جيري ماهر

اتصلت بـ"توم حرب"، أحد المقربين من الإدارة الأميركية، وهو مدير التحالف الأميركي شرق أوسطي للديمقراطية، وهو من أكبر الداعمين للرئيس دونالد ترمب خلال حملته الانتخابية، وتحدثنا بعد تنصيب ترمب رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، وسألته عن الخطوات القادمة في السياسة الخارجية للرئيس، خصوصا لجهة إيران، وحزب الله الإرهابي والحوثيين والنظام السوري.
تحدث حرب عن اتجاه الرئيس الأميركي إلى خيارين أحلاهما مر على نظام الملالي في إيران، الأول هو إلغاء الاتفاق النووي، والثاني تعديل هذا الاتفاق الذي يراه دونالد ترمب فارغا تماما وقدم خدمات لإيران، بينما هي لم تقدم في المقابل أي شيء للمجتمع الدولي أو الدول العربية القريبة منها، التي عانت كثيرا من تدخلات طهران في شؤونها الداخلية، خصوصا البحرين ولبنان، وسورية والسعودية واليمن!
إن الإدارة الأميركية وضمن خطتها لتعديل الاتفاق النووي مع إيران فإنها ستطلب من الأخيرة وقف تقديم السلاح والمال للتنظيمات الشيعية الإرهابية كحزب الله اللبناني والحوثي في اليمن والميليشيات الشيعية الأفغانية والعراقية والإيرانية المقاتلة في سورية إلى جانب النظام.
وتدرك إدارة ترمب أن الدول الأوروبية التي شاركت في التوقيع على الاتفاق ستجد نفسها ملزمة بإلغاء الاتفاق أو تعديله كي لا تتعرض لأي مواجهة مع اليمين الذي تزداد شعبيته بشكل أسرع في الاتحاد الأوروبي ويعتبر من أكثر الرافضين لأي اتفاقات مع إيران دون الحصول على مقابل واضح يؤدي إلى تحجيم نفوذها ووقف تمدد ميليشياتها الطائفية التي تسببت بتهجير آلاف السوريين والعراقيين باتجاه الاتحاد الأوروبي بعد المجازر التي ارتكبتها هذه المجموعات في سورية والعراق.
سيكون أهم بند يتم تعديله في الاتفاق النووي مع إيران هو قطع الدعم بشكل كامل عن حزب الله والحوثيين، وعدم إيصال المال والسلاح إليهم تحت أي ظرف!
يعتبر الرئيس دونالد ترمب المملكة العربية السعودية حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة الأميركية، ولن يتخلى عن دعمها في المرحلة القادمة، والعمل معها على محاربة الإرهاب في اليمن وسورية، والوصول بهما إلى بر الأمان والسلام. 
إن من تابع الأخبار مؤخرا لمس تغيرا في خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو تجاه إيران وسورية وهو الذي يعلم جيدا أن سياسة ترمب تلتزم خطا داعما لإسرائيل ومحجما لإيران وحلفائها، فوصف نتنياهو لبشار الأسد بالسفاح ورفع وتيرة الخطاب مع النظام السوري لم يأتيا من فراغ، بل من معلومات أكيدة أنه وفي القريب العاجل سيكون هناك تحرك لإدارة ترمب ينهي النظام ويسهم في نقل السلطة إلى نظام جديد يرضى عنه الشعب السوري.
يقول توم حرب إن ترمب سيدعم تحركات عسكرية ضد إيران وميليشياتها والنظام السوري، ولكن دون تدخل الجيش الأميركي مباشرة، بل سيعتمد على الجيوش العربية والفصائل المقاومة في سورية واليمن، مما سيعطي هؤلاء شرعية وثقة أكبر من قبل الشعوب العربية التي لن تعتبر تدخل هذه الجيوش تدخلا أجنبيا أو احتلالا، بل سيتم استقبالهم ودعمهم ومساعدتهم في فرض الأمن والنظام على المناطق التي يدخلونها.
