كثيرًا ما كانت الأرض تجلّد. كنت أسمعهم يُنهضون جمالهم من مراقدها، وأنا نصف نائم. وكانت الجمال تهدر وهم يحركونها، وكان الأعراب يتنادون بأصواتهم الخشنة البعيدة المدى. ثم تمر الجمال بتثاقل، أرجلها الأمامية مقيدة لمنعها من الشرود، زفيرها دخاني في الهواء البارد. بعد ذلك كان يقودها صبي إلى أقرب العليقات، بينما كان أحد الرجال يدعو إلى الصلاة مؤذنًا».

إلى اللقاء..

&

&

&