&معز الخليفي&

قال الكاتب المتخصص في شؤون المتطرفين، لورينو فيدينو، إن من الخطأ الاعتقاد بأن تكون الولايات المتحدة الأميركية أفضل كثيرا من أوروبا من حيث خطر التطرف المحلي، مشيرا إلى أن المتشددين الأميركيين هم من أخطر وأصعب المتطرفين الذين يتم اعتقالهم مقارنة بنظرائهم الأوروبيين.

وفي مقال نشرته مجلة "بوليتيكو" الأميركية، ذهب فيدينو، وهو من جامعة جورج واشنطن، إلى القول بأن الإرهاب هو منتج بديل أو ثانوي للمجتمعات المسلمة التي تعاني من ضعف في التعايش فيما بينها، واصفا إياه بالمشكلة المعقدة، قبل أن يطرح سبع حقائق يجب معرفتها في هذا الصدد.

1- التحقيقات لا تشمل كل المتشددين

قال فيدينو: "في نهاية العام الماضي تم التحقيق مع ما يقارب 1000 متطرف منتشر عبر 50 ولاية في أميركا، من خلال مكتب التحقيقات الفيدرالي "FBI"، ولكي يفتح المكتب تحقيقا بشأنهم، يجب عليه أن يمتلك أدلة وبراهين عن جرائمهم أو أي شبهة تتعلق بهم"، مضيفا أن من الصعب التعرف على الإرهابيين، باعتبار اختلاف درجات الحدة أو التعاطف مع التنظيمات المتطرفة كداعش والقاعدة وغيرها، وهؤلاء ليسوا تحت دائرة التحقيق.
وأشار إلى أن أغلب الهجمات الإرهابية التي شهدتها الولايات المتحدة، ومنها هجوم أورلاندو الأخير، نفذها متطرفون ليسوا تحت التحقيق.

2- التطرف بأميركا ليس أقل جدية

قال فيدينو إن الوضع يختلف في أميركا عنه في أوروبا من حيث حجم الهجمات وأعدادها، فالأخيرة تحتوي أيضا على عدد هائل من المتطرفين والجماعات النشطة أكثر منها في الولايات المتحدة، مبينا أن متشددي أوروبا يستلهمون الأيديولوجيا المتطرفة من أمثال داعش والقاعدة، بحكم قربهم الجغرافي، وأعدادهم الكبيرة، وأنهم قادرون على التحرك في أي وقت"، لافتا إلى أن هذه الشبكة المتينة تتمثل في أعداد الأوروبيين الذين ذهبوا إلى مناطق الصراع، وهم ما بين خمسة إلى ستة آلاف بحيث تعد معضلة حقيقية في أوروبا، فهم قادرون على العودة في أي وقت وشن الهجمات والخطط في أي لحظة، خصوصا بعد تلقيهم تدريبات مكثفة على رفع السلاح.
وتابع "بما أن الولايات المتحدة تبعد جغرافيا عن منطقة الشرق الأوسط، فإن هؤلاء المتطرفين يعتبرون قلة قليلة مقارنة بنظرائهم في أوروبا، بالإضافة إلى قوة وشراسة "FBI" في التعامل معهم، بحيث يلجأ الكثير منهم إلى المواقع الافتراضية لعرض أفكارهم وتوجهاتهم".

3- دور تكميلي للشبكات العنكبوتية

أشار فدينو إلى أن للشبكات العنكبوتية دورا مكملا في الأعمال الإرهابية. وقال "من الخرافة الظن بأن المتطرفين يفعلون كل شيء عبر الشبكات ومواقع التواصل. ورغم أن كثيرا منهم يستخدمونها ولهم حضور فيها، فإنه في واقع الأمر، لديهم حياتهم الواقعية الرسمية بجانب تلك الافتراضية".

