سعد الياس&

&على طريق التمهيد للاحتفال بمئوية إعلان دولة لبنان الكبير في بكركي في العام 2020 يتم الاحتفال منذ سنتين بهذه الذكرى في 1 ايلول/سبتمبر وهو تاريخ إعلان هذه الدولة بعد توسيح حدود لبنان الصغير ليضم الأقضية الأربعة: بعلبك، والبقاع وراشيا وحاصبيا في مشهد ضمّ في قصر الصنوبر المفوض السامي الجنرال هنري غورو، وإلى يمينه البطريرك الياس الحويك، وإلى يساره مفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا، في وفاق داخلي فرض احترامه على الخارج.

وقد جرى الاحتفال الأول السنة الماضية في مدينة عاليه في دارة الأميرة حياة أرسلان وهذا العام في بلدة رشميا في قضاء عاليه التي تحدّر منها رئيسان للجمهورية هما حبيب باشا السعد في العام 1920 والشيخ بشارة الخوري في العام 1943 وشاركت عائلات منها في البعثات الثلاث التي ذهبت إلى مؤتمر الصلح في باريس للمطالبة بلبنان الكبير.

وتأتي أهمية الاحتفال بلبنان الكبير في ظل الصراعات في المنطقة والحديث عن إعادة النظر في خريطة الشرق الأوسط واتفاقية سايكس بيكو. كما تأتي في ظل الاشكالية التي يطرحها البعض حول تعدد الولاءات لغير لبنان أولاً وتلويح البعض باللجوء إلى الفدرالية في حال عدم احترام الميثاقية وطغيان العددية على التعددية في لبنان.

وليس سراً أن بعض المسيحيين وتحديداً من الموارنة وجّهوا لوماً في زمن الحرب الأهلية إلى البطريرك الماروني الياس الحويك على سعيه في العام 1920 لانشاء لبنان الكبير وتمسكه بالمطالبة بإسترجاع المناطق التي سلختها السلطنة العثمانية عن جبل لبنان بدلاً من الابقاء على لبنان الصغير.

إلا أن بكركي دافعت عن خطوة الحويك، مؤكدة أن البطريرك الحويك لم يخطأ في انشاء لبنان الكبير لكنه ظن ان اللبنانيين سيكونون كباراً على مقدار لبنان الكبير ويحافظون عليه، لكنهم بقوا صغاراً ولم يرتقوا إلى مستوى المسؤولية.

وينسحب هذا القول على ما يجري حالياً في لبنان، حيث بدأ الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية شهره الـ 27 وسط مخاطر من انهيار الدولة وتعميم الفراغ على كل المؤسسات الدستورية في ظل الانقسامات السياسية والفئوية.

وبعد 96 سنة من عمر لبنان الكبير تسأل أوساط «أي دولة بنينا وأي مجتمع ربّينا؟ المؤسسات الدستورية الأساسية أين أصبحت؟ شغور في رئاسة الجمهورية، ومجلس نيابي شبه مشلول وقد مدد ولايته مرتين وهناك شكوك في شرعيته، وحكومة مكبلة لم تستطع ان توفر أبسط حاجات المواطنين من مياه وكهرباء ومعالجة شؤون البيئة والصحة والنظافة؟ وإدارة عامة مترهلة وينخرها الفساد على كل المستويات، والأمن مضطرب والحدود مهددة، وأزمة اقتصادية خانقة أوصلت الدين العام إلى ما يفوق السبعين مليار دولار أمريكي ودفعت أكثر من نصف شباب لبنان إلى الهجرة».

وفي هذا الإطار، يتساءل النائب فؤاد السعد في حديث إلى «القدس العربي» وهو نسيب الرئيس حبيب باشا السعد الذي أعلن لبنان الكبير في ظل حكمه «ماذا فعلنا بلبنان الكبير وماذا بقي منه؟ وقد انتقل الحكم من أيدي رجال دولة إلى دولة لبعض الرجال، وتم تعطيل الحكم حتى أصبحنا اليوم نواجه فراغاً في رئاسة الجمهورية وتعطيلاً لأعمال مجلس النواب وتهديداً لاستمرار الحكومة». ويضيف السعد «هل أصبح لبنان الكبير ذكرى وتاريخاً أم أنه واقع وتحد ومسؤولية لا بدّ من الحفاظ عليها وتسليمها إلى الأجيال المقبلة؟».

ولعلّ وصية الجنرال غورو في احتفال إعلان دولة لبنان الكبير في قصر الصنوبر لا تزال صالحة المفعول، إذ قال «ان لبنان الكبير تألف لفائدة الجميع ولم يؤلف ليكون ضد أحد». وأوصى اللبنانيين بـ«الاتحاد الذي هو مصدر قوتهم» محذراً من «الخصومات العرقية والمذهبية».