& أحمد غلاب
قال رئيس البرلمان العربي عضو مجلس الأمة الكويتي سابقاً علي الدقباسي إن العمل العربي المشترك يعاني من «تخلف واضطراب وعدم القدرة»، وأن الجامعة العربية «هي والعدم سواء، لم تستطع تحقيق التطلعات للشعوب المقهورة»، وأكد أن الوضع الأمني في الدول العربية «بات مخترقاً من الجانب الإسرائيلي والإيراني»، وأن الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية «تسعى إلى الحفاظ على ما تبقى من الهوية العربية». وأكد الدقباسي أن مشاورات اليمنيين في الكويت «ولدت ميتة، وأن الرئيس المخلوع علي صالح والحوثي كانا يريدان فقط التقاط الأنفاس»، مشيراً إلى أن العلاقات الخليجية - الإيرانية سيبقى مستقبلها «مظلماً»، وأن على الخليجيين أن ينظروا إلى الأفعال وليس «الكلام المعسول». وأشار إلى أنه تراجع عن مقاطعة الانتخابات البرلمانية في بلاده: «سأترشح من جديد، لأن المرحلة اختلفت، وصوت المعارضة لم يخف وإنما موجود، ولكنها أوقفت عملها الميداني منذ بدء عاصفة الحزم، تأييداً لها ودفعاً للاستقرار». وتحدث الدقباسي عن الدعم الإيراني لـ«داعش»، وقال إن التنظيم يستهدف السعودية على وجه الخصوص، وكذلك عن توقعاته للأزمة السورية، وعن العمل البرلماني العربي وتجربته السابقة، وعن التطلعات والحقوق للشعوب الخليجية مع تصاعد الأزمات الأمنية في المنطقة... فإلى نص اللقاء:
> خضتم تجربة رئاسة البرلمان العربي، كيف كانت؟ وهل من صوت مسموع للمجلس؟
- تجربتي في البرلمان العربي كانت حلماً، وأعتقد أن نظامه وتشكيله الأساس يمكّننا الآن من تحقيق الحلم على غرار البرلمان الأوروبي والأفريقي، بحيث يدفع المنظومة العربية المشتركة إلى الأمام، لأن العمل العربي المشترك - مع الأسف - يعاني من تدهور وتخلف واضطراب، وعدم القدرة على الوصول إلى الأهداف التي يريدها، والبرلمان - بحسب تجربتي - قادر على الوصول لكنه يعتمد على أعضائه إن كانوا فاعلين فإن لديهم الفرصة الجاهزة، وما زلت مؤمناً بهذه التجربة، وبتحقيق الأهداف المشتركة لإنعاش العالم العربي وتحقيق تطلعات الشعوب المقهورة في ظل غياب عمل الجامعة العربية.
> كيف تنظرون إلى الوضع السياسي في المنطقة في ظل التشرذم العربي؟
- الوضع السياسي والأمني في ظل اللخبطة (الفوضى) أرى أنه مخترق من العدو الصهيوني وكذلك من إيران، وهذا واضح للعيان للجميع في لبنان والعراق وسورية وحتى اليمن، وكل المحاولات قائمة لزعزعة الأمن الخليجي، وأعتقد أن المملكة ودول الخليج تقوم بدور كبير للحفاظ على ما تبقى من الهوية العربية، ويبذلون جهداً كبيراً، ونحث العالم الإسلامي والعربي على دعم منظومة التعاون الخليجي، لأنها تقوم بدور الجامعة العربية مع الأسف، التي هي والعدم سواء، وأن مواقفها لا تلبي طموحاتنا العربية.
> الكويت استضافت مشاورات السلام اليمنية لأشهر، وسجلت الفشل، هل ترى أن الحديث عن السلام انتهى، وأنه لا حل إلا الحل العسكري؟
- مشاورات السلام ولدت ميتة قبل أن تبدأ، لأن الحوار ليس مع المخلوع والحوثي، وإنما مع إيران، والسياسة الإيرانية هذه كانت لزعزعة الأمن، والمشاورات كانت تخطيطاً لالتقاط الأنفس، ولم تكن هناك جدية من المخلوع والحوثي في الوصول إلى حل سياسي، وأنا لا أحبذ إنصاف الحلول، بحيث إنه لا بد من الحل العسكري، ونحن متضامنون كامل التضامن مع قيادتنا في مواجهة الأخطار التي تحدق بأمننا القومي وتوجه ضد شعوبنا، ولذلك ما تتوصل إليه القيادة السياسية في البلاد يجب أن نكون خلفه، لأننا في مرحلة نكون أو لا نكون.