4- ضعف الاندماج وعوامل أخرى

قال فيدينو: "من خلال دراستي أحوال وأفكار المتطرفين منذ 15 عاما، خصوصا بعد تفجيرات مدريد 2004، ولندن 2005، وباريس وبروكسل، يمكن القول إن المسلمين الأميركيين هم أكثر اندماجا في المجتمع من المسلمين الأوروبيين الذين يعتبرون الأكثر تطرفا هناك". ويصف أن التطرف الفكري والسلوكي هو نتاج ضعف الاندماج في المجتمعات والتعايش فيما بينها، مستدركا أن عنصر الاندماج هو مجرد عامل من بين كثير من العوامل والأسباب.

5- فئات متجانسة

أكد فيدينو أن حسابات المتطرفين المعتقلين خلال السنتين الماضيتين في الولايات المتحدة تعد طبيعية ولا يوجد مؤشر فيها على تطرفهم، إذ إن بعضهم يمتلك وظائف مرموقة، أو شهادات عليا، ومنهم المراهقون أو من جاوز 40 عاما. وقال "هم أناس عاديون وطبيعيون ينحدرون من كل الجنسيات والأعراق والخلفيات، ومن ثمّ يصعب أن تحددهم أو تتخيلهم أو تضعهم تحت خانة معينة، لأنه لا يوجد شيء يميزهم عن غيرهم".

6- خياران أمام إف بي أي

يصف فيدينو دور مكتب التحقيقات الفيدرالي "FBI" في التعاطي مع القضايا الحساسة بأنه صعب ومرهق، معللا ذلك بصعوبة التعامل مع الشاب المتطرف الذي لم يرتكب أي جريمة معينة بعد، أو الأشخاص الذين ينوون شن هجمات متعددة. وقال: "أمام مكتب التحقيقات الفيدرالية خياران: إما أن يتم دفع الإرهابي لارتكاب جريمة معينة عبر إضلاله وإغوائه بمختلف الطرق، كدعوته إلى القتال في سورية، أو توفير بعض الأسلحة له، وبالتالي قد تكون مثل الخطط ناجحة في الكشف عن نوايا أولئك المتطرفين، وهذا الشيء لا يفعله "FBI" مع أي أحد سوى الأشخاص الذين يتوقع أن يصدر منهم عنف أو جرائم مختلفة، كما أن مثل هذه العمليات تعد غير قانونية في دول أوروبا، ولذلك تحسد السلطات الأميركية عليها". وتابع "الخيار الثاني، وهو أن تعتمد طريقة تغيير الأفكار المنحرفة لدى المتطرفين بالعدول عنها، من خلال إمام مسجد، أو ناصح أو قريب له، وبالفعل تتم مثل هذه الطرق في بريطانيا"، كاشفا أن "FBI" بدأ في تطبيق هذه الفكرة، لكن ذلك ما زال يطبق بشكل فردي وارتجالي، ولا يوجد تنظيم له من قبل الدولة، بالإضافة إلى بعض الانتكاسات التي قد تحصل بين الفرد والآخر. وخلص فيدينو إلى أن الخيار الثاني يعد أداة فعالة، رغم أنه صعب وشاق، حسب قوله.

7- الانتماء لجماعة معينة

كشف فيدينو أن القليل من المتطرفين يهتم بالانتماء، مستدركا أن جميعهم يقاتلون من أجل ما يعتقدون أنه "جهاد"، ولا يعنيهم الانتماء لأي جماعة أو فصيل.
واستشهد الكاتب بشاب من مدينة نيويورك، أراد هو ورفاقه تفجير كنيسة قبل بضعة أشهر، فقام واحد من بينهم وطالب بأن يعلن الجهة التي ستتبنى هذا التفجير، فاختار تنظيم القاعدة، فقام الآخر واعترض قائلا: "سنختار داعش، إنها ألطف". وانتقد فيدينو حياة أولئك المتطرفين المتناقضة، بحيث أنهم يعتنقون الأفكار المتطرفة، بينما يعيشون حياة مترفة ومرفهة كغيرهم.