مصر: تضارب الآراء حول زيارة وزير الخارجية المصري لإسرائيل ما بين تاريخية وكارثية


منار عبد الفتاح

&زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري، هي الأولى من نوعها منذ 9 سنوات. وأكد عدد من الخبراء على أن الزيارة تأتي في توقيت مهم جدًا، وذلك للاطلاع على أهم القضايا الإقليمية وآخر المستجدات، ومناقشة عملية السلام الفلسطينية، في ظل الأوضاع التي تمر بها المنطقة، مشيرين إلى أن التطورات الأخيرة لدى الجانب الإسرائيلي في المنطقة تقتضي التنسيق بين البلدين. فيما يقول البعض الآخر ان تلك الزيارة تعد كارثية وتعتبر عودة للتطبيع الساخن مع إسرائيل.

وفيما لم تتضح بعد نتائج زيارة وزير الخارجية لإسرائيل، يظهر تساؤل عما سيؤول له شكل العلاقات بين الجانبين المصري والإسرائيلي في الوقت الحالي. وفي هذا الصدد قال السفير ابراهيم يسري، مساعد وزيرالخارجية الأسبق، لـ«القدس العربي» ان «هذه الزيارة تعتبر مأساة وغلطة كبيرة جدا، وما زاد من ذلك ذهابه للقدس. وحديثه عن التسوية غير صحيح. فأنا أرى ان الزيارة مؤسفة للغاية، فالتطبيع صار ساخنا وليس دافئا وهناك رسالة معينة هي الهدف من تلك الزيارة ولا يعلم بها غير السيسي».

وأضاف «ان نتنياهو أصبح صديقا حميما لمصر ولكي يثبت هذا الحب ذهب إلى دول عديدة كي يشكرهم على ما قدموه لمصر فلماذا إذن لا يزور مصر؟ فالعلاقات بين مصر وإسرائيل دبلوماسية كاملة وسوف تستمر بهذا الشكل خلال الفترة المقبلة». وقال الدكتور سعيد صادق، استاذ علم الاجتماع السياسي، لـ«القدس العربي»: «هناك علاقات وثيقة بين مصر وإسرائيل منذ 40 عاما ومن الطبيعي حدوث تلك الزيارة بما ان إسرائيل دولة جارة لمصر ولها أهمية استراتيجية وهناك تنسيق أمني وسياسي بين البلدين، ومصر هي الدولة الوحيدة في العالم التي تتفاوض من أجل القضية الفلسطينية. فعن أي تطبيع جديد نتحدث وهو موجود بالفعل ومتمثل في العلاقات التجارية والسياحية وفي تعاون أمني ومخابراتي وعسكري وسياسي ودبلوماسي واقتصادي، حتى أن هناك تزاوجا بين مواطنين مصريين وإسرائيليين؟ العلاقة أصبحت أكثر من مجرد تطبيع بكثير».

وأضاف «ان زيارة شكري لإسرائيل يمكن تصنيفها من شقين، الأول هو ما يخص العلاقات الثنائية، والثاني هو من أجل حل القضية الفلسطينية، ومن الطبيعي أيضا أن يزور نتنياهو مصر، ولكن في مصر بعض الإعلاميين والسياسيين الذين أدمنوا الحرب على إسرائيل ما يخلق حالة وجوا نفسيا سيئا للغاية».

ويرى الدكتور يسري العزباوي، الباحث في مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» أن هناك علاقات دبلوماسية وسياسية بين مصر وإسرائيل طوال الوقت، وهذه الزيارة جاءت في توقيت مهم للغاية. وأوضح ان «الزيارة تأتي لبحث ترتيبات المبادرات لتفعيل عملية السلام، لأن الأوضاع تستوجب تنسيقا بينهما» مؤكدا أن ملف سد النهضة الإثيوبي سيأتي على رأس هذه المفاوضات.