>العلاقات الخليجية - الإيرانية ما هو مستقبلها؟ وكيف قرأت قطيعة الرياض لطهران بعد أعوام من العبث الإيراني في المنطقة؟
- مستقبل العلاقات الخليجية مع إيران حقيقة لا يزال مظلماً، ولا يكفي عسل الكلام من الجانب الإيراني، وإنما نريد أفعالاً على الأرض تضمن حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وكف الأذى عن الوطن العربي والإسلامي، لأن السياسة الإيرانية واضحة في المنطقة، ونحن نتأسف من تخاذل المجتمع الدولي في كبح جماح العبث الإيراني.
والأكيد أن مستقبل العلاقات مظلم ما لم يكن هناك تغيّر جذري على الأرض، لأننا في دول الخليج لم تصدر عنا أية اعتداءات على الجانب الإيراني، ومع ذلك للأسف قوبلنا بخلايا للتجسس وإدخال متفجرات ومحاولات للعبث.
> ماذا عن سورية، هل من حل قريب لأزمتها الطاحنة؟
- الأزمة السورية مشكلة، لأنها أصبحت ورقة تستخدم سياسياً وفي الصراعات الدولية، ومع الأسف المؤسسات الأممية والتي تتحدث عن ضمانات حقوق الإنسان كان موقفها سلبياً جداً تجاه الشعب السوري.
أعتقد أن المعارضة السورية المفككة أصلاً تتحمل جزءاً من المشكلة، بعدم وجود أجندة وطنية لها ترغم العالم عليها (...)، ونعم سيكون هناك حل للشعب السوري، بسبب أنه لا يزال صابراً ويقاوم آلة القتل والعدوان بجلد، وربنا سيفرحنا بحريته واستعادة بلاده من محاولات التمدد الفارسي في المنطقة.
> كيف رأيت ملاحقة النيابة العامة الكويتي للنائب عبدالحميد دشتي، والطلب من «الإنتربول» القبض عليه؟
- دشتي الكل يعرف أن هناك طلباً من «الإنتربول» بالقبض عليه، وتصريحاته لا تمثل الشعب الكويتي، لأننا نحتفظ بكل ود لدور السعودية ودول الخليج صاحبة الموقف الذي لن ننساه، ونطالب باتخاذ الإجراءات لحفظ مصالح الكويت، وهذه التصريحات لا تعبّر عنا، وإنما تغضبنا، ونحن مع رد الوفاء لأهل الوفاء.
> «داعش» من هو؟ ومتى سيختفي؟
- «داعش» هو أداة من أدوات تعمل على ضرب التضامن العربي والإسلامي، خصوصاً دول الخليج العربي، وعلى وجه الخصوص السعودية، ومع ذلك سيفشل، لأن حقيقة الأمر مكشوفة لإثارة التطرف في المنطقة، وليس لدي شك في أنه مدعوم من العدو الصهيوني وكذلك إيران، والدليل أنه لم يتم القبض على أي شخص من قياداتهم، لأنه ليس لديهم عمل واضح، وهو من أدوات الضرب لأمننا واستقرارنا.
> ماذا عن الرؤية لعمل المنظومة الخليجية حالياً؟ وهل مقترح الاتحاد الخليجي أصبح ملحاً؟
- الاتحاد الخليجي أصبح ضرورة ملحة في ظل التهديد والتوتر وما يدور في المنطقة، ويجب أن يكون مبنياً على أسس ومصالح اقتصادية وسياسية ومراعاة كل خصوصية، لأن الكيانات الصغيرة أصبحت تواجه الإيذاء وإلحاق الضرر بمصالحها.
