شملان يوسف العيسى

يؤدي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب اليمين الدستورية في 20 من الشهر الحالي، وبذلك سيصبح الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة...

السؤال: كيف سيتعامل الرئيس الجديد مع دول الشرق الأوسط، خصوًصا أن التصريحات والمواقف التي اتخذها في الحملة الانتخابية تشير إلى تغيرات جذرية في السياسة الأميركية... وقد جرت العادة أن يلتزم الرئيس المنتخب بآلية اتخاذ القرار من خلال المؤسسات الرسمية الأميركية التي تشمل في العادة الرئيس ومستشاريه للأمن القومي ووزارتي الخارجية والدفاع وكذلك الكونغرس وجماعات الضغط ومراكز البحوث المتعددة في الجماعات وغيرها... كما يتأثر الرئيس قبل اتخاذ قراره بالرأي العام الأميركي وما تطرحه الصحافة وأهل الرأي وغيرهم من وسائل الاتصال الجماهيرية الجديدة؟

هنالك تخوف في كل أرجاء العالم من تغير السياسة الأميركية في عهد الرئيس الجديد ذي المزاج المتقلب... كل الكتابات تركز على شخصية الرئيس ترامب وأهم سماته الشخصية وتوجهاته واقتناعاته، لأنها في النهاية ستؤثر في مسار السياسة الأميركية تجاه منطقتنا.

ما المواقف التي سوف يتخذها تجاه مشكلات المنطقة سواء في سوريا أو العراق أو اليمن أو ليبيا أو غيرها؟ وما سياسته تجاه الإرهاب؟ وهل سيلتزم الرئيس بالتصريحات التي أطلقها إبان فترة الحملة الانتخابية؟ الرئيس ترامب من خلال تصريحاته ينوي إجراء تغييرات كثيرة في توجهات السياسة الأميركية في العالم باتجاه الانعزال ورفض مفهوم العولمة والتجارة الحرة الذي روجت له الولايات المتحدة لفترة طويلة... هل سياسة العزلة ورفض العولمة واتفاقيات التجارة الحرة تصب في مصلحة دول المنطقة أم تتضرر منها؟

تاريخًيا دول المنطقة تربطها بالولايات المتحدة علاقات تاريخية طويلة ومعقدة، فالولايات المتحدة لديها مصالح سياسية واقتصادية وتجارية وثقافية بالمنطقة، ويحرصقادتها على حماية مصالحها في المنطقة، ومنها النفط وحماية إسرائيل وتعزيز الديمقراطية والاستقرار السياسي... الأمر شبه المؤكد أن الرئيس ترامب ربما يعيد النظر في سياساته تجاه دول الخليج، إذ صرح بأنه «لن تكون هناك حماية مجانية للسعودية ودول الخليج الأخرى».

نحن متأكدون أن المسؤولين في الخارجية الأميركية ومجلس الأمن القومي سيوضحون للرئيس أن الأمور أكثر تعقيًدا مما يتصور، فالولايات المتحدة لديها قواعد في مناطق العالم كلها، ومن أهمها القواعد الأميركية في اليابان وكوريا الجنوبية... فالعلاقة مع هذه الدول تقوم على مبدأ تبادل المصالح... والتعاون الأميركي العسكري مع دول الخليج الغرض منه خدمة المصالح الأميركية ولا يمكن التخلي عنها بسهولة.

ماذا عن موقف ترامب من قضية الإرهاب في المنطقة، حيث أعلن ترامب أن احتواء انتشار «التطرف الإسلامي» هو أحد أهم أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة؟! فالرئيس الجديد أعلن أن الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003 كان السبب في ظهور تنظيم داعش واعتبر الانسحاب الأميركي من العراق عام 2011 كان خطأ كبيًرا من جانب أميركا، لأنها لم تترك أي جندي في العراق... دول الخليج العربية تتوافق رؤيتها مع رؤية الرئيس الجديد... ومطلوب من دول الخليج التأكيد على أميركا بأن استقرار العراق جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة، فالرئيس الجديد وعد بمواجهة إيران ومنع امتداد نفوذها في المنطقة.

هنا مطلوب من دول الخليج حث الإدارة الأميركية على تنفيذ مفاهيم حقوق الإنسان في العراق، خصوًصا أن ميليشيات الحشد الشعبي الطائفية المدعومة من إيران ترتكب جرائم ضد السنة والمسيحيين والإيزيديين وغيرهم من الأقليات.

دول الخليج تتفق مع الرئيس في توجهاته واهتمامه باحتواء انتشار جماعات التطرف الإسلامي... لكن ما نحتاج إليه هو توضيح أهدافه ورؤيته الخاصة، وأن اتهام المسلمين كلهم بالتطرف والإرهاب أمر يحتاج إلى توضيح، وإعلان ترامب أنه سوف يأمر القوات المسلحة الأميركية بقتل عائلات الإرهابيين يدل على ضحالة وعدم عمق تفكيره. 

فالإرهابيون في تنظيم داعش ينتمون لعشرات الدول، فمنهم الخليجيون والعرب والمقاتلون الأجانب... كيف يمكن التعرف عليهم؟ ومن قال إن عائلات الإرهابيين يدعمون العمليات البغيضة التي يقوم بها أبناؤهم؟!... الرئيس ترامب هاجم إدارة أوباما لأنه لم يفعل الكثير في محاربة الإرهاب واتهمه بأنه المسؤول عن انتشار «داعش» في العراق (الإدارة الأميركية شاركت في قصف أماكن الإرهابيين في العراق وسوريا واليمن... لكن لم تحقق الهدف منها)... السؤال: هل الرئيس الجديد ينوي إرسال قوات برية لكي تشارك في محاربة «داعش» في كل من العراق وسوريا؟ هذا أمر مستبعد. ترامب لم يطرح رؤيته الاستراتيجية لمحاربة الإرهاب ولم يوضح الآليات المطلوبة لتحقيق ذلك.

وأخيًرا ماذا يمكن للعرب عموًما، وأهل الخليج تحديًدا، فعله لمواجهة السياسات الجديدة للولايات المتحدة؟... العرب في وضعهم الحالي لا يستطيعون أن يشكلوا ضغًطا على الإدارة الأميركية، لكن يمكن لدول الخليج إذا وحدوا سياساتهم التخفيف من آثار السياسات الأميركية الجديدة في المنطقة.