&سالم سالمين النعيمي&

استحقاقات الوحدة في جنوب الجزيرة العربية، وما يثار حول الوحدة والانفصال أو المؤامرات والمعاهدات، وأيضاً ما يثار حول المشاريع والمصالح المختلفة للقوى الكبرى والإقليمية التي ليس بينها مشروع يمني، ناهيك بما يدور بين المعارضة والحكومة و«الحوثيين» وحزب «المؤتمر الشعبي» العام والقبائل الموالية لعبدالله صالح، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح» بغطائه الديني والقبلي وحراك الجنوب، وبعد كل هذا يأتي المواطن اليمني البسيط في ذيل القائمة ليبقى مستقبل اليمن متأرجحاً بين رهانات الحاضر وتراكمات الماضي وحرب غير مقتصرة على منطقة معينة، ولكنها ممتدة وتتجاوز الحدود.

&فالسلطة اليمنية ذات الشرعية الخاصة، تقف عاجزة عن تلبية احتياجات الشعب العاجلة بالصورة المطلوبة على الرغم من تحالفاتها المعلنة والسرية على المستوى الشرق أوسطي والعالمي، مما يزيد من تعقيدات المشهد اليمني المرتبك، خصوصاً أن الإدارة الأميركية يُعتقد أنها تسعى للتنسيق والتواصل مع جماعة «الحوثي»، لإحداث توازن بين مختلف القوى اليمنية، والحد من استئثار قوة سياسية بعينها بالمشهد السياسي اليمني، خصوصاً أن الوضع من الناحية الأمنية غير مستقر، وفي غضون ذلك تتقدم قوات الجيش الوطني مسنودة بالمقاومة الشعبية وقوات التحالف العربي تمكنت من استعادة أراضٍ شاسعة ومدن مهمة ضمن العملية المستمرة لتطهير البلاد من الانقلابيين. ومسألة الحسم العسكري في المعارك الكبرى في متناول اليد، ولكن ليس حسم الحرب نظراً إلى إرث الماضي الانفصالي وطبيعة الشعب اليمني السياسية والقبلية والطائفية وجغرافيا البلد وتداخل العوامل المؤثرة في إدارة الصراع.&

ولذلك يعمل المتمردون كل ما بوسعهم ليتراوح الوضع بين حرب عصابات وحرب أهلية ومناوشات وتمرد علني وليست معارك نظامية، ويحظى المتمردون على الشرعية بدعم كبير من إيران وغيرها بجانب إعلام دعائي مكثف مدعوم من جهات تريد فشل «التحالف العربي»، وتغليب الرأي العام العالمي عليه وتصويره بأنه جهد يزيد من شدة تأزم الوضع اليمني، ويجعل البناء السياسي الوحدوي غير مستدام.

ومن جهة أخرى هناك ضغوط دولية على الرئيس هادي لقبول المتمردين ضمن حسبة السلطة والحكم وجعلهم ركيزة من ركائز العملية السياسية في اليمن وقد يكون هناك قرار جديد يُتخذ من مجلس الأمن الدولي بإبعاد هادي وترشيح سياسي جنوبي آخر لديه قبول أكبر من الأطراف السياسية اليمنية من أجل إحلال السلام. لكن أيُّ سلام ينشدون في ظل إشراك المتمردين والمخلوع صالح في حكم البلاد التي أسهموا في تدميرها وتخريبها؟ ولو رجعنا بالتاريخ لعام 1994 لرأينا أن الوحدة اليمنية في ذلك الوقت قامت دون استفتاء شعبي ودستور يكفل ازدهارها بعيداً عن المحاصصة ووضع اليد على مخزون الثروات في البلاد والتصرف فيه، كأنه إرث شخصي من قِبل من كانوا في دفة الحكم.&

فمن جهة يريد الجميع القضاء على حضانات الإرهاب ومعاقله في بعض المناطق اليمنية، واتخاذ خطوات كبيرة للحد من الخسائر في صفوف المدنيين، وتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية، ويريد اليمنيون وقف التدخل الأجنبي في الشأن اليمني وسياسة الأرض المحروقة واتخاذ الأراضي اليمنية كمعسكرات نشر أيديولوجيات بعينها، حيث يوجد صراع خفي على المواقع الأكثر حساسية واستراتيجية في الأراضي والمياه الإقليمية اليمنية من قبل قوى عديدة لا تشارك أغلبها بطريقة ووسائل مباشرة في الصراع اليمني ولربما بالدعم اللوجيستي والاستخباري والتقني والخبراء العسكريين وغيرها من وسائل الدعم التي جاءت لتضع موضع قدم لها في الأراضي اليمنية ولا رحيل بعده، خصوصاً من قبل الشركات الاستكشافية الكبرى التي تحلم بالثروات اليمينة في مجال الطاقة والمعادن النفسية ومنافذ بحرية لا تقدر بثمن من الناحية الجيوسياسية والتجارية.&

وفي الجانب الآخر يدرك معظم اليمنيين الذين لم تتم برمجتهم لطرف ضد آخر جوهر الصراع في اليمن. وإذا أخذنا بالتحديد، وبعين الاعتبار الحراك الجنوبي وحقيقة رغبته في الانفصال، علماً بأننا لا نستطيع أن نجزم بنسبة سكان الجنوب الراغبين في الانفصال، ولكنها وفق الشواهد ومتابعة الحراك على مواقع التواصل الاجتماعي تبدو حقيقية وضمن فئات وأعمار سنية معينة من سكان الجنوب وهم من يريدون في الواقع الانفصال وعودة جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية، خصوصاً أن هناك مظالم تاريخية عديدة في عقول وقلوب نسبة لا نعلم مداها وتأثيرها من الجنوبيين ولا نزعم فهم حجم الإحباط العميق والاغتراب في الجنوب، ولا نعلم ما الذي يوجد تحت البساط السياسي الظاهر للعيان، وهل توجد خلف الرغبة الملحة لهزيمة صالح و«الحوثيين» رغبة أكبر في الانفصال متى ما تحقق النصر للشرعية؟ وهل فك الارتباط أسهل من بناء الثقة؟