جهاد الخازن

كاتبة في جريدة أميركية كبرى كان عنوان مقالٍ لها: دونالد ترامب رئيسنا. تعالوا نُصلِّ. كاتب آخر في الجريدة نفسها قال: في نهاية الأسبوع هذا أميركا تستطيع أن تستفيد من أكبر قدر من الصلاة.

لم يبقَ للأميركيين سوى أن يصلوا لتمرّ ولاية ترامب بسلام.

ترامب أصر على أن الذين شاركوا في الاحتفالات بتنصيبه كانوا ملايين الناس، غير أن كل إحصاء قرأته قال إن الأعداد كانت محدودة، وإن تظاهرات النساء في الولايات المتحدة وحول العالم يوم السبت الماضي ضمت أضعاف أعداد المشاركين في احتفالات اليوم السابق. مليون امرأة تظاهرن في واشنطن وحدها مع أنصار لهن. وكانت هناك تظاهرات في 60 مدينة أخرى حول العالم.

ترامب يكذب ومساعدة له قالت إنه يقول «حقائق بديلة». لا بديل للحقيقة سوى الكذب. هو لا يعرف أن يسكت لينجو، وإنما هو هاجم أجهزة الاستخبارات الأميركية لأنها اتهمت روسيا بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية. في خطاب تنصيبه رئيساً، قال الرئيس الأنيس إن روسيا ربما تدخلت في الانتخابات إلا أنه عاد في الخطاب نفسه وقال إن دولاً أخرى ربما تدخلت. هو يحاول أن يدين الصين، منافسة بلاده حول العالم اقتصادياً، إلا أن التهم عادة ما ترتدّ عليه.

ترامب قال مفاخراً إنه لم يحدث من قبل أن رئيساً أميركياً احتفل بتنصيبه عند نصب لنكولن في العاصمة واشنطن. وجاءه التصحيح سريعاً فالرؤساء باراك اوباما وجورج بوش الابن وبيل كلينتون كانت لهم حفلات غنائية عند نصب لنكولن. وكان هناك مَنْ ذكّر الرئيس الجديد بأن مغنين «تيرسو» شاركوا في حفلته، أما في حفلات الرؤساء السابقين فكانت هناك بيونسي وبربارة سترايسند وبروس سبرنغستين وستيفي ووندر.

أذكر ولا بد أن كل قارئ يذكر معي حملات ترامب على أجهزة الاستخبارات في بلاده. هو هاجم 17 جهاز استخبارات قررت أن روسيا تدخلت في انتخابات الرئاسة. غير أن ترامب زار مقر وكالة الاستخبارات المركزية بعد تنصيبه رئيساً وامتدح عملها، وشكر العاملين فيها وقال إنه يكنّ لهم كل احترام. هو قال قبل يومين إنه سيبني سوراً مع المكسيك فألغى رئيسها زيارة لواشنطن، وقال ترامب كذباً إن الإلغاء اتفق عليه الرئيسان. ثم أعلن أنه فاز بجوائز لحماية البيئة وتبيّن أنه كذب مرة أخرى ولا جوائز عنده.

أهم مما سبق أن مرشحين كباراً لشغل مراكز عليا في إدارته أنكروا تصريحات له أو تنصلوا منها، وهم أمام الكونغرس للموافقة على تعيينهم. بين أول تواقيع ترامب على قرارات رئاسية كان توقيعه على الانسحاب من الشراكة عبر الأطلسي، وقبله توقيعه على مشروع قرار سيعني إلغاء برنامج الرعاية الصحية، كله أو أكثره، مع أنه يضمن رعاية لحوالى 20 مليوناً من فقراء الأميركيين، وقرار آخر ضد مقاومة ارتفاع حرارة الطقس. لم أسمع بعد تأييداً للقرارات من المرشحين لأعلى المناصب في إدارته. أيضاً كان ترامب أعلن أنه يؤيد تعذيب السجناء بتهمة الإرهاب، وتحدث تحديداً عن تهديدهم بالغرق. النائب مايك بومبيو، المرشح لرئاسة سي آي أي، قال لأعضاء مجلس الشيوخ الذين استجوبوه إنه لا يوافق على تهديد السجناء بالموت غرقاً. هو طلب تحقيقاً في تزوير انتخابات الرئاسة. هو «التزوير» قبل غيره.

ريكس تيلرسون، المرشح وزيراً للخارجية، وجيمس ماتيس الذي قـُبِل ترشيحه وزيراً للدفاع، انتصرا بوضوح لحلف شمال الأطلسي في وجه تهديدات ترامب للأعضاء.

قلت في السابق وأقول اليوم إن عندنا مثل قديم يقول: «إذا كنت كذوباً فكن ذكوراً». ترامب يكذب وينسى، ويصحح أو ينكر، ثم يعود الى الكذب. صدقية الرئيس، خصوصاً رئيس الولايات المتحدة، أهم شيء في عمله. لكن يبدو أن ترامب لم يسمع بها أو سمع ونسي.