&جاسر عبدالعزيز الجاسر

عُرف من المواطن المصري تعلقه الشديد بوطنيته وترابه المصري، ولذلك فإن الذي يتابع ما يجري على أرض مصر هذه الأيام من تصعيد بين أجهزة الدولة وجماعة محترفي العمل السياسي يستغرب أن تصل الأمور إلى درجة التخوين والدعوة إلى القتل واتباع نهج الاغتيالات من قبل من يفترض بهم تدعيم القيم الفكرية والأخلاقية وسمو العمل.

آخر ما قامت به جماعة محترفي العمل السياسي هي صنع مواجهة إعلامية بين الدولة ومؤسساتها وبين نقابة الصحفيين أظهرت أن الصحفيين على استعداد ليكونوا رأس الحربة في محاصرة وإحراج الرئيس عبدالفتاح السيسي، بل وحتى إسقاطه إن لم يلبي طلبات من يسير نقابة الصحفيين التي يسيطر عليها تحالف الناصريين والإخوان المسلمين، وهذا التحالف هو الذي أوصل يحيى قلاش نقيب الصحفيين الحالي، والذي يرأس مجلس إدارة يضم عددا من المتعاطفين مع الإخوان المسلمين وجماعة من الناصريين وبعض المستقلين الذين لا يمكن أن يتصدوا لأي تفاهم بين الناصريين والإخوان الذين يعيشوا عصراً من تحالف المصالح بعد عداء استمر طوال نصف قرن.

الناصريون الذين يكونون ما يسمى بالنخب السياسية، بعد أن تحولت معظم رموزهم إلى العمل الاحترافي من خلال ابتداع صفة الناشطين، فمنهم من تلبس مهنة (ناشط سياسي) وآخر (ناشط حقوقي)، والجميع عبر هذه الصفات يستفيد من الأموال القادمة من الخارج لدعم ما يقومون به لخدمة من يرسل تلك الأموال.

والذي لاحظه محبو مصر والذين يتابعون ما يجري على أرضها من افتعال أزمات لاشتغال مؤسسات الدولة وعرقلة ما تسير عليه من تنفيذ لبنود خارطة الطريق، إن هذه الأزمات بدأت بالتصاعد بعد نجاح الدولة في تنفيذ كل ما تعهدت به ضمن خارطة الطريق والتي شملت تنفيذ الاستحقاقات الدستورية، والتي كان آخرها انتخاب مجلس النواب بعد إقرار الدستور وانتخابات الرئاسة، وبعد معالجة الأزمات الغذائية وانقطاع الكهرباء وتوفير الغاز والبنزين والديزل ومواجهة ارتفاع الأسعار، ولعل المنصفين من المصريين وغيرهم يشعرون بالفرق بين ما كانت عليه مصر قبل ثلاثة أعوام في ظل تلك الأزمات الخانقة، ومع ما تشهده حالياً من انفراج جعل الشعب المصري يتنفس، وهذا ما دفع من لا يريدون الخير للمصريين أن يفتعلوا الأزمات ويعرقلوا عمل الدولة التي يسعى عبدالفتاح السيسي إلى تقويتها وإعادتها إلى ما يجب أن تكون عليه، ولهذا فقد عمل وأعاد التضامن والتنسيق مع الدول العربية الفاعلة والمحورية، وارتقى بتلك العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وهذا بالضبط الذي أغضب أعداء مصر والعرب معاً، سواء داخل مصر ممن يتربعون على (كنبة النخب) ومحترفي السياسة من ناشطين سياسيين وحقوقيين ومدمني وسائل الاتصال وأعداء مصر والعرب من القوى الإقليمية والدولية التي تعمل بكل الوسائل والصور لاجهاض وتخريب أي تقارب عربي، وبالذات بين السعودية ومصر الذي يعني ربط عرب إفريقيا بعرب آسيا، ولا بد من تثبيت الفصل بين عرب المشرق وعرب المغرب الذي تمثل بالحاجز الإسرائيلي، وبعد الاتفاق على تجاوز هذا الحاجز بالجسر البري بين المملكة ومصر وتثبيت الفصل بين عرب القدرة العسكرية وعرب القدرة الاقتصادية والمالية والنفطية التي اتسعت قوتها الاستراتيجية، فكان لا بد من تفعيل حروب الجيل الرابع من الحروب التي تعتمد الميديا الإعلامية، سواء من خلال وسائل الاتصال الاجتماعي (التويتر) وأخواته ووسائل الإعلام التي أنشئت لمهمة ظلت خامدة مشابهة لما يقوم به العميل النائم أو الخلايا النائمة، وفعلاً هذه الوسائل قامت بدور الخلايا النائمة حيث نشطت وسائل إعلامية يمكن كشفها بسهولة وصحفيين منهم كتاب معروفون أعدوا لهذه المهمة، والذين يقومون الآن بما طلب منهم بالتشكيك بل وحتى تخوين القيادة المصرية لعقدها اتفاقية ترتكز على أسس القانون الدولي، والهدف هو تخريب ما تم إنجازه مع السعودية حتى لا يتم تنفيذ الجسر البريتعطيل جهود تنمية شبه جزيرة سيناء، وبالتالي الإبقاء على الحاجز الإسرائيلي الذي يمنع تواصل عرب القدرة العسكرية وعرب القدرة الاقتصادية بحاجز التشكيك والتخوين، وقد وصل بهؤلاء أن يجهروا من خلال ما يدوّنونه في تلك الاتصالات في تويتر وغيره إلى حد المطالبة باغتيال الرئيس والقضاة ورجال الشرطة في دعوة فوضوية لتخريب الدولة المصرية، وعندما حاولت الأجهزة القيام بدورها في حماية وتحصين الأمن والاستقرار قام من حرض هؤلاء الداعمين لإشعال الفتنة والفوضى والإرهاب إلى احتضانهم وفتح أبواب نقابة الصحفيين لمنع الأجهزة الأمنية من تنفيذ طلبات النيابة العامة التي تعد وكيلة الشعب في التحقيق معهم، وبعد القبض عليهم يطالب الناصريون والإخوان المسلمون باستقالة وزير الداخلية الذي عمل على تنفيذ طلب النيابة العامة، فيما يواصل ممن استولى على نقابة الصحفيين استفزاز المصريين بالدعوة إلى تدمير الدولة المصرية من خلال إعادة سيناريو التثوير على السلطة المصرية خدمة لمخططات أعداء مصر والعرب من جهات إقليمية ودولية معروفة