خالد الطراح

 بعد نشر معهد هودسون الاميركي مقالا لمحلل بالعلاقات الدولية نيت سيبلي، وهو شخصية برزت كباحث سابق في مجلس العموم البريطاني.
استطاع الكاتب ربطه بكل ما يرتبط بالفساد، سواء كان ماليا او سياسيا في العالم ككل، وبمعنى ادق من ناحية قانونية الاثراء غير المشروع من خلال الاستيلاء على المال العام لتكوين ثروات خاصة عادة تكون لجماعات او افراد متنفذين وليس لكل افراد المجتمع، فالفساد لا يمكن ان يكون هدفا شعبيا، وانما ينتشر الفساد نتيجة نفوذ مجاميع سياسية او اقتصادية في التكسّب غير القانوني، وهي جريمة من جرائم المال العام في العالم ككل.
انبثقت فكرة الكاتب من خلال طرح تساؤلات سياسية حول مسؤولية الولايات المتحدة الاميركية في التعامل مع العدد المتعاظم للفساد في العالم، لا سيما في انظمة دول العالم الثالث وأنظمة اوروبية وآسيوية ايضا بناءً على الوثائق المعروفة بوثائق بنما التي انتشرت اعلامياً من خلال مصادر قانونية وإعلامية، حيث تناولت الوثائق معلومات وبيانات حسابات وأرصدة منسوبة الى سياسيين كوّنوا ثروات، وصفت بأنها غير مشروعة، في وقت نفى بشكل مباشر من وردت اسماؤهم في وثائق بنما عدم صحة البيانات!
الباحث الاميركي سطر كثيراً من الامثلة على الفساد في دول آسيوية وشرق اوسطية ايضا واستشراء حجم الفساد فيها، شارحا ان «النظم الاستبدادية» هي الاكثر احتضانا للفساد والتي تعتبر وقودا لانتشار الفساد وتنوعه، فيما حمّل الكاتب واشنطن «مسؤولية الشراكة في انتشار الفساد» في العالم واعتبره شكلا من اشكال الفشل في عدم دعم بسط الرقابة الدولية وهو «تحدّ قومي لأميركا»!
من المؤشرات التي استخدمها الباحث في مقاله مؤشر يعرف بمؤشر الدول الهشة FRAGILE STATES INDEX التي صنفت الكويت بالمرتبة الــ 126 بعد دول شقيقة كالإمارات وقطر، وسلطنة عمان!
المفارقة اللافتة ان يتم تصنيف الكويت ضمن مؤشرات عدة، سواء مؤشرات مدركات الفساد او الديموقراطية او حتى السعادة ضمن مواقع متراجعة جدا، في حين الكويت يفترض ان تتميز دون غيرها من دول خليجية وعربية وأجنبية في اختلاف سياسي، حيث ان للكويت دستورا مكتوبا، وهي من الانظمة التي كانت محل متابعة من قبل مراكز البحث العالمية، نتيجة ما تتمتع به الكويت وشعبها من نظام ديموقراطي، كان لها درعا وسندا في كسب الدعم الدولي ابان محنة الغزو في 1990.
ملف الفساد في الكويت ليس محل جدل، فالفساد تجذر في معظم مؤسسات الدولة الى درجة فشل هيئة مكافحة الفساد بدورها ودخولها دهاليز البقاء والدفاع بشتى الطرق، حتى يحافظ من يسعى على وظيفته وليس هدف مكافحة الفساد!
الامر لا يحتاج للاجتهاد في الاجابة، فالأسباب معروفة، لكن مبررات تراجع دولة الدستور بهذا المستوى تثير تساؤلا مشروعا في مدى تأثير الفساد على ما يسمى «رؤية كويت جديدة 2035» والتنمية المستدامة المزعومة!
لا أتوقع ردّا من الامانة العامة للتخطيط او الحكومة، فانشغالهما بحلم التنمية وكويت جديدة يعفيهما من الاجابة، حيث لا يعقل ان يتفرّغا لمثل هذا الملف، في حين هناك احلام اهم بكثير من الفساد، خصوصا ان التنمية المستدامة لا تتأثر بالفساد!
ورد خطأ في مقال الأمس «مؤامرة من الداخل» أن الحزب الحاكم في بريطانيا هو حزب المحافظين وليس حزب العمال، لذا اقتضى التنويه والاعتذار.