وقال عضو مجلس النواب، مصطفى بكري، خلال حوار على قناة «الغد» الإخبارية، إن زيارة سامح شكري وزير الخارجية المصري، لمنزل رئيس وزارء حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، تحمل دلالات خطيرة لأنها كانت في القدس، التي أعلنت إسرائيل في وقت سابق أنها عاصمة أبدية لها. وأضاف، أن «مصر حملت نفسها ملفا في غاية الخطورة وهو ملف الأسرى الفلسطينيين الذي أعتقد ان مصر لن تنجح فيه».

واعتبر بكري، أن مصر ليست وسيطة بين حماس وإسرائيل وانما هي مجرد طرف في المفاوضات، مشددا على أن الزيارة تعطي نوعا من المشروعية للكيان الإسرائيلي في احتلال القدس، قائلا: «لم يكن على وزير الخارجية المصري زيارة إسرائيل في هذا التوقيت».
وقال الدكتور مصطفى الفقي، المحلل السياسي، إن زيارة سامح شكري، وزير الخارجية المصري الأخيرة لإسرائيل، واحدة من أذكى خطوات السياسة الخارجية المصرية التي تحسب للرئيس عبدالفتاح السيسي. وأضاف، أن توقيت زيارة شكري لإسرائيل فيه براعة كبيرة، وحديث السيسي عن تحويل السلام البارد بين إسرائيل وفلسطين إلى سلام دافئ هو مؤشرعلى قرب قيام وزير الخارجية بالزيارة. وأشار إلى أنه لا خلاف على أن إسرائيل دولة عنصرية ومحتلة، ولكن لا بأس من إعادة الدفء إلى العلاقات المصرية الإسرائيلية.

وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري التقى الأحد الماضي الموافق 10 تموز/يوليو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس المحتلة، فيما قال مسؤول إسرائيلي إن هذا اللقاء سيمهد لزيارة نتنياهو لمصر.

والتقى الوزير المصري نتنياهو مرتين، الأولى بصفته وزيرا للخارجية وتناول معه مجمل القضايا السياسية، والثانية على مأدبة عشاء في مقر إقامة نتنياهو في القدس الغربية، حيث نشرت صورة جمعت الاثنين وهما يشاهدان المباراة النهائية لكأس الأمم الأوروبية. وزيارة شكري هي الأولى لوزير خارجية مصري لإسرائيل منذ تسع سنوات.

وقال شكري في مؤتمر صحافي مشترك مع نتنياهو إن حل الصّراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر منذ عقود ستكون له آثار إيجابية على منطقة الشرق الأوسط. وأضاف أن حل الدولتين (الفلسطينية والإسرائيلية) في المتناول. من جهته دعا نتنياهو الفلسطينيين إلى استئناف المفاوضات المباشرة المتوقفة تماما منذ نيسان/أبريل/ 2014 إثر فشل مساع قادها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري.

من جهة أخرى، قال مسؤول إسرائيلي إن نتنياهو طلب من شكري مساعدة مصر لاستعادة إسرائيليين محتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في قطاع غزة، مضيفا أن الوزير المصري قابل الطلب المتعلق بالأسرى «بالإيجاب».
وصرح شكري في مؤتمر صحافي مشترك مع نتنياهو قبل بدء لقائهما في القدس، أن زيارته «تأتي في توقيت هام وحرج تمر به منطقة الشرق الأوسط». وأشار إلى أن حل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي المستمر منذ عقود ستكون له «آثار إيجابية على منطقة الشرق الأوسط» مؤكدا أن مصر مستعدة «للإسهام بفاعلية» في تحقيق هذا الهدف.

فيما قال نتنياهو «أرحب بعرض الرئيس السيسي الأخير والجهود المصرية لدفع السلام مع الفلسطينيين قدما والسلام الأشمل في منطقتنا». كما دعا الفلسطينيين إلى مفاوضات مباشرة.
ويذكر أن وزير الخارجية المصري زار رام الله في الضفة الغربية المحتلة في 29 حزيران/يونيو الماضي والتقى المسؤولين الفلسطينيين. وفي أيار/مايو، اعتبر السيسي أن الفلسطينيين والإسرائيليين أمام «فرصة حقيقية» لحل النزاع.

&