وآن الآوان باتخاذ خطوة إلى الأمام لتطوير المنظومة الخليجية، تحقيقاً لمصالحنا القومية وحفاظاً على هويتنا الوطنية، ونقولها متأسفين إنه لم تعد هناك منظومة عربية حقيقية تعمل على الأرض بقوة سوى مجلس التعاون، على رغم أن عملها ليس بمستوى طموحاتنا، ولكنها الوحيدة التي تعمل، ونأمل لها بالاستمرار والتقدم، ومن ينتقدها إما أن يكون محباً يأمل بالتطوير، أو كارهاً لنجاح المنظومة التي أسهمت في تحقيق الأمن للدول الأعضاء وهذا المجلس، الذي تحمّل مبادرات كبيرة مثل مبادرة الخليج في اليمن وغيرها من المصالح العربية، لكننا نحتاج إلى أن يتطور ويراعي مصالح الأمة بشكل أكبر.
- مسألة الحقوق والتطلعات في الدول الخليجية، البعض يقول إنها غابت بفعل الأحداث الأمنية المتلاحقة؟
- الحقوق الخليجية لم تغب، وإنما هناك أولوية، والأمن أولوية، لأننا نتعرض لأعمال عدائية مباشرة، من إرهاب وتجسس وإدخال متفجرات، وبالتالي مسألة الحقوق ستكون موجودة، ولا بد من أن نتطور، تحقيقاً لطموحاتنا، لكن بفعل الأحداث الأمنية أصبحت الأولويات مختلفة، بمعنى التهديد لدول مجلس التعاون يفرض علينا التركيز على الملف الأمني، وهذا المقصود به ضرب أمن مجلس التعاون على كل الأصعدة، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، كونه يريد ضربنا في الداخل.
> هل ترشحك للانتخابات المقبلة في مجلس الأمة الكويتي دليل على أن المجلس الحالي لم يفِ بتطلعات الشعب الكويتي؟
- سأترشح للبرلمان، ولديّ النية، ومقاطعة الدورات الماضية كانت التزاماً مني مع التحرك الشعبي، الآن المقاطعة نجحت، ولكن المرحلة اختلفت، ولا بد من المشاركة بفاعلية في مجلس الأمة، بسبب أنه لم يعد هناك خيار إلا هذا، لأن الحراك الوطني أصبح غير ممكن، مع إقراري بحق الشباب (...)، ونحن في الكويت اليوم لدينا خلايا نائمة ومتفجرات وقضايا أمنية، وبالتالي أمن بلدي يحتم عليّ المشاركة بالفاعلية، وأنا ملتزم بالخط الوطني في الدفاع عن الحريات والمصالح الوطنية والحقوق والأموال للمواطن، بحسب القسم الدستوري.
> وماذا عن رؤيتكم لأداء المجلس؟
- تصوري لمجلس الأمة أنه دون طموح المواطنين، وهناك نقد شعبي شديد له، ولديه عجز في دوره الرقابي، ونأمل بأن يكون المجلس المقبل محققاً لتطلعات آمال الشعب الكويتي وطموحاته في الحفاظ على حقوقه وإيجاد أجندة وطنية والمحافظة على الحريات والمصالح الشعبية، والوصول إلى الأهداف التي جاءت ببيانات الحكومة.
> لماذا اختفى صوت المعارضة الكويتية؟
- صوت المعارضة لم يخف وموجود، ولكن لكل مرحلة أنشطة، وأعتقد أن التهديدات الأمنية للكويت هي التي تتطلب نوعاً من المراعاة، بدليل أن المعارضة الكويتية أوقفت عملها الميداني، تضامناً مع عاصفة الحزم ودفعاً باتجاه الاستقرار في المنطقة.
> كيف تلقيت الانتقادات التي وجهت إليك، بعد الاستقالة من «حشد» والتراجع عن مقاطعة الانتخابات البرلمانية؟
- الانتقادات التي توجه إليّ عمل طبيعي وأرحب بها، لكن الاستقالة تبقى خياري، ولن أتراجع عنها، ومستمر بما أعتقد أنه يحقق مصلحة بلادي وولائي الكامل لله، ثم للوطن ثم للأمير، والانتقادات تبقى طبيعية والاحترام الكامل لمن أيد أو عارض توجهاتي السياسية.
التعليقات