&الياس الديري& &&

من زمان المهرجانات الهادرة في ساحة البرج القديم، في ساحات الوصل بالاندلس، كان من الضروري إقامة الصلوات واشعال الشموع والبخور عن روح 8 و14 آذار. ومن دون ذرف دموع أو إطلاق دعوات الوداع. الاكتفاء بتكسير بعض جرار وأباريق الفخار، كتدليل على الترحيب بهذه النهاية.

لم يوفيّا قسطهما للعلى، إلا أنهما قاما بما هو مطلوب منهما. أهل ضيعة جبال المجد أضاءت أصابعها فداء للمناسبة، وأهل القاطع ولّعوا نيران الحرائق كردّ مباشر، وكاحتفال باحتلال منصّة على امتداد ساحتين ثلاث، مع مخيّم يبلّغ العابرين والمستفهمين أنه هنا نكاية بهناك.

أخيراً انتهت رسمياً، بعدما كان الاهتراء، والكسل، والفشل، والضجر، واللامبالاة، قد استهلكوا ما أبقته الأحداث والأعوام، وتفرّق الشمل أيدي سبأ، وتفرّق العشّاق على مفرق دارينا، وتفرّق الذين أخذتهم الحماسة على حين غرّة الى المهاجر... بحثاً عن شيء من مستقبلٍ، من أملٍ، من عمل يجنِّبهم لوعة الفاقة.

مَنْ يدري، فقد يؤدّي إعلان النعيان الى اعادة فتح الطرق المقفلة بالمعوقات والعقبات، مما يساعد لبنان على مغادرة قفص الاحتجاز، قفص الفراغ، قفص الاضطرابات... بعد خسارته كل رصيده العربي والدولي والمحلي على مذبح الثامن والرابع عشر من آذار.

كان من الضروري أن يقف الرئيس نبيه بري، بعد هذه المعاناة وتلك الجلجلة وهاتيك الخسائر الفادحة، ويعلن على الملأ نعي العوامل والأسباب والحجج والأوهام، التي أوصلت لبنان الى مطلع السنة الثالثة من الفراغ الرئاسي. والفراغ المؤسّساتي. والفراغ الاقتصادي والسياحي والإنمائي...

فلبنان اليوم يكاد يكون شبه منبوذ من أشقائه الذين لطالما أحاطوه بعناياتهم، وجاؤوه في حملات انقاذيّة، تقودها الحمية السعودية، وتستجيب لها الرغبة الخليجية، وتفعل فعلها الدول والشعوب العربيّة الأخرى.

ليس مستغرباً أن يتلقّى الرئيس برّي المزيد من التهنئة، والتأييد، والدعم، لموقفه الذي أراح النفوس، ولنعيه لـ"الآذاريين" والذي لاقى ترحيباً حتى من أهل 8 وأنصار 14...

وقد تنجم تطورات سياسيَّة ايجابيَّة متعدِّدة عن هذه الخطوة خلال الفترة المقبلة.

غير أن المسألة اللبنانيَّة الكبرى والعظمى ليست عند هذه النقطة. أو هذا المفترق، بقدر ما هي أصبحت مرتبطة بالانتخابات الرئاسيَّة ونتائجها في أميركا، وبـ"شخص" الرئيس الذي سيقيم سنوات في البيت الأبيض. وكم يتخوّف بعضهم من "مفاجعة" نجاح "مَنْ" هو أسوأ بكثير من جورج دبليو بوش بمسافات.

من هنا تمنِّي الملايين نجاح هيلاري كلينتون، ودخول امرأة أولى البيت الأبيض، رئيسة لـ"الستايتس".