الإدارة الأميركية تريد نقلا للسلطة في سورية من الأسد إلى مجلس عسكري مكون من الجيش النظامي السوري، والجيش الحر يكون له دور بحماية وتأمين المناطق الآمنة في المحافظات السورية، ودعم هذا المجلس من قبل الإدارة الأميركية سيعتبره النظام وحلفاؤه، خصوصا، إيران تدخلا في شؤون داخلية، مما سيخلق حالة من المواجهة بين أميركا والأسد لتتدخل روسيا وتعمل مع الإدارة الأميركية والعرب في تحالف يعزل إيران تماما، ويؤمن الطريق لنقل السلطة في سورية إلى مجلس عسكري ومعارضة تنجز دستورا يرضي فئات الشعب السوري بكافة اتجاهاتهم، حيث إن إدارة ترمب تعلم جيدا أن محادثات أستانا لن تصل إلى أي نتيجة، ولن تسهم في حل الأزمة السورية، وهذا أحد أسباب تخفيض حجم مشاركة أميركا ومقاطعتها من قبل دول أخرى.
إن المراقب للأحداث يجد أن الإيرانيين يحاولون تثبيت نفوذهم في سورية اقتصاديا وسياسيا، ويعتبر مستشارو ترمب أن هذه التحركات السريعة ستوقعها في أخطاء وصدامات سريعة مع الجانب الروسي وحتى النظام السوري نفسه، ولكن ما سيقضي تماما على تحركات إيران هو السياسة الأميركية التي سيتبعها الرئيس ترمب وإدارته، والتي ستظهر نتائجها خلال سنة من تنصيب ترمب.
لا يخفي توم حرب معلومات أكيدة عن نية إدارة ترمب عبر التحالف الدولي استهداف حزب الله في سورية، فالرئيس الأميركي يرفض أن يتم التعامل مع الإرهاب بمكيالين على أسس إضعاف جهة وتقوية جهة، ويرى أنه يجب استهداف حزب الله كما يتم استهداف تنظيم داعش الذي لا يختلف كثيرا عن الحزب وسياسته غير المعلنة لجهة إنشاء دولة إسلامية والعمل تحت قيادة مباشرة من الولي الفقيه، وربط الدول التي يتم السيطرة عليها بما يسمى بالجمهورية الإسلامية في إيران!
لقد قالها الرئيس ترمب في اجتماعات له مع مستشارين له بشكل واضح: نحن لن نكون في سورية لتقوية حزب الله على حساب المجموعات الإرهابية الأخرى.
ويضيف حرب أن إدارة ترمب ستستمر بدعم الفصائل الكردية في محاربة داعش، ولكنها لن تسمح لها بإنشاء دولة على الحدود السورية التركية فهذا غير مقبول أميركيا.
أما بالنسبة للداخل الأميركي والمظاهرات التي انطلقت عقب تنصيب ترمب رئيسا، فيقول توم حرب إنها بلا عنوان واضح ولا مضمون، فماذا يريد المتظاهرون؟
المظاهرات في أميركا وغيرها من الدول ليست ذات أهمية ولو كان حجم وقوة من تظاهر قويين فعلا فلم وصل ترمب نفسه إلى البيت الأبيض، ولكن التظاهرات اليوم هي ضد برنامج ترمب، وليست ضد شخص ترمب نفسه، فالجهات التي تحرك المتظاهرين تريد الحفاظ على العولمة الدولية، بينما ترمب يحاول إعادة النظر في هذه السياسة، حيث يريد إعادة الصناعة إلى أميركا، والسماح بالتبادل التجاري، والقضاء على التجارة الحرة مع الصين والمكسيك وغيرهما من الدول. ولقد دخل على خط المظاهرات، خصوصا في أوروبا، مقربون ومتعاطفون مع الإخوان المسلمين واللوبي الإيراني الداعم للملالي، والذي كان مسيطرا بشكل أو بآخر على سياسات باراك أوباما سابقا، بسبب علمهم أن إدارة ترمب ستتخذ خطوات تصعيدية تضع الإخوان على قائمة التنظيمات الإرهابية، والقضاء على الحلم الإيراني بالتمدد داخل الدول العربية، وإعادة أمجاد إمبراطورية بائدة على حساب أمن الدول العربية وسيادتها ووحدتها.